عندما زار الملك محمد السادس موسكو سنة 2016 والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، انتعشت العلاقات المغربية الروسية بشكل كبير وتعزز التعاون الاقتصادي من خلال اتفاقات عديدة، ما انعكس إيجابا على العلاقات السياسية بين البلدين، وأبرزها موقف موسكو من قضية الصحراء المغربية. وعلى الرغم من تنديد روسيا بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامي إلى اعتراف بلاده بسيادة المغرب على صحرائه، معتبرة أنه يتعارض مع القانون الدولي، إلا واصلت الإستفادة من خيرات المغرب الموجودة في أقاليمه الجنوبية في نطاق الاتفاقيات المؤطرة لهذه العملية، حيث يعد الاسطول الروسي ثاني أكبر أسطول لصيد السمك في الأقاليم الجنوبية للمملكة، كما أن مدير وكالة الصيد الروسية ، ميكائيل تاراسوف ، زار مدينتي العيون وبوجدور في الصحراء المغربية في دجنبر الماضي، بالإضافة إلى أن المغرب بات أول مصدر للفواكه الحمراء والحبوب والبقوليات والزيوت النباتية لروسيا بعضها تنتج في الاقاليم الجنوبية.
وتتشبث روسيا على الدوام بقرارات مجلس الأمن الدولي في هذا الموضوع، بيد أنها لم تبدي أي مانع من ضم المغرب لصحرائه شريطة أن يكون ذلك مبنيا على قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
كما أنها اعتمدت، في نقاشات سنة 2018 حول قرار تمديد مهمة المينورسو، لغة أكثر ليونة انتقدت من خلالها جبهة البوليساريو على أسلوبها في التعاطي مع أزمة الكركارات، وتبنت موقفاً محايداً ومتوازناً إلى حد كبير في ملف الصحراء المغربية، نظراً إلى امتلاكها مصالح لدى الجانبين (المغرب والجزائر).
وبدأ المغرب ينوع الشركاء الدوليين وينفتح اكثر على جميع القوى المؤثرة كالصين وروسيا، ليس على المستوى الاقتصادي فقط بل حتى على المستوى السياسي، حيث سبق للسفير المغربي في روسيا عبد القادر اللشهب أن قال إن الشراكة الاقتصادية بين البلدين تدفع نحو تقارب سياسي، قد يلين موقف روسيا من قضية الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، يقول حسن بلوان، متخصص في العلاقات الدولية في حديثه مع "الايام 24″، إن التعاون الاقتصادي وتسريع وثيرة الصفقات التجارية، جعل المغرب من أوائل الدول الشريكة لروسيا افريقيا وعربيا، مضيفا أن المغرب يعول كثيرا على التعاون الاقتصادي المتنامي مع روسيا لتليين موقفها اتجاه قضية الصحراء.
واعتبر المحلل السياسي أن التعاون المغربي الروسي لا يقتصر على العلاقات الاقتصادية فقط، بل تطغى عليه أيضا الحسابات الجيوسياسة المرتبطة بصراع القوى العظمى على افريقيا، بالاضافة الى مشكل الصحراء المغربية.
ويرى حسن بلوان، في اتصال مع "الايام 24″، أن روسيا بدأت تعتمد برغماتية وواقعية سياسية اتجاه القارة الافريقية، وتعول على أن يكون المغرب أحد بواباتها نحو القارة لما يتيحه من فرص استثمارية واستقرار سياسي وأمني وموقع جغرافي يمزج بين البحر الابيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وهو ما يجعل روسيا تنظر للمغرب كشريك ذي مصداقية يعول عليه في المنطقة.
وحسب المتحدث ذاته فقد استطاعت العلاقات السياسية مع روسيا، التي بدأت تتسم بالدفء خلال السنوات الاخيرة، أن تلين الموقف الروسي في قضية الصحراء المغربية بعد عقود من إرث الاتحاد السوفياتي المعادي للمغرب، مضيفا أن العلاقات الثنائية بين البلدين فتحت 0فاقا تجارية واسعة في مجالات الطاقة والصناعة والفلاحة والصيد البحري حيث أن المنتوجات الفلاحية المغربية انتعشت كثيرا في السوق الروسية خلال السنوات الاخيرة.