Getty Images رغم المصالحة الخليجية في أعقاب قمّة العلا، إلا أن العلاقة بين المنامةوالدوحة ليست في أفضل أحوالها. بالتزامن مع إفراج السلطات القطرية عن اثنين من البحارة وبطل كمال الأجسام البحريني، سامي الحداد، أكدت تغريدات لوزارة الداخلية البحرينية استدعاء أحد مواطنيها على خلفية مقطع فيديو متداول يتحدث فيه عن محاولة الأمن القطري تجنيده مقابل مبلغ مادي لقاء معلومات عن تحركات الأجهزة الأمنية البحرينية في منطقة سترة، فماذا حدث بالضبط؟أعربت وزارة الخارجية البحرينية عن شكرها لسلطنة عمان على الجهود التي قامت بها الجهات المختصة في السلطنة لتنسيق إطلاق سراح البحرينيين المحتجزين في قطر وتسهيل عودتهم إلى البحرين، واعتبرت الوزارة في بيان لها أن قيام الجهات القطرية المختصة بالإفراج عن المواطنين البحرينيين "خطوة تعكس الروح المطلوبة لتعزيز مسيرة التعاون بين دول المجلس"، مع أمل في أن يُطلق كذلك سراح البحارة الآسيويين الذين يعملون على سفن الصيد البحرينية، مراعاة لحالتهم الإنسانية.وكانت السلطات القطرية قد أفرجت عن البحرينيين الاثنيْن الذيْن ألقت القبض عليهما قوات أمن السواحل والحدود القطرية في الثامن من يناير كانون الثاني الجاري، أثناء قيامهما برحلة صيد، وهما بطل كمال الأجسام البحريني، سامي إبراهيم الحداد، ومحمد يوسف الدوسري.. البيان أضاف إلى أن الإفراج شمل أيضا البحار البحريني حبيب عباس الذي أوقف في الثالث من ديسمبر كانون الأول من العام الماضي بسبب تخطي قوارب بحرينية نطاق مياه قطر وهو ما نفته المنامة. وبحسب بيان الداخلية البحرينية لم يتم يفرج عن القوارب التي كانت لدى البحرينيين الثلاثة، ووصل عدد القوارب البحرينية التي لا تزال محتجزة لدى قطر إلى خمسين.وأوقف الحداد والدوسري بعد أيام قليلة فقط من قمّة العلا التي ترافقت مع مصالحة خليجية أنهت قطعاً للعلاقات بين قطر من جهة، والسعودية والبحرين والإمارات ومصر من جهة ثانية منذ منتصف عام 2017.وكان المستشار الإعلامي لملك البحرين، نبيل الحمر، قد علّق على الموضوع في تغريدة في حسابه على تويتر معتبراً أن هذه الواقعة تأتي ضمن " حملة ممنهجة تشنها قطر ضد البحارة البحرينيين، وهي اختراق واضح لاتفاقية الصلح الخليجية التي أبرمت في قمة العلا الخليجية " بحسب تعبيره. ما صحة تجنيد الدوحة لمواطن بحريني؟ تزامن إطلاق البحرينيين الثلاثة مع معلومات نشرتها وزارة الداخلية البحرينية عن استدعائها لأحد مواطنيها للاستماع إلى إفادته بعد أن تم تداول مقطع مصوّر يقول فيه المواطن البحريني مكي علي كويد إن الدوحة حاولت تجنيده مقابل بدل مادي لقاء معلومات عن تحركات الأجهزة الأمنية البحرينية في منطقة سترة. وأوضحت وزارة الداخلية البحرينية في خمس تغريدات متسلسلة أنه: " تعقيبا على مقطع مصور متداول بعدد من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، أفاد فيه المواطن مكي علي كويد من أهالي سترة، محاولة الأمن القطري تجنيده بعد القبض عليه بالبحر واقتياده وقاربه للدوحة على أن يتلقى راتبا شهريا قدره 10 آلاف ريال قطري وإطلاق سراحه واعادته للبحرين مقابل تزويدهم بمعلومات عن تحركات الأجهزة الأمنية البحرينية في منطقة سترة."وأضاف حساب وزارة الداخلية البحرينية على تويتر أنه: "تم استدعاء المواطن مكي علي كويد للاستماع إلى إفادته التفصيلية بشأن الواقعة والتي تعد تدخلا خطيرا في الشئون الداخلية لمملكة البحرين وتخل بالاتفاقيات الأمنية وبالالتزامات الواجبة وفق منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وعلاقات حسن الجوار، وذلك تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة". ما هو مصير المصالحة الخليجية؟ لم يعلّق الجانب القطري على الموضوع، لكن الباحث السياسي القطري د. علي الهيل في حديث مع بي بي سي استغرب هذا الموضوع معتبراً ان هذه التغريدات غير مسؤولة ومحاولة لإثارة البلبلة وتخريب المصالحة على حد تعبيره.واعتبر الهيل أن قطر ليست هي التي تهدّد المصالحة الخليجية لأنها أوقفت بحّارة خرقوا المياه الإقليمية القطرية وهو ما اعتبره إجراءً طبيعياً في أي دولة حين تتعرّض مياهها الإقليمية إلى الخرق. وأضاف: " البحرين هي التي دأبت على تخريب المصالحة الخليجية حين وجّهت المنامة وبالتزامن مع الاجتماع التحضيري لقمّة العلا لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، رسالة إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيه قطر بالإرهاب.وقال الباحث السياسي القطري : "إنه أمر مستغرب من الجانب البحريني فهو يكرّر الأسطوانة نفسها بأن قطر تهدّد السلم والأمن الدوليين، فبعد المصالحة لم تعد هناك نقاط عالقة ولم تعد هناك الشروط الثلاثة عشر ولا المبادئ الستة"، مستغرباً في الوقت نفسه دعوة وزير الخارجية البحريني، عبد اللطيف الزياني، الدوحة لإرسال وفد رسمي إلى المنامة لبدء المباحثات الثنائية بين الجانبين وهو أمر علّق عليه الهيل في حديث مع بي بي سي بالقول : " لا أظن أن القطريين سيذهبون إلى المنامة أو يعيروا أي انتباه لمثل هذه الدعوات لأنها دعوة غير مهذّبة وتخرج عن اللياقات الدبلوماسية"، وأضاف: "إن قطر لا تستمع للإمارات والبحرين ومصر وما يهمّها هي المملكة العربية السعودية".وكانت المنامة قد وجّهت أواخر الشهر الماضي، قبل أيام من انعقاد قمّة العلا، رسالة إلى كل من رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بشأن اتهامات الدوحة للمنامة باختراق مقاتلاتها أجواء قطر.ووفق ما نقلت وكالة الأخبار البحرينية الرسمية، أشار ممثل البحرين لدى الأممالمتحدة، جمال فارس الرويعي، إلى أن "ادعاءات دولة قطر الباطلة هي، وللأسف، جزء من التحريف المستمر والمتصاعد الذي تمارسه دولة قطر بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وبالتالي تفاقم التوترات الإقليمية " (...) معتبراً أنه " كان من الأولى لدولة قطر أن تلتفت إلى أزمتها المتمثلة في استمرار سلوكها الاستفزازي والعدائي ودعمها للإرهاب وتمويله وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، الأمر الذي يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين".بدوره يقول الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية والرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط، أمجد طه، في مقابلة مع بي بي سي إن الإفراج عن مواطني بلاده يعد نجاحاً للدبلوماسية البحرينية آملاً في أن تفرج السلطات القطرية عن القوارب الخمسين التي مازالت تحتجزها وأن تتوقف عما وصفه بانتهاك حرية الصيادين البحرينيين وحقوقهم ولا سيما في مجال حقوق الإنسان متحدثاً عن ظروف سيئة داخل السجون التي تم توقيفهم فيها وأن هناك تحقيقاً حول هذا الموضوع.وعن موضوع ما يتم تداوله عن تجنيد قطر لأحد المواطنين البحرينيين، قال الخبير البحريني إنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها السلطات القطرية خطف الصيادين وتجنيدهم معتبراً ذلك انتهاكاً لقمّة العلا ولا يخدم المصالحة الخليجية.وعن سبل تحسين العلاقة بين البلدين قال طه لبي بي سي إن شروط تحسين العلاقة بين المنامةوالدوحة يجب أن يكون عبر بناء الثقة داعياً الجانب القطري إلى تلبية دعوة وزير الخارجية البحريني بزيارة المنامة لبحث الأمور العالقة. وعدّد طه الملفات الشائكة بين البلدين قائلاً: "إن النظام القطري ينتهك العهود ولا يوفي بها فهو يجنّد إعلامه والإعلام الممّول من قبله في إسطنبول ولندن للإساءة إلى البحرين، وعليه البدء بالتوقف عن اعتقال الصيادين وتسليم المطلوبين للعدالة والتوقف عن تمويل ما اسماهم الانقلابيين والمحرضين على الإرهاب في البحرين بما يتماشى وقمّة العلا الأخيرة. من هو سامي الحدّاد الذي كاد توقيفه يزعزع المصالحة الخليجية؟ وسامي الحدّاد ، 49 سنة، الذي كادت عملية توقيفه أن تزعزع المصالحة الخليجية هو لاعب كمال أجسام بحريني حاصل على عدد من البطولات والألقاب العالمية وهو أيضاً سفير اللجنة الأولمبية البحرينية.ومن أبرز إنجازاته: فوزه بالمركز الأول والميدالية الذهبية في بطولة IFBB Mozolani Pro Classic عام 2016 وفوزه بالمركز الأول والميدالية الذهبية في بطولة IFBB Pro Spain عام 2018 والعديد من الإنجازات الدولية والقارية والعربية، كما أنه أول رياضي في البحرين يتسلم من الملك البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة، جواز سفر بمهنة محترف في المجال الرياضي.وعقب توقيفه من قبل السلطات القطرية، طالبت اللجنة الأولمبية البحرينية، الأسرة الرياضية الدولية واللجنة الأولمبية الدولية (IOC) باتخاذ موقف حازم وداعم للإفراج عنه، وجاء في الطلب البحريني:"انطلاقا من دور اللجنة الأولمبية الدولية في حماية الرياضيين والدفاع عن حقوقهم وقضاياهم العادلة وتطبيقا للميثاق الأولمبي الداعي لفصل الرياضة عن السياسة فإننا نطالب الأسرة الرياضية الدولية واللجنة الأولمبية الدولية باتخاذ موقف داعم للإفراج عن الرياضي سامي ابراهيم الحداد للعودة إلى أسرته..".