بدأ وفد حكومي صيني وممثلون لمجموعة هيت الصينية باستطلاع خطوات بدء تنفيذ أول مشروع صيني كبير في المغرب لإقامة مدينة صناعية متكاملة في منطقة طنجة بموجب أحد الاتفاقات التي تم توقيعها في الشهر الماضي. وأكد مسؤولون في المجموعة أنها تسعى في المستقبل لتعميم تلك التجربة في مناطق أخرى من المغرب، وإنشاء مدن وقرى صناعية متكاملة، تضم مصانع ومكاتب للشركات، إضافة إلى وحدات الإقامة السكنية للعاملين فيها.
وقالوا إن أشغال التهيئة ستنطلق قريبا على أرض تبلغ مساحتها الأولية نحو 1200 هكتار، باستثمارات إجمالية تقدر بنحو 10 مليارات دولار وستوفر 300 ألف منصب شغل، مع إمكانية التوسع أكثر.
وأكد حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، أن مشروع المنطقة الصناعية والسكنية بمنطقة طنجة، يعد مشروعا استراتيجيا يرمي إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب.
وأشار إلى أن المغرب عبأ كل الإمكانات لتحقيق وإنجاز هذا المشروع الطموح، من خلال شراكة استراتيجية وعملية مع مجموعة هيت الصينية، التي تعد واحدة من الشركات الرائدة، وذلك للاستفادة من نموذجها الاقتصادي في إدارة الأعمال وتشجيع أصحاب رؤوس أموال صينيين آخرين للاستثمار في المغرب.
وأكد حسين بنسعيد، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاضي عياض في مراكش، ل”العرب”، أنه يمكن اعتبار الصين شريكا لا غنى عنه بالنظر إلى التوازنات الاستراتيجية العالمية، إضافة إلى الدور الريادي الذي يطمح المغرب إلى لعبه على المستوى الأفريقي وما يشكله كبوابة لا يمكن للصين الولوج إلى أفريقيا من دونها.
وقال العلمي إن مشروع المنطقة الصناعية سيمكن الصين من دعم استثماراتها في المغرب وقدرتها التنافسية الاقتصادية الخارجية، وخاصة في القارة الأفريقية، وهو يتيح للمغرب من جهة أخرى خلق فرص عمل جديدة ونقل المعرفة والتكنولوجيا. وأوضح الوزير أن الصين من خلال نموذجها الاقتصادي الجديد، مطالبة بتعزيز قدرتها التنافسية والتعاون مع دول أخرى، ولذلك اختارت المغرب كشريك استراتيجي. وأكد أن مخطط التسريع الصناعي المغربي (2014 /2020) خصص جانبا متكاملا من اهتمامه للتعاون مع الصين.
وأكد غوو كيزهو، مدير قسم التجارة بمنطقة تشينغداو، أن مشروع المنطقة الصناعية بطنجة، يعزز التزام البلدين بتقوية الشراكة الاقتصادية وتعزيز التعاون الثنائي في القطاعات الواعدة بهدف خلق فرص العمل وتحقيق القيمة المضافة.
وأضاف أن الصين عازمة على تشجيع المزيد من الشركات والمقاولات الصينية للاهتمام أكثر بالاستثمار في المغرب بشكل عام وفي المنطقة الصناعية بطنجة الواعدة.
وذكر بنسعيد أن استثمار الصين في المنطقة الصناعية بطنجة، سيمكن الشركات الصينية من الدخول إلى أسواق الدول التي تجمعها اتفاقيات التبادل الحر مع المغرب، وبالتالي خلق دينامية اقتصادية مهمة في المغرب عبر توفير مناصب الشغل والمساهمة في النمو الاقتصادي والاجتماعي في المغرب.
وأشار إلى أهمية فرص نقل التكنولوجيا إلى الشركات المغربية وزيادة قدرتها التنافسية على المستوى الوطني والدولي على المدى المتوسط والبعيد.
وقال رئيس مجموعة هيت لي بياو، إنه من المتوقع أن يساهم هذا المشروع الصناعي والسكني في خلق مناصب شغل كثيرة، والمساهمة في نقل التكنولوجيات المتقدمة، وتعزيز النمو والقدرة التنافسية الاقتصادية للمغرب بشكل عام ولجهة طنجةتطوانالحسيمة على وجه الخصوص.
وقال اقتصاديون ل”العرب”، إن دخول الصين إلى الاستثمار من خلال مشروع المنطقة الصناعية والسكنية، يعد مكسبا مهما وثقة في إمكانيات ميناء طنجة المتوسط، وكذلك إعطاء دينامية اقتصادية وتنموية ومالية لجهة الشمال وتشجيع المسؤولين في هذه الجهة على إبداع آليات متجددة لاستقطاب استثمارات أخرى خدمة للنمو الاقتصادي في المغرب.
واعتبر رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، إلياس العماري، أنه تم توفير نحو 50 بالمئة من الأراضي لبدء العمل قريبا وإنجاز المشروع، الذي يعد لبنة جديدة في مسار توطيد العلاقات المتينة بين المغرب والصين ومحطة مهمة في الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين.
ودعا رجال الأعمال الصينيين للاستفادة من الإمكانات والمؤهلات الاقتصادية التي تزخر بها المنطقة الشمالية من المغرب والتسهيلات والتحفيزات التي تقدمها الرباط للمستثمرين الأجانب.
وكانت الرباط قد بدأت بتطبيق قرار إعفاء المواطنين الصينيين من تأشيرة الدخول إلى المغرب في مطلع الشهر الجاري، في مسعى لتشجيع الاستثمارات والسياحة الصينية.
وقال بنسعيد ل”العرب”، “إن القرار سيساعد في توفير اليد العاملة المؤهلة للشركات الصينية والمغربية على حد سواء مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات التدريب التي يعاني منها سوق الشغل المغربي، ما سيساعد على إعادة نوع من التوازن إلى سوق الشغل”.
وأوضح الوزير حفيظ العلمي، أن قطاعات النسيج وصناعة السيارات والطيران تعد من المقومات الاستراتيجية للمنطقة الصناعية في طنجة، والتي سيتم إنشاؤها على مساحة تقدر بنحو 2000 هكتار، من خلال شراكة استراتيجية وعملية مع مجموعة هيت الصينية.