في الوقت الذي كان فيه إعلان المملكة المغربية في يوليوز الماضي قرارها العودة للاتحاد الأفريقي الذي انسحبت منه منذ العام 1984 فإن هذه العودة ترتبط بعدد من الملفات الحساسة على الصعيد الدبلوماسي. وتقول صحيفة لوموند الفرنسية إن العودة المحتملة للرباط إلى حضن المنظمة الأفريقية سيفيد الأخيرة إلا أن هذه العودة تعني أيضا أن المغرب سينقل الصراع الدائر خارج الاتحاد بشأن ملف الصحراء الغربية بين الداعمين الأفارقة للرباط وخطتها لحل هذا النزاع، وبين خصومها في هذا الملف، ومن أبرزهم جنوب أفريقيا والجزائر. وتدعم الدولتان المركزيتان في الاتحاد الأفريقي خيار إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية لتخيير سكانها بين البقاء ضمن المغرب أو الاستقلال عنه، في حين تدفع الرباط باتجاه منح حكم ذاتي لهذه المنطقة المتنازع عليها. مهمة سهلة من الناحية التقنية، فإن عودة المغرب للاتحاد الأفريقي ليست مهمة صعبة لأن إجراءاتها واضحة، فالدول التي تريد الانضمام إلى الاتحاد تخاطب مفوضيته، وهو ما فعله المغرب في سبتمبر الماضي، ثم توزع المفوضية وثائق طلب العضوية على الدول الأعضاء.
وفي حال أيدت أغلبية الدول الأعضاء بالاتحاد (28 دولة من أصل 54) الطلب تصبح الدولة عضوا بشكل رسمي، وفي حال لم تتوفر الأغلبية يطرح الموضوع على قمة الاتحاد الأفريقي للبت فيها، ومن المقرر أن تعقد هذه القمة في يناير/كانون الثاني 2017 بمقر الاتحاد في عاصمة إثيوبيا أديس أبابا. ويقول أستاذ القانون الدولي بجامعة أركاديا الأميركية رولان أدجوفي إن الأهم من موضوع العودة إلى الاتحاد هو معالجة الرهان السياسي وراء سعي الرباط لاستعادة مكانتها ضمن الاتحاد. ويضيف أدجوفي أن المغرب لا يمكن ربط عودته للمنظمة الأفريقية بطرد جبهة البوليساريو منها، ذلك أن انسحاب الرباط من الاتحاد كان بسبب قبول عضوية الجبهة التي ترى في المغرب قوة احتلال بمنطقة الصحراء الغربية. رئيس المفوضية كما أن نزاع الصحراء سيؤثر على ملفات أخرى داخل الاتحاد الأفريقي، ومن بينها انتخاب رئيس جديد لمفوضيته خلفا لنكوسازانا دلاميني زوما من جنوب أفريقيا، ومن شأن انتخاب المرشح السنغالي عبدولاي باتيلي على رأس المفوضية أن يصب لصالح الرباط، على اعتبار مواقف السنغال المؤيدة للمغرب في ملف الصحراء الغربية. ويتوقع أستاذ القانون الدولي أن تؤدي عودة المغرب للاتحاد إلى اندلاع صراعات سياسية داخله، ولكنها لن تؤدي لانفجار المنظمة التي سبق أن عاشت أزمات داخلية شديدة مثل الموقف من المحكمة الجنائية الدولية والأزمة الليبية. وتمثل مساعي الرباط للعودة إلى الحضن الأفريقي اعترافا ضمنيا بفشل سياسة الكرسي الفارغ التي انتهجها المغرب منذ انسحابه من الاتحاد، إذ فوتت عليه فرص تقوية موقفه عن طريق العمل داخل مؤسسات الاتحاد، وأيضا أثر غياب البلاد من المنظمة على موقعه في عدد من المفاوضات والمحافل الدولية.