تدعي مبادرة التعاون بين الإسلاميين والعلمانيين أن الخلاف بين هذين المكونين هو مجرد "جدل فلسفي". وإذا كانت هذه المغالطة تريد في الوهلة الأولى ضرب سمو المعرفة الفلسفية ومنجزات العقل للإعلاء من قيمة الميتافيزيقا، فهي تريد أيضا تخفيف الضغط على النصوص المرجعية الإسلامية التي تحيل مباشرة على ممارسة شرعية ومقدسة للعنف والإقصاء والتمييز. تريد الإيحاء بأن انتقاد تلك النصوص المرجعية هو مجرد لغو كلامي وإديولوجيا عقيمة.. لا يتعلق الأمر بتخفيف الاستقطاب عن طريق بناء فضاء مشترك، بل بمحاولة غير بريئة لتحصين نقطة ضعف الإسلامين و تمرير تقيتهم السياسية و تعويضها بنوايا فضفاضة في مجتمع طوباوي يتعايش فيه القتلة والمواطنون عن طريق التغني بمفاهيم عاطفية مثل الحرية الكرامة العدل. وبالتالي ما عبرت عنه المبادرة من ضرورة بناء فضاء مشترك هو في حقيقته نفاق (حلال) تعودت التنظيمات الإسلامية استعماله مرات عديدة قبل الانقضاض على السلطة، وفي كل مرة بتخاذل مكشوف من قوى تنسب نفسها إلى اليسار وشرذمة منتهية الصلاحية تقدم نفسها ممثلة للعلمانية وهي تبحث فقط عن الأضواء وبعض التمويلات الأجنبية للحوانيت التي تفتحها في بلدانها.. فرِحا تحدث البيان عن "صحيفة المدينة"، وزعم أنها أول وثيقة دستورية تؤصل للتعايش، وهذا كذب آخر، لأن الوثيقة الدستورية الأصلية في الإسلام هي القرآن، و فيه نجد سور وآيات بأكملها تنص صراحة على جهاد مغايري المعتقد (الكفار) وقتلهم وسبي نسائهم. تقول أحاديث الرسول أن غزو الشعوب وسلب أراضيهم واسترقاقهم هو من اكتمال الإيمان. بل حتى صحيفة المدينة تلك لم تترجم سوى توجيهات القرآن الواردة في سورة التوبة وميزت المجتمع على أساس الإيمان والكفر ليس إلا. من المغاربة الذين وقعوا على بيان المبادرة، يوجد مؤرخ مرت المغالطات التارخية أمامه يا حسرة، وزعيمة حزب سياسي يا حسرتان، وشخصية تتمرغ في الأرض ويغمى عليها وهي تبشرنا بمجتمع حقوق الإنسان. يجب أن نصرح عاليا أن هؤلاء المخصيين لا يمثلون العلمانيين المغاربة ونحن نتبرؤ منهم. * مقال لا يعبر عن وجهة نظر الموقع