أثار امتحان لطلبة الحقوق في جامعة سوهاج بمصر غضب نادي الزمالك المصري ومشجعيه، وتطلب تدخلا من وزير التعليم العالي، عوقب على إثره أستاذ في القانون الدولي بالوقف عن التعليم والإحالة للتحقيق. فما القصة؟ الأستاذ أحمد عبد الموجود الميري، الذي أثار امتحانه الأزمة، يدرس القانون الدولي الخاص في جامعة أسيوط، وهو منتدب لتدريس المادة في جامعة سوهاج. قدم الأستاذ في الامتحان مثالا لقضية ميراث، افترض فيها وفاة اللاعب المغربي في فريق الزمالك المصري "أشرف بن شرقي"، بعد إصابته بفيروس كورونا. وذكر في المثال تفاصيل عن حياة اللاعب، ليتمكن الطلبة من حل معضلة قانونية مفترضة، حول تقسيم ميراثه. وانتشرت صورة من ورقة الامتحان عبر مواقع التواصل لتنطلق على إثرها حملة شرسة ضد الأستاذ. هجوم وتشهير وتهديد كان أغلب المعلقين من أحباء نادي الزمالك، قبل أن يتوسع الجدل وتتدخل فيه مواقع رسمية وشخصيات عامة. وتراوحت تغريدات المهاجمين للأستاذ بين استنكار وأسف وطلب للاعتذار. وبلغت في بعض الأحيان التشهير والتهديد بالعنف. بعض المعلقين على الأزمة يرى أن تصرف الأستاذ "غير أخلاقي": وبعضهم اعتبره تصرفا "غير مسؤول". وتعالت أصوات تطالب بمقاضاة الأستاذ واضع الامتحان. وتعددت القراءات في "نوايا" الأستاذ الجامعي من وراء المثال الذي ضربه. إذ يعتقد كثيرون أن "التعصب" هو السبب وراء تصرف الأستاذ. واتهمه البعض بالتعصب ضد اللاعب والبعض الآخر بالتعصب ضد فريقه، رغم ما نقل عن الأستاذ من أنه "من محبي نادي الزمالك". بعض المغردين قال إنه من غير الممكن أن يكون الأمر خطأ غير مقصود أو سهوا. واستنكروا وضع اسم اللاعب في المثال، إذ كان بمقدور الأستاذ استخدام أي اسم دون أن يكون دالا على شخص بعينه أو استبداله بأحرف. كما أن جانبا من الأزمة مرده إيراد تفاصيل كثيرة عن حياة اللاعب في المثال المطروح في الامتحان. من جهته، دافع الأستاذ عن موقفه وقال إنه أراد بالمثال المعروف تقريب الأمر للطلاب وتسهيله على اعتبار أن "التطبيقات العملية للمقرر النظري هي خير وسيلة لفهم الطلاب وإدراكهم حتى لا يصطدموا بالواقع العملي مختلفاً عما درسوه". لكن بعض رواد مواقع التواصل يعتقدون أن الأستاذ قصد وضع اسم الاعب بن شرقي وهو يعلم أن الأمر سيثير جدلا، "طلبا للشهرة". وفي خضم موجة الاستنكار والهجوم على الأستاذ، برزت أصوات تقول إن الأمر لا يستحق كل هذه الضجة وإنه مجرد مثال لمعضلة قانونية لا قصد وراءه ولا ضير فيه. كان هذا أيضا موقف عميد كلية الحقوق بجامعة سوهاج، الذي قال إنه "لم يرَ أي إساءة في السؤال، ولا يوجد فيه أي مساس باللاعب أو بنادي الزمالك أو بمُشجعيه"، حسب رأيه. وقال العميد حازم عبد الرحمن، في تصريح إعلامي، إن اختيار اسم لاعب الزمالك، أشرف بن شرقي، كان هدفه تسهيل الأمر على الطلاب. كما نشر الدكتور أحمد عبد الموجود، صاحب الامتحان، تسجيل فيديو عبر صفحته على فيسبوك، معتذرا ومبينا وجه نظره في الأمر. وأكد على احترامه لبن شرقي ولنادي الزمالك الذي قال إنه ناديه المفضل. وجاء ذلك بعد ساعات من نشره بيانا مفصلا للحادثة على صفحته قال فيه: "يجب ألا يقودنا التعصب والانتماء الكروي إلى اللغط وتفسير الأمور على غير حقيقتها". وعبر الأستاذ عن أسفه "لتناول البعض وقائع القضية على أنها خبر وحدث"، بينما كان مقصده منها "توصيل المعلومة بشكل أسرع وأفضل للطلاب". لكن اعتذار عبد الموجود وشرحه لرؤيته للأمر وقصده من وراء استخدام اسم اللاعب بن شرقي، لم يكن كافيا لإنهاء وكف الجدل. وقف عن التدريس وتتبع قانوني لم تقف ردود الفعل على الأزمة التي أثارها امتحان القانون الدولي عند وسائل التواصل الاجتماعي. فقد تقدم نادي الزمالك، الذي ينتمي إليه اللاعب المغربي، ببلاغ للنائب العام ضد المسؤول عن الحادثة. وأعلن النادي عن موقفه في بيان متداول عبر مواقع التواصل نقلا عن موقع "يلا كورة" الرياضي. وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار قد أحال الأستاذ أحمد عبد الموجود للتحقيق العاجل وأمر بإيقافه عن العمل حتى انتهاء التحقيق. وجاء في بيان لرئاسة الوزراء المصرية أن الوزير عبد الغفار اتصل هاتفيا بلاعب الزمالك أشرف بن شرقي "وأعرب له عن استياء الوزارة لهذا التصرف الفردي الخاطئ، الذي لا يعكس جموع المجتمع الأكاديمي والجامعي". كما اعتذر رئيس جامعة سوهاج، أحمد عزيز عبد المنعم، في لقاء تلفزيوني إلى نادي الزمالك وجمهوره، وقال إن ما حدث "خطأ غير مقصود". وكان عبدالمنعم قد أعلن في بداية الأزمة عن إنهاء عمل أستاذ القانون أحمد عبد الموجود في جامعة سوهاج، ومنع تعامل الجامعة معه مستقبلا. ونشرت جامعة سوهاج بيانا بشأن الحادثة.