وجّه المناضل، وأحد قيادات اليسار التاريخي، محمد بنسعيد أيت إيدر، رسالة بمناسبة ذكرى تأسيس فيدرالية اليسار الديمقراطي، في 23 مارس، إلى أعضاءها ومكوناتها، يدعوهم فيها إلى "توحيد الصفوف ضمن حزب يساري تشكل الفيدرالية نواته الصلبة"، والترفع عن "المعارك الصغيرة". وجاءت رسالت بنسعيد أيت إيدر بمثابة نقطة نظام وسط ما تعيشه فدرالية اليسار من مشاكل وخلافات بين البعض من قياداتها، ولم يفوت الفرصة في الإشارة إلى أن الفدرالية مقبلة على الانتخابات التي من شأنها أن تشكل مرحلة لتقريب وجهات النظر بين المكونات وكذلك للعمل لمشترك وتمثينه، وبالتالي فهي حسب رسالته، في حاجة إلى كل طاقاتها، قائلاً: " إنه غير مسموح لأطرها ووجوهها ومناضلاتها ومناضليها بالرجوع إلى الوراء في وجه هذه المعركة وإدارة الظهر لها. لأننا بحاجة إلى الجميع؛ بل إننا محتاجون للانفتاح الواسع والذكي على اليساريات واليساريين النزهاء وعلى الشريفات و الشرفاء من بنات وأبناء هذا الوطن"، وهي إشارة إلى عمر بلافريج من أجل التراجع عن قراره بعدم الترشح في الانتخابات المقبلة. وقال بنسعيد في رسالته المفتوحة، "فقد وجدت من مسؤوليتي اليوم أن أتوجه إليكم جميعا – في 23 مارس- هذا التاريخ ذي الدلالات العميقة والمتعددة – بهذا النداء الصادر عن وعيي الكامل بأهمية اللحظة التاريخية التي يمر منها وطننا، ويمر منها اليسار المغربي؛ ومن وعيي العميق بدقة المرحلة التي تتطلب من مناضلات ومناضلي اليسار عموما ومكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي خصوصا الارتقاء بوعيهم ومبادراتهم إلى مستوى اللحظة التي تستلزم – أكثر من أي وقت- العمل بروح وحدوية لرفع كل التحديات الآنية والمستقبلية". وتابع، "وإني إذ أقدر عاليا كل الرفاق والرفيقات الذين زاروني، أو اتصلوا بي، أو كاتبوني في أوضاع الحزب الاشتراكي الموحد ووضعية الفيدرالية ووضعية اليسار المغربي ،فإني أعتبر اتصالاتهم جميعا إنما تنبع من غيرتهم على الحزب ، ومؤسساته؛ وغيرتهم على مشروع الفيدرالية. وأؤكد لهن ولهم جميعا أني لم و لن أدخر جهدا من أجل صيانة ما يجمعنا، وما يضمن تلاحمنا وما يؤهل اليسار المناضل إلى القيام بكل مهامه في ظل الانتظارات المتعددة والمتنوعة. فبعد تتبعي الدقيق والمثابر لما يجري في وطننا في ظل جائحة كوفيد 19، وما واكبها من تراجعات وويلات، وما رافق التحضير للانتخابات المقبلة من نقاشات أسفرت على تسويات ونتائج لم تكن بالضرورة معبرة عن نهج التقدم نحو الديمقراطية المأمولة". وأضاف بنسعيد أيت إيدر، "وما عرفه ويعرفه المجال المشترك لمكونات فيدرالية اليسار من نقاشات، وتشنجات، وتفاوتات في التقديرات لمستلزمات المرحلة؛ وما يترتب عن ذلك من توترات داخلية، وانفعالات متوترة خاصة فيما يتعلق بمشروعنا الجماعي الذي نعلق عليه الآمال العريضة لإعادة بناء اليسار المناضل المغربي، وتوحيد صفوفنا ضمن حزب يساري تشكل الفيدرالية نواته الصلبة وينفتح على النزهاء من مناضلات ومناضلي اليسار ونشطائه من خارج الإطارات الحزبية القائمة ". وقال ذات المتحدث: "الجميع يعلم بكثافة المجهودات العملية التي قمنا بها- جميعا و معا- منذ انخراطنا الجماعي والوحدوي في بناء اليسار الموحد سنة 2000، ثم انخراطنا الهام في بناء الحزب الاشتراكي الموحد سنة 2005 ، وحرصنا على تطويرعلاقتنا للحفاظ على مكسب تجمع اليسار،واختيارنا الطوعي والوحدوي لدخول انتخابات 2007 ضمن تحالف اليسار الديمقراطي ، ثم انخراطنا القوي والمشحون بالأمل في تأسيس فيدرالية اليسار الديمقراطي في 23مارس 2014 بما يحمله تاريخ -23 مارس- من دلالا ت ذكية لا تخفى على أحد . وقد كان الأمل أن نصل إلى محطة الانتخابات المقبلة وقد توحدت قوانا مرة أخرى، وحققنا هدف البناء الموحد لحزبنا اليساري الوفي لقيم اليسار، والمنشغل بقضايا الوطن، والمحتضن لحراكات الشعب المغربي، والمساند لهمومه اليومية … غير أن الظروف الذاتية والموضوعية لم تسعف بتحقيق كل مستلزمات هذا المشروع المستقبلي الكبير، رغم المجهودات الكبيرة والمشكورة التي بذلت وما تزال تبذل. والجميع يدرك تمام الإدراك بأن مشاريع مستقبلية وكبيرة من هذا النوع لابد أن تبنى على وضوح كاف للأسس، وعلى ثقة متقاسمة، وعلى تنازلات متبادلة،وكلها أمور نتوفر اليوم على نسبة هامة منها ستساعد –حتما- على تحقيق الاندماج الجماعي في هذا الحزب اليساري الكبير بعد سنة من الانتخابات المقلبة أو خلالها .وعليه سننظم مباشرة بعد الانتخابات مسار التحضير التشاركي لنقاش جماعي ورفاقي لمختلف القضايا التي من حق أي مكون أن يطرحها في المجالات الضرورية للمشروع فكرية، وسياسية ،وتنظيمية، وحسمها باستثمار عقلاني وجيد للتراكمات المكتسبة حاليا . ومن الأكيد أن عقلنا الجماعي قادر على إبداع وإنجاز الأفضل لهذا المشروع المستقبلي الهام . وأنا مؤمن بما علمتني التجربة من أن مناسبات الانتخابات عادة ما تكون مناسبات سانحة للتآلف، والتعاضد، والتعاون، والتآزر، والانفتاح، والاستقطاب، وتوحيد الصفوف، والتركيز على الجوهري، والتمسك بالمشترك . ولذلك فأنا مؤمن بأن النجاح في خوض غمار معركة الانتخابات بنفس قوي ووحدوي – ودون أوهام مدمرة – سيخلق أجواء التصالح مع الذات، واكتشاف الآخر، والاطمئنان المتبادل؛ وبالتالي الاقتراب أكثر من تحقيق الهدف المشترك". وتابع قائلاً: "لكل هذا ألتمس من رفيقاتي ورفاقي في الحزب الاشتراكي الموحد بكل مؤسساته، ومسؤوليه، ومناضلاته ومناضليه أن يكونوا- كما عهدناهم – قنطرة واصلة وجسرا ممتدا لهذا المشروع الوحدوي؛ وأن يتوجهوا توا إلى المهام التي تتطلبها المرحلة. وأن يترفعوا عن المعارك الصغيرة لأن المعارك الكبرى تنتظرهم. ونحن لا نقبل لنا فشلا أو تراجعا خاصة وأن الحراكات الشعبية تسائلنا وتنتظر منا تقديم البديل و بلورة أفق استراتيجي واضح المعالم". وتوجه في رسالته كذلك إلى باقي مكونات الفيدرالية – قيادة وقواعد- ب"نداء رفاقي للحرص على مزيد من تفهم بعضنا البعض، ودعم مجهودات اللجن المنكبة على تحضير الانتخابات المقبلة على مستويات المركز والجهات والفروع ؛ والتعاون فيما يمكن أن يسهل التعاضد، والانصهار، والعمل المشترك باعتباره أساس بناء المستقبل بيسر وسهولة. وأنا مؤمن بأن فيدرالية اليسار ستكون لها كلمتها المتميزة في الانتخابات المقبلة، لأن الشعب المغربي اكتوى كثيرا من الفشل الذريع للتجارب المتعاقبة على تدبير الشأن العام ( إلا في حالات نادرة والنادر لاحكم له ) فلا تسمحوا بضياع مزيد من الفرص". ويقول بنسعيد في رسالته قبل أشهر قليلة على الانتخابات المقبلة: "ولأن الأمل معقود على الفيدرالية ومرشحاتها ومرشحيها في ربح أكبر قدر ممكن من المقاعد النظيفة، والصافية، والنزيهة، والمستحقة، فإنه غير مسموح لأطرها ووجوهها ومناضلاتها ومناضليها بالرجوع إلى الوراء في وجه هذه المعركة وإدارة الظهر لها. لأننا بحاجة إلى الجميع؛ بل إننا محتاجون للانفتاح الواسع والذكي على اليساريات واليساريين النزهاء وعلى الشريفات و الشرفاء من بنات وأبناء هذا الوطن". وتضنت الرسالة رسائل واضحة بصوص الشأن الداخلي للحزب الاشتراكي الموحد، حيث قال بهذا الخصوص: "وبما أن شأننا الحزبي كان وما يزال شأنا عاما ومفتوحا على عيون المجتمع وأحضانه، فإني أدعو جميع الرفيقات والرفاق إلى الحرص على صورتنا المحترمة داخل المجتمع فهي جزء أساسي من رصيدنا الذي نعتز به والذي يميزنا. وأدعوهم في نفس الوقت إلى التشبث بقيمنا اليسارية القويمة، وضمنها : التواضع، والعمل، والإيمان بقوة الجماهير، والتشبث الدائم بالاحترام المطلوب لبعضنا البعض، والالتحام حول كل مؤسسات الحزب وقيادته وكافة رموزه، والاستعداد الدائم للدفاع عنها والتحلي -في نفس الآن- بالنقد الرفاقي داخل المؤسسات- وممارسة النقد الذاتي باستمرار. علما أن الحوار الرفاقي المباشر هو القمين وحده بالانصات المتبادل لكل وجهات النظر، وهو الضامن لاحترام الاختلاف ؛ فتشبثنا بهذه القيم وغيرها هو ما ظل يشكل أساس اللحمة التي كانت تشحننا بالأمل دوما، وتجعلنا أقوياء مهما كان عددنا ، ويجعل رأينا مسموع الصوت مهما كان وضعنا وحجمنا ". وقال بنسعيد: "وأغتنم هذه الفرصة – تاريخ 23 مارس بالذات – لأتوجه إلى أطر اليسار المغربي ومحيطه من النخب الديمقراطية، ونشطاء المجتمع المدني ؛وأخص بالتحديد شبابنا الواعد والطموح، لدعم فيدرالية اليسار الديمقراطي في معركة الانتخابات المقبلة ترشيحا، تصويتا؛ ومساندة مرشحاتها ومرشحيها – مساندة لا تلين- . فالشباب هم صانعو المستقبل ورواده وبناته، وأملي واسع في أن يتحقق الانخراط القوي لأطر اليسار العاملة – خارج الأحزاب – في دعم كل مبادرات التوحيد والانصهار وتيسيرها لتحقيق المشروع المستقبلي المشترك. الذي يستلزم إنجازه سمونا الجماعي إلى متطلبات اللحظة". وت رسالته بالقول: "إننا نعيش اليوم في دوامة تشكل معقد لعالم جديد …لا مكان محترما فيه إلا للفاعل الكبير القوي بوحدة مكوناته، والغني بالتفاعل الايجابي لقواه المتعددة والمتنوعة. فالأفق الاستراتيجي لشعبنا المغربي وشعوبنا المغاربية يكمن في قدرتنا المبدعة على رص صفوف الديمقراطيين الوطنيين المغاربة لفتح الطريق، و بناء موحد للفضاء المغاربي الديمقراطي.. وأتمنى أن تعطي فيدرالية اليسار الديمقراطي المثال وتفتح الطريق نحو هذا الأفق الواعد لشعوب المنطقة ومستقبلها.. رفيقاتي رفاقي؛ هذه بعض من الهموم التي تشغل بالي، آرتأيت أن أشرككم فيها في هذه الذكرى وفي هذا التاريخ (23 مارس ) ذي الدلالات المتعددة، لعلها تساعدنا على الدفع بقاطرة العمل المشترك إلى الأمام، وتفتح آفاق المستقبل الواعد لمناضلات ومناضلي اليسار الديمقراطي ومحيطه الواسع".