حمل التصريح الذي أدلى به الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أمس الاثنين، عن قضية الصحراء المغربية، الكثير من الإشارات والرسائل للداخل الأمريكي والخارج، كما ذهبت بعض الآراء إلى أن ذلك التصريح كان مبهما ولم يحمل أي إشارة أن الإدارة الأمريكيةالجديدة ستحافظ على قرار الرئيس السابق دونالد ترامب، القاضي باعتراف واشنطن بمغربية الصحراء. وقال رايس في جواب عن سؤال حول النزاع في الصحراء، إن الولاياتالمتحدة "ستواصل دعم المسار الأممي من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم للنزاع الذي طال أمده في المغرب وسنواصل دعم عمل المينورسو لمراقبة وقف إطلاق النار ودرء العنف في المنطقة".
وعن موقف إدارة بايدن من قرار ترامب، رفض المتحدث الكشف عن معطيات صريحة، معتبرا أنه لا يملك تحيينا للأمر، ما يؤشر على استمرار الإدارة الامريكية في موقفها السابق.
وفي هذا الصدد، قال الخبير في الشؤون الدبلوماسية والعلاقات الدولية بواشنطن، سمير بنيس، إن "هناك فقط نقطة أود الإشارة إليها هو أن المسؤول الأمريكي استعمل عبارة "النزاع في المغرب". وهذه العبارة في حد ذاتها لها دلالة سياسية كبيرة، أي أن النزاع يوجد داخل المغرب. وهذا في حد ذاته تصريح".
وأوضح المحلل السياسي بواشنطن، في سياق تعليقه على ما تضمنه تصريح الخارجية الأمريكية حول الصحراء، أن "هذا التصريح أصبح جزءً من الواقع وليست الإدارة الجديدة في حاجة لإعادة التأكيد عليه، وأظن أن الطريقة التي ستنهجها الإدارة الأمريكية ليس هو تأكيد الاعتراف مرة بمغربية الصحراء. فقد تم هذا الاعتراف بشكل رسمي وصدر عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية إبان الرئيس السابق، دونالد ترامب، وربما لن تقوم هذه الإدارة بالتأكيد على ذلك مرةً أخرى في الأشهر القادمة، معتبرا أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أصبح الآن من المسلمات، وما ستقوم به الإدارة الجديدة هو عدم الاكتراث بأسئلة الصحفيين وضغط المنظمات الحقوقية والتأكيد على التوصل لحل سياسي لهذا الملف، وترك الأمور لتأخذ مجراها".
وأردف بنيس، أن "هذا لا يعني أن المغرب ربح الحرب وعليه أن يركن إلى الوراء. بل العكس، ينبغي للمغرب البناء على تم تحقيقه خلال الشهور القليلة الماضية والقيام بحملة دبلوماسية وحملة تواصل غير مسبوقة مع كل أعضاء الكونغرس سواء تعلق الأمر بمجلس النواب أو مجلس الشيوخ وكذا مع الإدارة الأمريكية.، مؤكدا أنه "لتحقيق ذلك، على المغرب التعاقد مع شركات علاقات عامة لها باع طويل في هذا المجال ولها علاقات قوية مع أعضاء الكونغرس ومع أطقمهم وسبق لها أن قامت بحملات مماثلة لدول أخرى للحصول على الدعم السياسي لأعضاء الكونغرس.
واعتبر الخبير المغربي، أنه "صحيح أن المغرب ربح معركة سياسية، ولكن الحرب الدبلوماسية ضد الجزائر لم تنته بعد، وعلى المغرب الآن أن يربح رهان المعركة الإعلامية وإيصال صوته للرأي العام الدولي، كما على المغرب التعامل بحنكة مع الإدارة الجديدة وأخذ توجهاتها في عين الاعتبار، خاصةً فيما يتعلق بمسألة حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات الأساسية وعدم اتخاذ أي خطوات تقوض هذه الحريات في المغرب، والتي من شأنها أن تشكل هدايا لخصوم المغرب لاستعمالها كنقاط حديث رنانة وجذابة للحصول على تعاطف الكونغرس والإدارة الأمريكية.
وأشار بنيس، إلى أنه "ليس لدي شك أنه من بين المسائل الأولى التي سيتطرق إليها وزير الخارجية بايدن، أنطوني بلينكن، خلال أول مكالمة هاتفية مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، هي التأكيد على أهمية تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المغرب".
وحرك الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ردود فعل كثيرة، ومتباينة يمكنها أن تدفع بالملف إلى مراحل متقدمة.
الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، كان قد قال عقب توقيع اتفاق يعترف بسيادة المغرب على الصحراء، إن "اقتراح المغرب الجاد والواقعي بحكم ذاتي، هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم من أجل السلام والرخاء".
ووفقا للإعلان الذي وقعه ترامب، تعتقد إدارة الولاياتالمتحدة، أن إقامة ''دولة مستقلة'' في الصحراء المغربية، ليس خيارا واقعيا لحل الصراع.