عن سن 104 سنة، توفي الشيخ الخليلي بن محمد البشير الركيبي، والد زعيم البوليساريو، الذي ازداد بمنطقة الساقية الحمراء حوالي سنة 1913 "أذكر أنه في عام 1956 جئت إلى مدينة كلميم التي كان ينظم بها أكبر سوق للإبل في الصحراء ، وكان يرافقني أخي محمد سالم وبحوزتنا 100 من الإبل جئنا لبيعها في ذلك السوق، وأثناء وجودنا في كلميم علمنا أن السلطان سيدي محمد بن يوسف (محمد الخامس) عاد هو وأسرته من المنفى، وأن هناك وفدا من القبائل في طريق التشكل للذهاب لمبايعة السلطان، فتركت ما كان بيدي وانضممت إلى وفد القبائل المتوجهة إلى الرباط، وعند وصولنا إلى الرباط، استقبلنا السلطان ورحب بقدومنا وأكرم ضيافتنا". يحكي في حوار سابق مضيفا: "كنا رحلا نكثر من الترحال بحثا عن الماء والكلأ، نتبع حركة المزن(الأمطار) ،وأينما سقط المطر نتجه " ،كان الشاب آنذاك الخليلي الركيبي ،لا يعرف غير الإبل ورعايتها ،لكن سماع خبر عودة السلطان محمد الخامس سيحرك فيه حماسة الشباب ويتوجه مع المتوجهين لاستقباله ومبايعته بعد عودته من المنفى، كانت كلمات السلطان القليلة كافية بأن تبث في الشاب الخليلي الركيبي رغبة عارمة في الانخراط في مشروع حمل السلاح وتحرير الأرض من الغاصب المستعمر سواء الاسباني في الشمال والجنوب أو الفرنسي في وسط البلاد ، لذلك بمجرد ما التقى بالمجاهد محمد بنحمو حتى ترك ما بيديه وشكل فيلقا صغيرا مكونا من 25 فردا ،توجهوا إلى منطقة "فم العشار" لمواجهة قواعد الفرنسيين ، وسرعان ما التحق بالفيلق الصغير مقاومون من كل فج عميق ، لتتشكل نواة جيش التحرير من قبائل الصحراء ، قاوموا المحتل بأسلحة متواضعة كانت عبارة عن "رباعيات" بنادق تقليدية صغيرة في مواجهة الأسلحة الثقيلة للمحتلين الفرنسي والاسباني ، لم يكن الخليلي الركيبي ورفاقه يقيمون للحدود معنى فقد اعتقل منهم 46 شخصا في منطقة "تلة " بموريطانيا من طرف الاحتلال الفرنسي ، وكان أن تدخل محمد الخامس لفك المأسورين . استمر المقاوم الخليلي الركيبي في حمل السلاح قائدا لفرقة" المائة" المكونة من 100 مجاهد ، ليصبح نائبا لقائد "الرحى" التي تتكون من 300 فرد واحتفظ بهذه الصفة إلى أن تم حل " جيش التحرير المغربي" ،وقام بعدها بتسليم سلاحه للجيش الملكي سنة 1960 .ليقع عليه الاختيار لينضم للقوات العسكرية الجيش الملكي ، خضع بعدها لتدريب من ثمانية أشهر بقاعدة "أهرمومو" ، شارك بعدها في حرب المغرب والجزائر سنة 1963 ، نقل الخليلي الركيبي رفقة عائلته بعد ذلك إلى مدينة الحاجب ،ثم بعدها إلى شفشاون ،ثم القنيطرة ،ثم فاس ،ليتم اختياره للعمل تحت إمرة البشير ولد امبارك بالمكتب الثاني( جهاز مخابرات تابع للجيش الملكي) ، " قبل أن يتم تنقيله إلى الزاك ،وبعدها منطقة "أم أصبع" حيث بقي في تلك السرية إلى سنة 1973 سنة تحركات الشباب بمنطقة طانطان ، والتي ستكون النواة لتشكيل ما يعرف اليوم بجبهة البوليساريو . كان الوالد الخليلي الركيبي جنديا يحمل السلاح في القوات المسلحة الملكية عندما اعتقل أفراد من عائلته بمن فيهم زوجته بمدينة طانطان ، كان العامل صالح زمراك يرى في شعارات رفعها شباب صحراويون آنذاك عصيانا مدنيا ،في حين رآها بعض الصحراويين "ضيق أفق من السلطات فشعار «بفضلك يا سيدنا الصحراء ستصبح بيدنا».فسرته السلطات بان الشباب يريد أن يستولي على الصحراء بفضل من الله سيد الخالقين. لكن كان المقصود بكلمة سيدنا آنذاك هو الملك الذي يفضل أهل الصحراء أن ينادوه بلقب سيدنا بدلا من ألقاب الجلالة." يضيف في ذات الحوار بألم كبير قائلا:" آلمني أن يعتقل أفراد من عائلتي بينما أنا أؤدي واجبي في الدفاع عن بلدي ،وقد طالت الاعتقالات أخي عبدي بن محمد بن البشير بمنطقة "توزكي"وابني البكر محمد الحبيب الذي كان يدرس بالرباط (محامي الآن بهيأة أكادير) وابن أخي محمد إبراهيم ، وزوجتي التي اعتقلوها من بيتها في طانطان واقتادوها إلى أكادير ، وتركت خلفها أبناءها الصغار الذين لم يجدوا من يهتم بهم في غيابي وغياب أمهم ، وظلوا على ذاك الوضع شهرين إلى أن تم الإفراج عن أمهم ". تم إطلاق سراح زوجته وابنه رفقة من أطلق سراحهم ، وتم بعدها تنقيله إلى مدينة افني قبل مدينة قصبة تادلة بإقليم بني ملال التي استقر بها إلى يومنا هذا .