أرخت وفاة الرئيس التشادي إدريس ديبي المفاجئة ، الثلاثاء ، إثر إصابته بقذيفة أطلقها أحد المتمردين في جبهة القتل شمال البلاد، بظلالها على الوضع في منطقة الساحل والصحراء، والذي ما يكاد يهدأ حتى يشتعل من جديد. هذا الوضع الذي حاولت فرنسا خلال سنوات احتواءه ، من شأنه إعادة ترتيب الخرائط الأمنية والجيو استراتيجية ليس فقط لهذا البلد المتضرر، ولكل بلدان الساحل والصحراء الخمسة، بوركينا فاسو وتشادومالي وموريتانيا والنيجر .
ومما لاشك فيه أن ادريس ديبي حليف فرنسا القديم ، وأحد المدافعين على فكرة فرنسا الافريقية سيشكل موته فراغا استراتيجيا لباريس.
الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، الذي ورث ارثا ثقيلا عن سلفه فرانسوا هولند/ اجتمع، عن بعد، بقادة المنطقة منتصف فبراير الماضي في العاصمة التشادية نجامينا، لمناقشة أبرز القضايا الشائكة والتحديات التي تواجهها هذه الدول لعل ابرزها الإرهاب، وتحركات المتمردين في أكثر من بلد خاصة مالي والنيجير.
ففرنسا تعتبر هذه المنطقة ركيزة أساسية للتوغل في العمق الأفريقي، بعد التحولات الأخيرة، في الصحراء ، وكانت تراهن على ادريس ديبي الذي يوجد في السلطة منذ ثلاثة عقود، وسبق أن تدخل الجيش الفرنسي لانقاذه في 2019، عندما وقف المتمردون على باب قصره الرئاسي.
في المقابل لعب الجيش التشادي دورا حاسما، كجيش متمرس على القتال، في مواجهة متمردي مالي، وساهم مع فرنسا ضمن عملية سيرفال على عهد الرئيس فرانسوا هولند في دحر المتمردين هناك خاصة مقاتلي الجماعات المتطرفة.
ويرى مراقبون أن استقرار تشاد يعتمد اساسا على استقرار ليبيا، ومنه استقرار باقي الدول الاخرى ، حيث يتحرك المتمردون في هذه البلدان منذ سنوات .
ومن شأن هذه التطورات الأخيرة في تشاد أن تحول الوضع في منطقة الساحل من سيء إلى أسوأ بوجود جماعات إرهابية بعضها مرتبط بجبهة البوليساريو .
وسبق للمغرب أن حذر غير مرة من هذا الارتباط الخطر ، بين البوليساريو والجماعات الإرهابية في منطقة الساحل.
وكانت وكالة فرانس بريس في شتنبر الماضي، قد نقلت عن عبد الحق الخيام الرئيس السابق للمكتب المركزي للأبحاث لقضائية، تحذيره من أن داعش "تطور في منطقة الساحل والصحراء مع الصراع في ليبيا وفي دول مثل مالي التي لا تسيطر على أمنها".
وقال الخيام إن "الخلايا الإرهابية والإرهاب ينموان في المنطقة وكذلك شبكات الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والأسلحة والبشر". وتابع أن "كل هذا ... يجعل منطقة الساحل في رأيي قنبلة موقوتة".
ويعود اهتمام المغرب بمنطقة الساحل الأفريقي إلى توالي الأزمات التي شهدتها المنطقة، خاصة أزمة مالي، بالإضافة إلى تنامي نشاط الجماعات الإرهابية، فضلاً عن خطر الجريمة المنظمة العابرة للحدود، التي تأخذ عدة أشكال لعل أبرزها تهريب المخدرات والاتجار بالبشر والأسلحة، والاختطاف.
وقد أكد هذا مؤشر الإرهاب العالمي الأخير لسنة 2020 الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام بسيدني.
ويأخذ المغرب التهديدات القادمة من خط التماس على محمل الجد، خاصة وأن هناك ارتباطات بين بعض الجماعات المتطرفة وجبهة البوليساريو التي تتحرك شرق الجدار العازل.
وفي سياق متصل كشف حبوب الشرقاوي القائد الجديد للمكتب المركزي للأبحاث القضائية "بسيج"، عن معطيات خطرة بخصوص ارتباطات بوليساريو بالإرهاب، متحدثا عن مكافأة تناهز قيمتها المالية 5 ملايير سنتيم لمن يدل على عنصر من البوليساريو يقود تنظيما إرهابيا.
وقال حبوب الشرقاوي في حوار نشرته "الأيام" في فبراير الماضي، إن ما يؤكد العلاقة الوثيقة بين البوليساريو والجماعات الإرهابية "المعلومات الدقيقة التي يتوفر عليها المكتب المركزي للأبحاث القضائية والتي تتعلق باختطاف ثلاثة مواطنين أجانب وهم إسبانيان وإيطالية سنة 2011، يعملون في إحدى المنظمات الانسانية في مخيم الرابوني غير البعيد عما يسمّونه الكتابة العامة للجبهة الانفصالية، والتي نفّذها تنظيم التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا بتواطؤ مع جبهة البوليساريو.
وأضاف أن أبو عدنان أبو الوليد الصحراوي من مواليد مدينة العيون وهو عنصر من البوليساريو يتزعم تنظيم "الدولة الاسلامية في الصحراء الكبرى"، وفي 13 ماي 2015 أعلن مبايعته لأبي بكر البغدادي وأسس تنظيم "ولاية الدولة الاسلامية في الصحراء الكبرى"، الذي ينشط في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو.