قال ادريس بنهيمة الذي سبق أن كان مديرا للمكتب الوطني للكهرباء l'ONE في الفترة ما بين 1994 و2001 وهي الفترة التي أصبح خلالها l'ONE هو الزبون الوحيد لشركة مفاحم المغرب " Charbonnages du Maroc" التي كانت تدير المنجم الذي بنيت على أساسه مدينة جرادة سنة 1929، أنه منذ إنشاء المدينة وإلى غاية سنة 1992، قامت الشركة بتصدير الفحم الخام ولكن بعد انهيار الأسعار العالمية، أصبح المكتب الوطني للكهرباء هو الزبون الوحيد لمنجم جرادة. وكجزء من هذه المهمة الموكولة إلى وزير الطاقة والمعادن، أشرف إدريس بنهيمة على إغلاق المنجم الذي أدى إلى هجرة كبيرة نحو مدن أخرى (عدد السكان انتقل خلال سنوات قليلة من 70 ألف إلى 43 ألف نسمة) لأنه طيلة 70 سنة من إنتاج الفحم، لم يظهر أي نشاط آخر في جرادة. وحسب بنهيمة، فإن استمرار الاستغلال السري للمنجم بعد إقفاله، راجع لانعدام أي استثمار في أنشطة أخرى بالرغم من الأموال الكثيرة التي تم جنيها من مدينة جرادة طيلة 70 سنة من استغلال المنجم، حيث لا توجد هناك أية فرص للعمل في هذه المنطقة المعزولة. وبعد حوالي 20 سنة من اتخاذ هذا القرار الذي لا يزال يسيل الكثير من المداد، يوضح بنهيمة، بأنه كان من المستحيل الحفاظ على صناعة الفحم في حضن الدولة لسببين اثنين: * في مارس 1998، وقعنا مذكرة تفاهم مع نقابات المستخدمين من أجل التسريح التدريجي للعاملين ثم إغلاق المنجم بشكل نهائي بعد ثلاث سنوات، على أساس أن استغلاله لم يعد ممكنا من الناحية الاقتصادية والصحية على عمال المناجم الذين كانوا يعانون من مرض فظيع، هو السيليكوز " la silicose". * "لقد أمضينا وقتا طويلا وصرفنا الكثير من المال قبل أن نعرف أن تكلفة استخراج الفحم كانت أكثر بثلاثة أضعاف من السعر العالمي. حتى أنه كان من الأفضل أن تؤدى أجور العمال وهم في منازلهم، وأن نستورد الفحم، من أن ننتجه، لأننا هكذا كنا نقتصد الوقود والكهرباء. "لقد كان الطن الواحد من الفحم يكلفنا 750 درهما، في حين أن السعر العالمي هو 250 درهما فقط. لقد أصبح هذا النشاط مشكلة مالية حقيقية لأن رقم المعاملات لم يغط حتى رواتب العاملين في المنجم، بحيث كانت الدولة مضطرة لصرف 150 مليون درهم من الإعانة السنوية لسد العجز التشغيلي. لذلك توصلنا إلى استنتاج مفاده أنه من الأفضل استيراد هذا الفحم الخام بدلا من إنتاجه في جرادة" يقول بنهيمة.