من المنتظر، أن تدخل العلاقات المغربية الموريتانية، مرحلة جديدة في عهد الرئيس الجديد لموريتانيا، محمد ولد الغزواني، بعدما شهدت في مرحلة الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز، فترات من التشنج. وأعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات بموريتانيا على لسان رئيسها، محمد فال و لد بلاد، في مؤتمر صحفي عقده مساء الأحد، أن محمد ولد الغزواني (62 عاما ) فاز بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية حيث حصل على 52% من أصوات الموريتانيين، مشيرا الى أن اللجنة "نظمت انتخابات شفافة فتحت الباب أمام أول تناوب سلمي على السلطة في تاريخ البلد" ويرى مراقبون، قبل إعلان فوز ولد الغزواني، بكرسي رئاسة موريتانيا، حرص هذا الأخير على بعث رسائل مشفرة إلى الرباط مفادها أن نواكشوط ستتعامل بطريقة مغايرة مع ”العدو“ الأول للمملكة وهي جبهة ”البوليساريو"، ومن بين تلك الرسائل رفض ولد الغزواني التعامل مع الجبهة، وكذا مراجعة منح ساكنة تندوف جنوبالجزائر أوراق الإقامة في نواكشوط. وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي محمد الزهراوي، أن فوز ولد الغزواني بالانتخابات الرئاسية في موريتانيا، يشكل فرصة مناسبة للمغرب لتجاوز الخلافات السابقة التي وقعت في عهد محمد ولد عبد العزيز، وبهذا المتغير يمكن الإشارة إلى ثلاث ملاحظات. وحسب الزهراوي، فإن أولى هذه الملاحظات تظهر في فوز ولد الغزواني المحسوب على العسكر، يشكل مناسبة للمغرب لتقوية علاقاته مع الجار الجنوبي، لاسيما وأن الرئيس الجديد ارسل مجموعة من الإشارات الإيجابية التي اعتبرها خصوم المغرب مؤشرا على تقاربه مع المملكة، خاصة عندما عبر في حملته الانتخابية عن رفضه تجنيس بعض الصحراويين بالجنسية الموريتانية في إشارة إلى مناورات البوليساريو. والثانية، حسب ذات المحلل السياسي، تتميز بكون موريتانيا تعتبر بوابة المغرب الى أفريقيا، بحكم ارتباط وتماس المملكة معها بحريا وبريا، فهي تشكل عمقا استراتيجيا وحيويا إن على المستوى الأطلسي، أو على مستوى موقعها ضمن غرب أفريقيا وما لهذا الموقع من أبعاد استراتيجية اقتصادية وأمنية وعسكرية. أما الثالثة، فإن موريتانيا جار منخرط في مسار التسوية الأممي، حيث شاركت في محادثات جنيف الأولى والثانية، كما تعتبر معنية بالنزاع حول الصحراء المغربية، خاصة من الناحية القانونية والتاريخية، لاسيما و أن خصوم المغرب يحاولون الدفع بموريتانيا للاصطدام بالمملكة من خلال تحريك اتفاقية مدريد و تغيير الوضع القائم، وبالتحديد فيما يتعلق بإقليم لكويرة. ومما يؤكد هذا التقارب المنتظر، وكبادرة لدى المغرب لفتح صفحة جديدة مع موريتانيا، أعلن الملك محمد السادس، مساء الاثنين، استعداده العمل من أجل تعزيز وتطوير التعاون مع موريتانيا عقب انتخاب محمد ولد الغزواني رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية. وقال الملك محمد السادس في برقية تهنئة بعثها إلى ولد الغزواني عقب وصوله إلى كرسي الرئاسة نشرتها وكالة المغرب العربي للأنباء، ”وإنها لمناسبة سانحة، لأؤكد لفخامتكم حرصي الشديد على العمل سويًا معكم من أجل إعطاء دفعة قوية لعلاقات التعاون المثمر القائم بين بلدينا، وتعزيز سبل الاستغلال الأمثل للفرص والمؤهلات المتاحة لهما، تجسيدًا لما يشد شعبينا الجارين من وشائج الأخوة والتضامن والتقدير المتبادل، وتحقيقاً لما ينشدانه من تقارب وتكامل واندماج جدير برفع مختلف التحديات التي تواجههما“. وجاء في البرقية أيضًا: ”وإننا لنبارك لكم الثقة الغالية التي حظيتم بها من لدن الشعب الموريتاني الشقيق، تقديرًا منه لما توسمه فيكم من غيرة صادقة على خدمة مصالحه، وإرادة قوية للمضي به قدمًا على درب تحقيق التنمية الشاملة، في ظل الأمن والطمأنينة والعدالة الاجتماعية“.