دافع رئيس مجلس المستشارين النعم ميارة، بقوة عن الإبقاء على مجلس المستشارين، الغرفة الثانية في البرلمان، معتبرا أن الدعوات المنادية بتجميد دوره في ما يتعلق بالتشريع البرلماني أو إلغائه بشكل نهائي لتبقى فقط الغرفة الأولى ممثلة بمجلس النواب، "تبخيسا للمؤسسات وتيئيسا للمواطنين من الفعل السياسي". وقال ميارة خلال حلوله ضيفا اليوم الثلاثاء على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، إن التساؤل حول جدوى مجلس المستشارين "لا يجد له مكانا على أرض الواقع، ويدخل في إطار تبخيس المؤسسات الذي دأب البعض على القيام به". وأضاف ميارة: "المشرع المغربي لم يكن منحازا لطرف دون طرف، والثنائية البرلمانية أثبتت نجاعتها في الكثير من الدول وفي الديمقراطيات الكبرى وقد كانت صمام أمان للاستقرار وللديمقراطية نفسها". وتابع: "التجربة الثنائية البرلمانية المغربية ليست وليدة دستور 1996، بل تعود للستينات. حينما تغيّر الدستور بعد حالة الاستثناء لم تكن هناك الحاجة إلى ثنائية برلمانية في تلك المفترة فارتأى المشرع الاعتماد فقط على تمثيل الجماعات والتراب في إطار ما كان يسمى ب"الثلث الناجي" أو غير المباشر، بينما في الستينيات كان دستور المغرب يتحدث عن 7 جهات، وفي 1996 حينما تغير الدستور تحدث صراحة على الجهات فارتأى إحداث غرفة في البرلمان توازي مجلس النواب من أجل إسماع المجال الترابي". وفي وقت يؤكد فيه المطالبون بحذف الغرفة الثانية أنها تثقل المسار التشريعي في البلاد، نفى ميارة ذلك مشيرا إلى أنها "لم تكن في يوم ما مُفرملة للأغلبية الحكومية بل دورها هو تجويد العمل الرقابي، وكدليل على ذلك أستحضر مشروع قانون المالية للسنة الفارطة، قدم المستشارون 800 تعديلا وقبلت الحكومة منها 87. يعني هذا أنها كانت دقيقة ومن صاغها يعرفون المجال جيدا". وأبرز القيادي الاستقلالي نفسه أن دور مجلس المستشارين لا ينحصر فقط في العمل الميكانيكي المتعلق بالتشريع، بل في إيجاد وظائف أخرى تنسجم مع الدستور ومع وظيفة المجلس، لافتا إلى أن العمل متواصل من أجل جعل مجلس المستشارين مكانا للخبرة ونقل السجال من خارج المؤسسات إلى داخلها من خلال الكثير من المنتديات الجادة مثل المنتدى الدولي للعدالة الاجتماعية والمنتدى الوطني للجهات. و"بعيدا عن المزايدات السياسية التي قد تقع وهذا أمر طبيعي لأننا في بلد ديمقراطي حيث توجد أغلبية ومعارضة" يقول ميارة، مستطردا: "نحاول داخل المجلس أن يكون فضاء للحكماء، بعيدا عن التجاذبات السياسية والسجالات وإن كانت مهمة جدا للرفع من القيمة الحقيقية للمستشارين". وزاد: "نحن في المغرب آمنا أن التوافق الوطني بين المؤسسات هو السبيل للخروج من الأزمات، ولو لم يؤمن المغاربة بضرورة وجود مجلس المستشارين لألغي من دستور 2011 الذي أتى في مرحلة عربية صعبة جدا"، مشددا على أنه اطلع على مذكرات جميع الأحزاب السياسية التي رفعت آنذاك لتعديل الدستور فخلص إلى أن النزر القليل تحدث عن إلغاء الغرفة. وفي رد على الأصوات التي ترى في استمرار هذه المؤسسة إهدارا للمال العام، أورد ميارة أن "المال العام لا يهدر في المؤسسات العمومية، وإنما في أشياء أخرى منها التهرب الضريبي وعدم قدرة البعض على أن يكون مقاولة مواطنة. هنا يجب أن نبحث عمّن يبخس المؤسسات التي ارتضاها المغاربة فيما بينهم".