أدلى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، يوم أمس الإثنين، بتصريح صحفي غير متوقع فيما يشبه البلاغات الرسمية، ليعلن عن عدم رضا الولاياتالمتحدة على الحكم الذي صدر في حق الصحفي سليمان الريسوني المدان بخمس سنوات نافذة، وجاء أول تعليق لمسؤول مغربي بتوقيع محمد صالح التامك المدير العام للسجون، لم يوقعها بصفته الرسمية وإنما بصفته دبلوماسيا سابقا، كما يقول. وقال محمد صالح التامك، اليوم الثلاثاء: "لا يسعني بصفتي مواطنا مغربيا ودبلوماسيا سابقا إلا أن أعرب عن استيائي وصدمتي الكبيرين جراء التصريح المهين الذي أدلى به الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية بخصوص العدالة المغربية وحرية التعبير، وما كان لهذا التصريح من مس بكرامتي وبكرامة المغاربة قاطبة". ثم تساءل: "بأي حق تجرؤ على حشر أنفك في قضية جنائية مغربية صرفة رائجة أمام القضاء تخص مواطنا مغربيا لقيت عناء في تهجي إسمه، وتذهب إلى حد إعطاء الموعظة والدروس للمغاربة؟"، مضيفا "كيف تغتر فتسمح لنفسك بالحكم على ما هو مطابق أو مناف للدستور المغربي؟ وكيف تجرؤ على التمييز بين المغاربة تعلي من شأن بعضهم وتنتقص من قيمة آخرين كما هو الشأن بالنسبة للضحيتين آدم وحفصة؟". وتابع: "هل الأمريكيون الذين يتعرضون للاعتداء الجنسي ذكورا كانوا أم إناثا، هم أعلى شأنا وأكثر آدمية من نظرائهم المغاربة؟ لماذا إيلاء كل هذا الاهتمام لهاتين القضيتين اللتين خيض فيهما طويلا داخل المحاكم وفي الإعلام؟ و كم كتب هذان الصحفيان من مقالات وأجريا من تحريات طالتها يد الرقابة؟ وما السر في حرص وزارة الخارجية على عدم إثارة ما يحدث حاليا في الجزائر أو ما حصل في جنوب إفريقيا خلال الآونة الأخيرة؟". وزاد قائلا: "لماذا كل هذا التكالب على المغرب في الظرفية الراهنة؟ أليس هذا تحيزا صارخا وغير مبرر لشرذمة من المتطرفين الإسلاميين واليساريين همهم الواحد الأحد هو خلق البلبلة والجلبة، وذلك على حساب الغالبية العظمى الصامتة من المغاربة؟". وأضاف في ختام رده المكتوب: "على ضوء هذه الأسئلة العالقة، أود أن أعرب عن عميق قلقي بشأن الموقف الذي اتخذه الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية وأتمنى صادقا أن يكون تصريحه نوتة نشاز، وإلا فإن مجازفته هذه لا تبشر بالخير بالنسبة لمستقبل العلاقات الأمريكية المغربية".
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلق فيها المدير العام للسجون في المملكة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكة، إذ سبق وأن راسل إدارة جو بايدن للتنبيه إلى خطر البوليساريو على استقرار المنطقة، كما انتقد في مقال رأي موقف واشنطن خلال جلسة مجلس الأمن في أبريل الماضي والتي تضمن جدول أعمالها ملف الصحراء.
ويذكر أن نيد برايس، الذي قبل أسبوع قال عبارته القوية عن الاعتراف بمغربية الصحراء: "لا تغيير"، هو نفسه الذي قال اليوم في تصريح صحفي مباشر لم يسبقه أي سؤال بل جاء بصيغة إعلان أو بلاغ يمثل موقف الإدارة الأمريكية: "إن الولاياتالمتحدة تشعر بخيبة أمل بعد الحكم بالسجن على سليمان الريسوني لمدة 5 سنوات".
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية: "الإجراءات القانونية التي أدت إلى هذا الحكم تتعارض مع الوعود التي قدمها دستور 2011 وجدول أعمال الإصلاح لصاحب الجلالة محمد السادس. يجب على المغرب أن يضمن أن الصحفيين يمكنهم العمل دون خوف. نحن نراقب هذه الحالات عن كثب مثل عمر الراضي ... لقد تحدثنا إلى الحكومة المغربية وسنواصل القيام بذلك. "
وقد تباينت ردود الفعل داخليا حيث اعتبر البعض هذه التصريحات تدخُّل في السيادة الوطنية، واعتبر مراقبون أن ما جاء على لسان نيد برايس هو ترجمة للتغريدة التي نشرها وزير الخارجية أنطوني بلينكن حول ما دار بينه وبين نظيره المغربي ناصر بوريطة في روما، حيث ركز على أنهما تباحثا الوضع الحقوقي في المملكة وحرية الصحافة.
ويرى مراقبون أن إدارة الرئيس جو بايدن عكس سابقتها بقيادة دونالد ترامب، تضع حرية الصحافة وحقوق الإنسان على رأس أولويات سياستها الخارجية مع دول العالم.