عاجل!! عقد والي جهة الدارالبيضاءسطات وعمدة مدينة الدارالبيضاء ووالي أمن الدارالبيضاء والرئيس المدير العام لشركة "نقل المدينة" بالدارالبيضاء اجتماعا طارئا صباح اليوم، الاثنين 21 غشت 2017، للتداول في قضية شريط الفيديو الذي يوثق محاولة مجموعة من القاصرين اغتصاب فتاة داخل حافلة للنقل العمومي. واستمر الاجتماع إلى ما بعد منتصف اليوم، وانتهى بالإعلان عن "خطة مندمجة" سيتم اعتمادها فورا لضمان أمن ركاب حافلات النقل العمومي بالعاصمة الاقتصادية وحمايتهم من مختلف أشكال الاعتداء، ووضع حد للجريمة داخل الحافلات. وأفادت مصادر مطلعة بأن المسؤولين الأربعة قطعوا عطلتهم الصيفية، بمجرد ما علموا بتداول الفيديو الخطير على مواقع التواصل الاجتماعي، وقرروا على الفور، بعد تبادل اتصالات هاتفية بينهم، العودة إلى الدارالبيضاء ودعوة مساعديهم الأقربين لحضور الاجتماع والتفكير في الإجراءات التي من شأنها أن تضع حدا للجريمة التي أضحت منتشرة داخل حافلات النقل العمومي بالدارالبيضاء. === كنت أتمنى أن أقرأ هذا الخبر قبل أن ينتهي نهار يوم الاثنين. لكن، للأسف الشديد، لم يصل إلى علمي أن هؤلاء "المسؤولين"، الذين انْتُدِبوا لمسؤولياتهم باسم الدولة والسكان، تداعوا إلى اجتماع مستعجل ولا قطعوا عطلتهم، على إثر هذا الحدث الشنيع والأليم والمخيف. لقد تحول توقيف المشتبه فيهم إلى "عمل جبار" قامت به مصالح الأمن، بعدما "تفاعلت، بجدية وسرعة، مع شريط الفيديو". وانطلق خلاف بين شركة النقل وإدارة الأمن بشأن تاريخ الواقعة وتسجيلها؛ هل يعود إلى ثلاثة أشهر أم إلى ثلاثة أيام؟! لا ينبغي أن تنتهي هذه الواقعة بتوقيف المتورطين وتقديمهم أمام العدالة… إلخ. فالمشكلة لا تقف عند هذا الحد "الروتيني" في التعامل مع الجرائم. إن السؤال الذي ينبغي أن نبحث له عن جواب شاف هو لماذا قام أولئك المراهقون بما قاموا به بكل اطمئنان وبعلنية ودون مبالاة لا للركاب ولا لمكان الفعل الجرمي؟ قد تكون عناصر الجواب متفرقة بين العديد من المجالات والقطاعات والمؤسسات المجتمعية؛ فنجدها في التربية بمختلف أبعادها، وفي المدرسة والتعليم، وفي الثقافة والقيم، وفي النظرة إلى المرأة والعلاقة بها، وفي وضع الأسرة ودورها في التنشئة… إلخ. لكن الذي شجع أولئك المراهقين على إتيان فعلهم الجرمي داخل الحافلة هو اطمئنانهم إلى المكان، وعلمهم بحالة الرهاب التي أصبحت تصيب ركاب الحافلات عندنا، وهي حالة يمكن أن ندرجها ضمن أنواع مرض الرهاب التي تُصَنَّف بحسب الأماكن. وتستحق مدينة الدارالبيضاء أن نسجل في اسمها نوعا جديدا من الرهاب يحمل اسم "بيسفوبيا" (busphobia). لقد أصبحت حافلات النقل العمومي بالعاصمة الاقتصادية مكانا "آمنا" للسرقة العلنية والتعنيف بالأسلحة والتحرش الجسدي واللفظي. والخطير في الأمر أنه جرى تطبيع مع هذا الوضع من طرف الجميع، راكبين وسائقين ومراقبين… وأصبح كل فرد من هؤلاء يحرص على أن يفلت بجلده كلما وجد نفسه داخل حافلة!! إن سلوك هؤلاء القاصرين جاء ليعكس بكل وضوح الدرجة القصوى للتطبيع مع وضع "اللا أمن" الذي تشهده حافلات النقل العمومي بالدارالبيضاء، وهو ليس إلا امتدادا لما تشهده شوارع العاصمة الاقتصادية وأحياؤها. وهذا الوضع ليس بخاف على المسؤولين، الإداريين والمنتخبين والأمنيين ومسيري شركة النقل. ومع ذلك، لم يبادروا إلى القيام بما تمليه عليهم مسؤولياتهم لتوفير الأمن والأمان داخل الحافلات، بشكل استباقي، لا انتظار "تسجيل شكاية" لدى مصالح الأمن، أو "إشعار من قبل الضحية أو من قبل سائق الحافلة"!! ما وقع لتلك الفتاة داخل حافلة للنقل العمومي وفي واضحة النهار وأمام الملأ جريمة بشعة ومَشاهدها المصوَّرة مُرَوِّعة. وإذا كان مقترفوها يستحقون العقاب، فلا يمكن أن تنتهي فصولها فقط داخل قاعة من قاعات المحكمة بعقد الجلسات وإصدار الأحكام وتنفيذها… إن هناك فصولا أخرى يجب أن يتابعها سكان الدارالبيضاء بمقرات ولاية جهة الدارالبيضاءسطات ومجلس المدينة وولاية الأمن وشركة "نقل المدينة". فمتى ستنعقد الجلسات؟ ومتى ستصدر الأحكام؟ وكيف سيتم تنفيذها؟… هذا ما تنتظر ساكنة الدارالبيضاء الجواب العاجل عنه.