خلق مشروع المرسوم الخاص بإعادة انتشار الموظفين العموميين جدلا واسعا في صفوف الموظفين والنقابات. ويقترح المشروع حركية الموظفين في أوساط الإدارة العمومية والجهات المغربية بناء على رغبة الموظفين، أو إعادة انتشارهم بناء على إرادة الرؤساء المباشرين أو من يقوم مقام الإدارة.
وينتظر أن تهم إعادة توزيع الموظفين "الفائضين" قرابة 120 ألف موظف.
وتنظم عملية إعادة انتشار الموظفين، حسب مشروع محمد مبديع، المندرج في إصلاح الوظيفة العمومية، بإحداث لجنة لدى رئيس الحكومة "تجتمع نهاية كل سنة بعد أن تتلقى مقترحات مختلف الإدارات بخصوص فائضها من الموارد البشرية أو حاجياتها منها لتبت في عملية إعادة الانتشار.
ويروم هذا المشروع، حسب نصه، "خلق دينامية جديدة ومستمرة داخل الإدارات العمومية والجماعات الترابية، من خلال فتح إمكانية إعادة توزيع القدرات والكفاءات البشرية بما يضمن تلبية حاجيات الإدارة العمومية والجماعات الترابية، ويستجيب من جهة أخرى لطموحات الموظفين ورغباتهم".
ورغم هذه المبررات المقدمة لتأطير المشروع الأول من نوعه في تاريخ المغرب، فقد لقي منذ بداية طرحه استنكارا واستهجانا في الأوساط النقابية على وجه الخصوص.
وقالت خديجة الزومي، القيادية في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن وزارة الوظيفة العمومية والحكومة لم تستشيرا المركزيات النقابية قبل إعداد هذا المشروع، معلقة على هذا الأمر بأنه ضرب صارخ لروح دستور 2011.
وتضيف الزومي أن هذا المشروع قراءة خاطئة من طرف الحكومة أو تعسفية للقانون الأساسي للوظيفة العمومية، ولاسيما الفصل 38 الذي يسمح بإعادة انتشار الموظفين.
وتعتبر القيادية النقابية أن مشروع المرسوم الذي تقدم به الوزير محمد مبديع مس مباشر بالاستقرار العائلي والاستقرار الوظيفي.
وطرح سؤال عدم التمييز بين مهام الموظفين ووظائفهم، إذ كيف يمكن أن يشغل موظف جماعي مهمة أستاذ، وكيف للأستاذ أن يكون كاتب ضبط… وغيرها من الأمثلة التي ساقها معارضو مشروع المرسوم، والتي وجدت تفاعلا على الشبكة العنكبوتية.
وتزيد القيادية النقابية في هذا الباب أن أغلب المهن مرتبطة بتكوين وتجارب وتراكم للخبرات، لذلك فإن سؤال نجاعة حركية الموظفين مهنيا يبرز بشكل كبير في هذا الباب.
وتعتقد الزومي أن الحكومة مصرة على استفزاز الموظف بكافة الطرق، بداية من كيفية إصلاح التقاعد إلى إعادة الانتشار، مرورا بعدم الترخيص لهم بإتمام الدراسة"…
وتخلص القيادية النقابية إلى أن مشروع المرسوم مخالف للدستور الذي يضمن حق الاستقرار، ويخالف روح الفصل السابع الذي يتحدث عن إشراك النقابات في التشاور واتخاذ مثل هذه القرارات.
وفي إطار التفاعل مع هذا المشروع، استنكر الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة مقتضى النقل التلقائي للموظف دون أخذ رغبته بعين الاعتبار، مؤكدا على أن المشروع سيجعل من الإدارة فضاء لعدم الأمان والاستقرار المهني، وقد يصل الأمر "حد الترهيب أو القهر من الرؤساء للمرؤوسين".