قال حسن بكير، أمين عام حركة الشبيبة الإسلامية المغربية، إن النتائج التي أفرزتها انتخابات سابع أكتوبر أكدت بوضوح، من خلال مقاطعتها الواسعة، أن أغلب المغاربة غير مقتنعين بالعمل السياسي وجدواه، في ظل التركيبة السياسية الحالية. وأضاف في حوار خصّ به موقع "الأول" إن النظام المغربي ما زال يستخدم أدوات كلاسيكية في ترتيب الخريطة السياسية، وإنه لم يستطع أن يطور نفسه، ليساير العصر ويستخدم لغته وآلياته. وأشار بكير، اللاجئ السياسي في هولندا، إلى أن الاختلاف بين عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، وإلياس العماري، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، ليس اختلاف فكر أو اقتناع، وإنما اختلاف تنافس بين من يكون الأقرب إلى الخدمة، ويستمر في المنصب لتنفيذ ما يطلب منه. كما تحدث عن القضاء المغربي، وعن علاقة حركة الشبيبة الإسلامية المغربية بحزب العدالة والتنمية، وعن قضايا أخرى، وفيما يلي نص الحوار: ما هي قراءتك للمشهد السياسي الجديد الذي أفرزته تشريعيات سابع أكتوبر؟ القراءة الجزئية للمشهد السياسي المغربي لن تكون قراءة صحيحة إذا نحن أغفلنا طبيعة النظام السياسي المغربي، الذي يرسم ملامح هذا المشهد ويحدد تفاصيله في أحيان كثيرة. ولعلي لن أكون مجانبا للصواب إذا قلت إن الأحزاب المشاركة في الانتخابات السياسية لا تمثل أي قيمة مضافة، سواء كانت أحزابا تاريخية تآكلت بفعل سياسات الترويض والتفتيت، التي دأبت على ممارستها السلطة الملكية الحاكمة، أم كانت أحزابا إدارية من صناعة القصر، أم أحزابا ذات نكهة إسلامية لا تختلف كثيرا عن الأحزاب الإدارية، اللهم إلا في بعض تفاصيل ظروف النشأة وطبيعة المهمات المنتظرة من كل منها. وإذا كانت الديموقراطية تعني الاحتكام إلى صوت الأغلبية، فإن النتائج التي أفرزتها انتخابات السابع من أكتوبر أكدت بوضوح، من خلال مقاطعتها الواسعة، أن أغلب المغاربة غير مقتنعين بالعمل السياسي وجدواه، في ظل التركيبة السياسية الحالية. كيف وجدت التقدم الذي شهدته نتائج حزب الأصالة والمعاصرة، إذ انتقل من 47 مقعدا في انتخابات 25 نونبر 2011، إلى 102 مقعدا في انتخابات 7 أكتوبر 2016؟ مسألة فوز حزب معين وتراجع آخر، إن سلمنا بمصداقية الانتخابات أساسا، ليست ذات تأثير كبير بالنظر إلى كون مجال العمل السياسي جد محدود، لكن هذه المسألة تشير في نفس الوقت إلى أن النظام المغربي ما زال يستخدم الأدوات نفسها في ترتيب الخريطة السياسية. ورغم أن هذه الأدوات بليت وتآكلت، فإن النظام الملكي بأحزابه لم يستطع أن يطور من نفسه، ليساير العصر ويستخدم لغته وآلياته. وما الحلول الترقيعية التي يجربها إلا محاولات لتسويق صورته في الخارج، وإيهام الآخرين بأن المغرب يسير في اتجاه الديموقراطية، في حين أنه هو نفسه ليس مقتنعا بالديمقراطية. إذا أنت تعتبر أن لا فرق بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، اللذين دار بينهما صراع قوي قبل انتخابات سابع أكتوبر؟ إلياس العماري وبنكيران قد يختلفان في بعض التفاصيل، لكنهما يقومان بأدوار متكاملة لضمان التوازن المطلوب. فاختلافهما هو اختلاف تنوع، تفرضه ضرورة التسويق لدعوى المغرب الديموقراطي، الذي تتنافس فيه الأغلبية والمعارضة. بتعبير آخر، كليهما أداة لتنفيذ سياسة الملك وحاشيته، فالأول أغلبية الملك، والثاني معارضته. والاختلاف بين الطرفين أو غيرهما، ليس اختلاف فكر أو اقتناع، وإنما اختلاف تنافس بين من يكون الأقرب إلى الخدمة، ويستمر في المنصب لتنفيذ ما يطلب منه. هل تعتبر حزب العدالة والتنمية امتدادا سياسيا وحزبيا لحركة الشبيبة الإسلامية المغربية؟ لقد وضحنا في أكثر من مناسبة علاقة حزب العدالة والتنمية بالحركة الإسلامية. وأذكر من هذا المنبر أن عددا قليلا جدا ممن يعدّون قيادات في حزب ابن كيران حاليا، كانوا فعلا من أبناء الحركة الإسلامية اليافعين في السبعينيات. وقد استثمر مَنْ أُلحقوا بالشبيبة الإسلامية آنذاك إنجازات الحركة الإسلامية المغربية، ووظفوها لصالح السلطة مقابل مكاسب مادية وسياسية. ولا شك أن ابن كيران وإخوانه قد وصلوا إلى بعض أهدافهم، لكن يبدو أن عقدة انتسابهم السابق للحركة الإسلامية ظلت تلازمهم بعد دخولهم للخدمة، ولذلك تجدهم يذكرون بمناسبة وبغير مناسبة أنهم ملكيون أكثر من الملك، ولهذا السبب أيضا نجد نسبة الضبط الذاتي لديهم أقوى من غيرهم، إذ وصلوا إلى مرحلة أصبحوا معها يتبرأون من المرجعية الإسلامية ذاتها، وهذا لا نقوله نحن، وإنما يشهدون به على أنفسهم. ما هو تقييمك لأداء حزب العدالة والتنمية خلال الخمس سنوات الماضية، التي كان فيها على رأس الحكومة المغربية؟ فيما يتعلق بتقييم سنوات خدمتهم، فأعتقد أن رأي المواطن كاف للحكم عليهم. وعلى العموم فإن ابن كيران وجماعته ليس لديهم ما يكفي من الخبرة السياسية والكفاءة العلمية في الاقتصاد والتسيير، لكي يستطيعوا أن يصلحوا منظومة مختلة. هل ترى أن سلسلة الاحتجاجات التي شهدتها مجموعة من المدن المغربية على خلفية مقتل محسن فكري مشروعة، خاصة وأن وزارة الداخلية المغربية فتحت تحقيقا لمعرفة ملابسات الحادث؟ ما حدث للشهيد محسن فكري مثال للمظالم التي تعيشها نسبة كبيرة من المغاربة، ووجه من وجوه فساد النظام السياسي الذي جعل الثروات محتكرة من قبل فئة محدودة جدا، ودليل على استشراء الفساد الذي أصبح ممارسة ممنهجة، انتشرت داخل قطاعات اجتماعية واقتصادية متعددة، ولم تسلم منها أغلب التنظيمات السياسية. وتراكم المظالم وانتشار الفساد وتجاهل المطالب المشروعة سبب رئيس في عدم الاستقرار، ودافع قوي للمطالبة بالحقوق، لاسيما حق الإنسان في الحياة الحرة والكسب المشروع، الذي يضمن للإنسان كفايته وكرامته. في حوار لك مع قناة الحوار، جاء على لسانك "لو كان هناك قضاء عادل لما كنا في منفى". فلماذا تعتبر القضاء المغربي غير عادل؟ القضاء المغربي غير عادل لأنه بكل بساطة غير مستقل استقلالا تاما. ولو كان عادلا لما تكررت الدعوات لإصلاحه، ولما شكلت اللجان والمجالس للبحث في كيفية إصلاحه. فالسلطة التنفيذية والملك يتدخلان في القضاء، وشريط الفيديو الذي يعترف فيه عبد الكريم الخطيب بتدخل الملك في القضاء خير دليل على ما أقول. وأنا إلى جانب قياديي حركة الشبيبة الإسلامية المغربية لا نزال في المنفى لأن قضيتنا سياسية وليست قضائية. والقضاء في المغرب أداة لتصفية الخصوم السياسيين. قلت أيضا في نفس الحوار ما مفاده إن الحكومات في المغرب ليس لها الأمر في القضايا الأمنية، وأن مستشاري الملك هم من يقررون فيها. فكيف يتم ذلك؟ بالنسبة للحكومة وسلطاتها، فهي حكومة الملك، وهو الذي يعين رئيسها ويعتمد وزراءها، ويكفي أن يكون بعض وزراء ما يسمى بوزارات السيادة أقوى نفوذا من رئيس الوزراء نفسه. فالنظام السياسي المغربي نظام هجين، يعيش حالة انفصام بين وضع داخلي يستخدم فيه أدوات كلاسيكية لتطويع كل القوى السياسية وتحقيق السيطرة الاقتصادية، ووضع خارجي يحاول أن يوظف فيه آليات العصر ومن بينها الديموقراطية، وذلك ليس إيمانا بها، وإنما مجاراة للتطور الذي تعرفه أغلب بلدان العالم، في محاولة لتسويق نظام متآكل بوسائل عصرية حديثة.