شكل انتخاب رجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة رئيسا للحكومة الانتقالية في ليبيا مفاجأة للكثيرين، ورأي فيه البعض دليلا على قدرة رأس المال على تجاوز الخنادق والاختلافات السياسية. فالدبيبة، المهندس المنحدر من أسرة ثرية من رجال الأعمال، سبق أن عمل وتولى إدارة مؤسسات إبان حكم النظام الليبي السابق؛ ووصفه البعض بأنه كان من المقربين من العقيد معمر القذافي، لكنه تمكن من المحافظة على أعماله ونشاطاته التجارية في أعقاب إسقاط نظام القذافي، وبنى مجموعة تجارية لها فروع في مختلف أنحاء العالم. وجاء انتخاب الدبيبة في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عقد في سويسرا برعاية الأممالمتحدة، حيث كان من بين 75 شخصية ليبية شاركت في جلسات الحوار والمفاوضات السياسية طوال الأشهر الماضية. وقد حسمت قائمته التنافس بحصولها على 39 صوتا من مجموع 73 صوتا، في حين ضمت القائمة الخاسرة رئيس برلمان الشرق عقيلة صالح ووزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا، الذي كان الكثير من التكهنات يرى أنه الأكثر حظا. فمن هو عبد الحميد الدبيبة وما قصة انتقاله من عالم الأعمال إلى دهاليز السياسة ووصوله إلى منصب رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا؟ من قطاع الأعمال إلى السياسة ينحدر الدبيبة من مدينة مصراتة الواقعة على الساحل الليبي على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة طرابلس. فقد ولد فيها عام 1959 في أسرة يعمل الكثير من أبنائها في التجارة وقطاع الأعمال. وتوصف مصراتة بأنها ثالث أكبر المدن الليبية وكانت تاريخيا في مفترق طرق التجارة عبر الصحراء والتجارة البحرية في المتوسط، كما كان لها دورها في التاريخ الليبي المعاصر؛ إذ تولى العديد من أبنائها مناصب سياسية واقتصادية مهمة في الحكومات الليبية المتعاقبة منذ استقلال البلاد في عام 1951. Getty Images جاء انتخاب الدبيبة في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عقد في سويسرا برعاية الأممالمتحدة وكانت عائلة الدبيبة واحدة من العوائل التي استفادت كثيرا من فورة المشاريع الصناعية والاقتصادية التي شهدتها المدينة في أعقاب الفورة النفطية وارتفاع أسعار النفط إبان حكم نظام القذافي. وقد دخل الدبيبة العمل في قطاع البناء والمقاولات، وبنى أسس ثروته منها في هذه المرحلة إلى جانب ابن عمه علي الدبيبة، وتدور بعض الشكوك بشأن ثروتيهما إذ تشير تقارير إلى أن "تحقيقات قد فتحت بحقهما في ليبيا ودول أخرى بتهم تتعلق بالاختلاس". درس دبيبة تقنيات التخطيط والبناء في جامعة تورنتو الكندية وتخرج منها حاملا شهادة الماجستير في هذا التخصص. وتولى عددا من المناصب الرسمية في فترة حكم القذافي من بينها إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار الحكومية، وأشرف على عدد من مشاريع البناء فيها؛ من بينها بناء مشروع ألف مسكن في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي. * انتخاب حكومة وحدة وطنية ليبية مؤقتة برئاسة عبد الحميد دبيبه * الحرب في ليبيا: ما هي الأطراف الخارجية التي تتدخل فيها وما دوافعها؟ * الحرب في ليبيا: اتفاق لإجراء انتخابات وطنية في ديسمبر 2021 كما ترأس جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية، وهي هيئة استثمارية حكومية مكلفة بتحديث البنى التحتية للمؤسسات الليبية. منهاج طموح وبعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام العقيد القذافي في عام 2011، حاول الدبيبة دخول الساحة السياسية، فأسس حركة "ليبيا المستقبل" التي ظل حضورها متواضعا في الشارع السياسي. لكنه واصل نشاطه التجاري وظل يرأس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة (لدكو). وعلى الصعيد الشخصي هو متزوج وأب لستة أبناء. وقد وصفته وكالة فرانس برس بأنه يتمتع بعلاقات قوية مع تركيا ومع جماعة الأخوان المسلمين في ليبيا. EPA قالت ستيفاني ويليامز القائمة بأعمال مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا قالت إن أمام رئيس الوزراء الجديد 21 يوما لتشكيل مجلس وزاري يحظى بتأييد من مختلف المجموعات السياسية و قدم الدبيبة في كلمته أمام ملتقى الحوار الوطني وفي تصريحاته بعد انتخابه منهاجا طموحا لحكومته خلال الفترة الانتقالية، والمنوط بها تنظيم انتخابات عامة في البلاد بحلول نهاية العام الحالي. فشدد على ضرورة المصالحة الوطنية واشتراك الجميع في بناء ليبيا الجديدة من دون أي إقصاء، وأشار إلى أنه سينشئ وزارة خاصة للمصالحة والوطنية وإلى أنه سيعمل على حصر السلاح في أيدي الدولة وتقسيم البلاد إلى مناطق أمنية، وعلى أن تكون الأجهزة الأمنية مهنيّة صرف. كما تعهد بحلّ مشكلة الانقطاع المتواصل في شبكات الطاقة الكهربائية في البلاد خلال ستة أشهر. وعلى الصعيد الاقتصادي، تعهد بالعمل على إعادة المستثمرين الأجانب الذين هجروا ليبيا إثر تردي الوضع الأمني فيها، وخلق وظائف للشباب لا تكون بالضرورة في الجيش والشرطة، فضلا عن تقليص الفوارق بين مرتبات الموظفين. وكانت ستيفاني ويليامز القائمة بأعمال مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا قالت إن أمام رئيس الوزراء الجديد 21 يوما لتشكيل مجلس وزاري يحظى بتأييد من مختلف المجموعات السياسية.