تقريران من 74 و100 صفحة على التوالي، نشرهما مجلس النواب في شهر غشت الفائت لتقييم برنامجين حكوميين، كلفا معا 300 مليون سنتيم. وحصل مكتبا استشارات على هذه المبالغ المالية من ميزانية مجلس النواب، دون أي إعلان عروض، أو أي وسيلة أخرى لإبرام الصفقات العمومية. تحقيق نشرته "أخبار اليوم" في عدد غد الأربعاء، من إنجاز الصحافي منير أبو المعالي، يكشف أن الصفقة الغامضة التي آلت في بداية الأمر إلى مكتب دراسات يدعى "فاليونس" بواسطة عقد اتفاقي بينه وبين رئيس مجلس النواب، قبل أن يصبح الأمر متعلقا بمكتبي دراسات بعدما دخل والي تطوان سابقا، إدريس خزاني، على الخط، ويظفر بواسطة مكتب دراسات أسسه حديثا بمعيّة محمد الضريس شقيق الوزير المنتدب في الداخلية، الشرقي الضريس، بتنفيذ الصفقة لصالح مجلس النواب. ورغم هذه المبالغ والاستشارة المرصودة، فقد كانت التقارير المنجزة "غير نموذجية" كما نقرأ في ديباجتها: "إن هذا التقييم ليس نموذجا لعمليات تقييم السياسة العمومية التي سينجزها مجلس النواب مستقبلا، لأن تلك العمليات ستجري في ظروف أكثر ملاءمة للإطار المرجعي المعتمد، وفي إطار احترام المعايير الدولية". تحقيق "أخبار اليوم" يقول إن مكتبي الاستشارات قادا كافة العمليات التقنية كجمع البيانات وتحليلها، كما أجريا مقابلات مع المسؤولين بالقطاعات الحكومية المعنية، وأيضا اكتشاف الخبرة الأجنبية، ليقدما في آخر المطاف باكورة كل تلك الأعمال: تقريران وإطار مرجعي حول تقييم السياسات العمومية. وكلفت هذه العملية حوالي 300 مليون سنتيم. ويؤكد رشيد الطالبي علمي نفسه هذه القيمة: "بلغ الغلاف المالي حوالي 3 ملايين درهم". أما أعضاء مكتب مجلس النواب الذين تحدثت إليهم "أخبار اليوم" وحتى أعضاء اللجنة الموضوعاتية، فإنهم إما لم تكن لديهم فكرة عن قيمة العقد، أو كانوا يحاولون إخفاءها عن الصحافة. وعموما يوضح ذلك على الأقل، بالنسبة لكاتب التحقيق، أن النواب المعنيين بشكل مباشر بهذه العملية لم يكونوا فعلا في صورة الترتيبات التقنية والمالية لإسناد عقد تقييم السياسات العمومية إلى مكتبي الاستشارات.