قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن التقارب المغربي الصيني الذي توج بزيارة الملك محمد السادس لبكين وتوقيع البيان الاستراتيجي المشترك بين البلدين جاء نتيجة للتحول البارز في طبيعة القوى الكبرى، ما أدى إلى تغير في استراتجيات السياسة الخارجية والسلوكات العلائقية لعدد من البلدان، ومن بينها المغرب، الذي ينوع تحركاته بين هيكل القوى التقليدي،والتوزيع الجديد للقوة بمفرداتها الجديدة. وأضاف بودن في تصريح ل" الأيام 24"، أن الزيارة الملكية للصين تنطلق من رؤية المغرب لنفسه و للعالم، وتطوير الانفتاح القائم على الفهم بين الطرفين، إلى مستويات إستراتيجية، وتطرح مع الإعلان عن الزيارة، وما يسبقها من تطورات مرتبطة بقضايا المغرب السيادية، أسئلة حول كيفية إدارة المغرب لعلاقاته مع القوى الكبرى، بحكم توازناتها وتقلباتها وتعقيداتها وضرورات مصالحها، والتوفيقات بين المنافسة والتعاون في العلاقات.
مشيرا في هذا الصدد أنها "ذات بعدين اقتصادي وسياسي، وهي تكريس واضح للتحول الحاصل على مستوى نموذج السياسة الخارجية للمغرب، التي تعتمد مبادئ متجددة من قبيل الصرامة والشراكة، وبلورة رؤية للدور الذي يمكن أن تؤديه الرباط إقليميا ودوليا، والتحرك بسرعة ولو عبر "التوجه شرقا " لملء الفراغ الناجم عن الهشاشة المحيطة بالعمق الاستراتيجي للمغرب، علاوة على بناء صورة إقليمية ودولية متجددة.
وأوضح المحلل السياسي أنه "لا يخفى أن العلاقات المغربية الصينية، تنبنى على معادلة رابح رابح، وفق سياسة براغماتية متكاملة، تقوم على إدراك بارز للمصالح الوطنية، والحفاظ عليها، وفي الان نفسه إدراكا لتوازنات وحسابات تبادل مصالح تعكس قيمة المغرب الاقليمية، ومكانة الصين الدولية، فضلا عن انخراط المغرب بالعمل في ما يسمى "سيولة الأقطاب الدولية" وليس الذوبان في معادلة مرسمة من قبل قطب دولي معين، في ظل تغير التوازنات الدولية خلال العقدين السابقين ما بين صعود وهبوط لقوى قديمة.
وعلى المستوى السياسي قال بودن إن ثمة ايجابيات، وفهم متبادل للأهداف السياسية، فضلا عن التعاون الجماعي من خلال منتديات التعاون الصيني العربي ،ومنتدى التعاون الصيني الافريقي .
موضحا في هذا السياق أن المغرب" لم يستفد كثيرا من علاقاته ببعض القوى الكبرى، ومن بينها الصين بفعل الانعكاس العملي للصورة التي ظلت تربط المغرب بقطب دولي معين، وهو ما دفع المغرب الى بناء علاقات تنتقل من استراتيجية الانتظار على "ضفاف الشاطئ " الى استراتيجية ركوب رهان البحث عن الفرصة الدولية في "أعالي البحار".
وتؤطر تحركات المغرب والصين -وفق بودن- فكرة التنمية التي عليها طلب عال في إفريقيا،لذلك ينتظر أن تفعل هذه الزيارة الملكية التناغم بين السياسات في المحيطين.