هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تزداد عزلته، بشراسة معسكره الجمهوري الأربعاء قبل أن يصادق الكونغرس على فوز جو بايدن.
ووصف ترامب قادة الجمهوريين بأنهم "ضعفاء" و"مثيرون للشفقة"، في كلمة أدلى بها أمام تجمع لأنصاره تحت سماء ملبدة بالغيوم، وقد بدا البيت الأبيض خلفه.
وأصر ترامب على رفضه الهزيمة بقوله "لن نستسلم أبد ا. لن نتنازل أبد ا"، قبل دقائق من بدء الكونغرس في إجراء شكلي بحت، تسجيل تصويت كبار الناخبين لصالح خصمه الديمقراطي.
وبين أنصار ترامب الذين حضروا من مناطق بعيدة، كاثرين كالدويل (61 عاما) وزوجها اللذان جاءا من أوريغن الواقعة على ساحل البلاد الغربي.
وقالت كاثرين "لقد سرقوا الانتخابات… أنا متيقنة من ذلك". وأضافت أن الانتخابات في جورجيا قبل يوم شهدت أيضا "غشا"، في حين يرجح فوز الحزب الديموقراطي بمقعدي الولاية في مجلس الشيوخ ما يضمن له السيطرة عليه.
وتابعت المرأة التي اعتمرت قبعة كاوبوي بيضاء وحملت علما أحمر كتب عليه عبارة "ترامب رئيسي"، "لقد استعملوا آلات الغش مرة أخرى".
لكن النتائج واضحة وتشكل ضربة قاسية لرجل الأعمال السابق لذي يرفض الاعتراف بهزيمته فيما يتعرض لانتقادات متزايدة حتى من داخل المعسكر الجمهوري.
فقد هزم المرشح الديموقراطي لمجلس الشيوخ رافييل وارنوك السناتورة الجمهورية كيلي لوفلر ودخل التاريخ لأنه أول سيناتور أسود ينتخب في ولاية جنوبية.
وقال القس البالغ 51 عاما الذي يدير كنيسة في اتلانتا كان يشرف عليها مارتن لوثر كينغ لمحطة "سي أن أن"، "ما حصل مساء أمس (الثلاثاء) رائع".
أما المرشح الديموقراطي الآخر جون أوسوف فقد أعلن فوزه بالمقعد الثاني في مجلس الشيوخ في الانتخابات الفرعية بولاية جورجيا، مؤكدا أن انتصاره سيمنح الرئيس المنتخب جو بايدن السيطرة على المجلس.
وقال أوسوف في بيان نشرته قنوات التلفزيون "جورجيا، شكرا جزيلا على الثقة التي أوليتها لي. يشرفني دعمكم وتقديركم وثقتكم وأتطلع لخدمتكم".
وفي حال تأكد فوزه سيكون أوسوف البالغ 33 عاما أصغر سيناتور ديموقراطي منذ جو بايدن في 1973.
وعندها سيحصل الديموقراطيون على خمسين مقعدا في مجلس الشيوخ تماما مثل الجمهوريين لكن الدستور الأميركي ينص على أن نائبة الرئيس المقبلة كامالا هاريس سيكون لها الكلمة الفصل في التصويت لتميل الدفة لصالح الديموقراطيين.
ويمثل أداء الديموقراطيين في هذه الولاية الجنوبية المحافظة تقليدا، صفعة قاسية للحزب الجمهوري. وإذا تأكد النصر المزدوج، فإن الجمهوريين، بعد خسارتهم البيت الأبيض ، سيخسرون أيضا مجلس الشيوخ.
ونجح الديموقراطيون المدفوعون بفوز جو بايدن في الولاية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو الأول منذ العام 1992، في حشد ناخبيهم، خصوصا السود منهم وهو مفتاح أي نصر ديموقراطي.
وفي دليل على الأهمية الكبرى التي تكتسيها هذه الانتخابات، زار بايدن وترامب الاثنين الولاية لدعم مرشحيهما.
قد تكون هذه الانتخابات الفرعية "فرصتكم الأخيرة لإنقاذ أميركا كما نحبها" بحسب ما قال ترامب خلال مهرجان انتخابي نظم مساء الاثنين في دالتون.
وفي مصادفة لافتة يجتمع الكونغرس بعد ظهر الأربعاء بتوقيت واشنطن لتسجيل تصويت الناخبين الكبار بشكل رسمي لصالح جو بايدن (306 في مقابل 232).
وإن كانت نتيجة هذا الإجراء الدستوري الذي عادة ما يكون مسألة شكلية بسيطة، ليست موضع شك، إلا أن حملة ترامب الساعي لإبطال نتائج الانتخابات تضفي على هذا اليوم طابعا خاصا.
ورغم اعتراف بعض الشخصيات الجمهورية البارزة ومن بينها زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أخيرا بفوز جو بايدن، ما زال بإمكان ترامب الاعتماد على الدعم الراسخ لعشرات البرلمانيين.
وجدد ترامب الأربعاء الضغوط على نائبه مايك بنس الذي يقع على عاتقه إعلان جو بايدن فائزا في الرئاسة الأميركية.
وقال ترامب أمام أنصاره "في حال قام مايك بنس بالأمر الصحيح سنفوز بالانتخابات. وهو يملك الحق المطلق في ذلك. وإن لم يفعل سيكون ذلك يوما مؤسفا لبلادنا".
وسيرئس مايك بنس الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ التي ستصادق على تصويت الناخبين الكبار لكن الدستور ينص على أن دوره يقتصر على "فتح" الشهادات المرسلة من كل من الولايات الأميركية الخمسين لنقل أصوات الناخبين الكبار فيها. ويمكن فقط لأعضاء الكونغرس الاحتجاج على نتائج بضع الولايات.
إلا أن الضغوط الرئاسية تضع مايك بنس في موقف حرج.
وأمتنع جو بايدن عن التعليق على هذه الضغوطات غير المسبوقة. وهو سيلقي كلمة الأربعاء تتمحور على الاقتصاد.