لم يبل بلاغ الأمانة العامة لحزب ابن كيران عطش المراقبين والمتتبعين لأشغال اجتماع الأمانة العامة للحزب الذي أصبح بيده حل وتعقيد أمر فريقه الحكومي، وزاد الأمر غموضا وهو ما يعتبر مكونا أساسيا للعبة السياسية بالمغرب، أقصد تزكية الضبابية التي تجعل الحقل السياسي مريضا بالتكهنات والتوقعات، فقد نوه بالرسائل السياسية الواضحة في البيان الختامي للمجلس الوطني الاستثنائي لحزب الاستقلال، وثمن "تفهمه للتطورات السياسية وتغليبه للمصلحة العليا للوطن"، موضحا أنه "يقدر إشارته إلى حزب العدالة والتنمية وتحيته ل"موقف الصمود" الذي وقفه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بخصوص حرصه على مشاركة حزب الاستقلال بالحكومة. وثمن بلاغ الحزب "قرار المجلس الوطني الاستثنائي لحزب الاستقلال والتوجه الذي عبّر عنه الحزب باعتبار نفسه "جزءا من الأغلبية البرلمانية بغض النظر عن مشاركته أو عدم مشاركته في الحكومة وبما يؤسس لمرحلة جديدة لتكتل القوى الوطنية وتحالفها لمواجهة كافة التحديات الداخلية والخارجية".. وظل السؤال المحير هو هل سيكون حزب الاستقلال ضمن التشكيلة الحكومية القادمة أم لا، بعد كل ما حدث بعد تصريحات شباط معلقا على تعدد التأويلات لا على الموقف النهائي الواضح لحزب العدالة والتنمية. من خلال استطلاع رأي أعضاء عديدين من الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، يبدو أن ابن كيران قد أصبح ماسكا جيدا لخطوط اللعب، وبيده أوراق عديدة لا يريد أن يلقيها كلها في الساحة دفعة واحدة، فقد رد تحية حزب الاستقلال بأحسن منها، وفوض ابن كيران أمر التفاوض مع مختلف الأحزاب لتشكيل الحكومة دون الإشارة إلى أي واحد منها بالاسم، لقد انحسر مسار تشكيل الحكومة بين سيناريوهين محتملين: 1- السيناريو الأول هو تشكيل حكومة من أحزاب التقدم والاشتراكية 12 مقعدا والعدالة والتنمية 125 مقعدا، والتجمع الوطني للأحرار 37 مقعدا والاتحاد الاشتراكي 20 مقعدا، أي ب204 مقعدا إضافة إلى ضمان دعم ومساندة حزب الاستقلال ب46 مقعدا، أي أغلبية مريحة تتشكل من 250 نائبا من أصل 395 مقعدا في الغرفة الأولى. ويبدو هذا السيناريو الأكثر احتمالا وسبقت مدارسته بشكل مستفيض في الاجتماعين الأخيرين لحزب العدالة والتنمية، حيث تم الاتفاق مسبقا مع حزب الاستقلال، على أنه في حال استمرار الضغط على حميد شباط سوف يدعم حزب الاستقلال حكومة ابن كيران من موقف المساندة النقدية وهو الموقع الذي لعبه حزب العدالة والتنمية عام 1998 مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي.. إلى حين إجراء الاستقلال لمؤتمره العام المنتظر في مارس القادم، حيث سيلجأ حينها ابن كيران إلى ملتمس تعديل الحكومة لإلحاق الحزب بمكونات الأغلبية الحكومية، وكل المؤشرات تفيد أن هذا السيناريو هو الأرجح حتى حدود اللحظة. 2- السيناريو الثاني: مشاركة حزب الاستقلال في الأغلبية الحكومية وهو الخيار الذي تسانده أغلبية مكونات قيادة حزب العدالة والتنمية وعلى رأسهم عبد الإله ابن كيران، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أنه لم يعد ممكنا للاستقلال التراجع عن دعم ابن كيران من أي موقع لأنه لا يمكن أن يعود إلى المعارضة في نفس موقع حزب البام خصمه اللذوذ.. وهو، يقول عبد العزيز أفتاتي، حزب وطني عتيد ويملك استقلال قراره السياسي، في حين يبدي أعضاء العدالة والتنمية الكثير من الحذر اتجاه مواقف إدريس لشكر المتلونة، ويخشون أن يتم إضعاف الأغلبية الحكومية عبر مسطرة الطعون في المحكمة الدستورية، وابن كيران يريد أن يسخن أكتافه بالأحزاب الوطنية، يعلق أحد قياديي البيجيدي ولا يريد أن يفقد ثقة القاعدة الشعبية التي صوتت عليه. لكن مع طلب الملك بالتعجيل بتشكيل الحكومة، سيطبق ابن كيران اليوم قاعدة براغماتية ترى أنه حين تضيق الخيارات فلا مشكلة في اتخاذ القرارات حتى الصعب منها، وهي تشكيل حكومة بدعم خارجي من حزب الاستقلال الذي لا زالت التفاعلات داخلها لا يعرف منتهاها ولا يمكن لابن كيران أن يظل رهينة سواء للذين يحبونه أو لأولئك الذين يكرهونه.