تصدر المغرب دول منطقة شمال إفريقيا وحل في المركز التاسع على مستوى بلدان الشرق الأوسط في مؤشر الحرية الاقتصادية، لكن مراقبين قالوا إن واقع المناخ الاقتصادي في المغرب يفوق التقييم الجيد الذي حصل عليه وأنه سيواصل التقدم في المؤشرات العالمية. وفي هذا الصدد، أفادت "العرب اللندنية"، اليوم الاثنين، أن منظمة هريتاج فوندايشن صنفت المغرب في المركز ال85 عالميا في مؤشر الحرية الاقتصادية للعام الحالي، وفق 4 معايير هي دور القانون، والحدود التي تفرضها الحكومات وفعالية التشريعات ومدى انفتاح الأسواق. وأضافت أن المنظمة الأميركية عزت استمرار تقدم مركز المغرب في المؤشر إلى تعزيزه للحرية التجارية وتقليص الإجراءات الخاصة بإنشاء الشركات. وقالت إن المغرب أصبح أكثر انفتاحا على الاستثمارات الأجنبية في معظم قطاعاته الاقتصادية. وقد حصل المغرب على 61.3 نقطة في تقرير العام الحالي، مقارنة بحصوله على 60.1 نقطة في العام الماضي. ذات المصادر، نقلت عن رشيد أوراز الباحث الاقتصادي في المركز العلمي العربي للدراسات والأبحاث الإنسانية، قوله إن "عدد النقاط التي حصل عليها المغرب تفوق المعدل العالمي الذي حدد في 60.7 نقطة، لكنه بعيد جدا عن متوسط ما حققته الدول المتقدمة والذي يصل إلى 83.9 نقطة.
وأوضح أنه رغم هذا التقدم في تقييم المغرب وحصوله على المرتبة ال85 عالميا والمرتبة الأولى في شمال أفريقا والتاسعة بين دول الشرق الأوسط، إلا أن ذلك لا يناسب طموحات المغرب ولا يطمئن المقبلين على الاستثمار فيه. وأشار أوراز إلى أن حساب كل مؤشر من المؤشرات الأربعة الكبرى يتم بناء على مؤشرات ثانوية قابلة للقياس، مثل حقوق الملكية ومؤشر الفساد والرشوة والإنفاق الحكومي وحجم الضرائب ومرونة أسواق العمل والائتمان والسوق النقدية والتجارة والاستثمار والتمويل.
وشدد تقرير منظمة هريتاج فوندايشن على أن الفساد لا يزال مستشريا في الحياة العامة ومجال الأعمال، رغم الإجراءات الحكومية لمحاربته، مبرزا أن سلطة المنتخبين محدودة، إضافة إلى محدودية القضاء وبطء إصدار الأحكام، خاصة في مجال تسجيل الأراضي وملكيتها.
وأشار الباحث المغربي إلى أنه رغم تحقيق المغرب تحسنا في بعض المجالات إلا أنه ما يزال بعيدا عن التطلعات التي ستضعه في مصاف الدول الصاعدة، فالبلد ما يزال يعاني من ارتفاع نسب الضرائب ونسب الرشوة وكثرة التدخل الحكومي وغياب الشفافية في بعض الأسواق وارتفاع حجم الإنفاق الحكومي.
واعتبر أن المستثمر والاقتصاد المغربي بصفة عامة يعاني من ثقل البيروقراطية وطول الإجراءات الإدارية، وهما عاملان يؤثران بصفة مباشرة على مناخ الأعمال وعلى الحرية الاقتصادية.
وسجل التقرير ارتفاع نسب الضرائب، وارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة الذي يصل الآن إلى 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأكد أوراز أن سوق العمل لا يزال جامدا ومثقلا بكثرة القوانين والإجراءات التي لا تسمح بمرونة سوق العمل.
وأفاد المركز المغربي للظرفية، في نشرته لهذا الشهر، أن السلطات العمومية أنجزت إصلاحات مهمة خلال الخمس عشرة سنة الماضية في عدة مجالات، غير أن الطريق لايزال طويلا من أجل تحقيق جاذبية اقتصادية قوية بما يكفي.
واعتبر ميتسوهيرو فوروساوا، نائب مدير عام صندوق النقد الدولي، في بيان له، أن المركز الخارجي للمغرب عرف تحسنا بدرجة كبيرة، بفضل قوة السياسات، وتزايد الصادرات في القطاعات حديثة الإنشاء، وانخفاض أسعار النفط، وقوة الاستثمار الأجنبي المباشر، مع بلوغ الاحتياطيات مستوى مريحا. وأضاف أنه من الضروري مواصلة بذل الجهود للمضي في تنفيذ الإصلاحات الضرورية رغم صعوبتها، بغية احتواء مواطن الضعف المتبقية وتحقيق نمو أعلى لمختلف شرائح السكان.
وأكد أوراز ل“العرب”، أن المغرب حريص على تحرير اقتصاده، لكنه قال إن الإجراءات التي قام بها حتى الآن لم تؤد إلى ذلك، وأن بعضها تم القيام به بشكل متأخر أو بشكل سيء.
وأوضح الباحث المغربي، أن بعض الإصلاحات لا تجد الدعم الكافي من طرف جميع الفرقاء السياسيين وجميع الفاعلين كي تعطي ثمارها، وأحيانا يكون من السهل تغيير القوانين على الأوراق لكن من الصعب تغييرها على أرض الواقع.
وشهدت السنوات العشر الأخيرة نموا سريعا في نشاط البنوك المغربية التي زادت فروعها في الداخل وفي عدد كبير من الدول الأفريقية. وأصبح القطاع البنكي من أكثر القطاعات تنافسية في المغرب. وقد أشار تقرير منظمة هريتاج فوندايشن إلى أن القطاع البنكي المغربي بدأ يفرض حضوره الفاعل على المستوى المحلي والإقليمي.
ومن جهته أرجع صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي الأداء الإيجابي للنظام المالي في المغرب إلى التوسع الكبير للقطاع البنكي المغربي في أفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدا أن معدل الخطر المرتبط بتواجد البنوك المغربية في أفريقيا يبقى محدودا ولا يتجاوز واحدا بالمئة من رأس المال التنظيمي.
ودعا صندوق النقد المغرب إلى بذل مجهود لتجنب تفاقم معدلات الخطر عبر التركيز على تحسين الأداء التنظيمي والإشراف على الأنشطة المصرفية العابرة للحدود.