رشيد العمري (و م ع) في الوقت الذي لم يتبق فيه سوى أيام معدودات عن الدخول المدرسي الجديد، ما يزال الغموض يكتنف مصير هذا الدخول جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) التي يصعب معها التكهن بمآل ومصير السنة الدراسية القادمة، والحسم في مخرجات الحل لتدبير أمثل لقطاع التربية والتكوين ككل في ظل هذه الجائحة، كما هو الحال بباقي القطاعات الحيوية بالبلاد. وأمام هذا المخاض، وعلى إثر خريطة الطريق المقترحة من قبل الوزارة الوصية والمحتمل اعتمادها في تنظيم وتدبير الموسم الدراسي الجديد، ترى عدد من الهيئات النقابية والجهات المهتمة بالشأن التربوي أن إنجاح الدخول المدرسي الجديد يتطلب تدابير وقائية جد صارمة وقرارات مسؤولة، معتبرة أن الرؤية تبقى غير واضحة المعالم مع تنامي الحالات المؤكدة التي تشهدها بلادنا يوما بعد يوم، ناهيك عن نسبة الوفيات والحالات الحرجة المسجلة خلال الفترة الأخيرة. وقد أكدت هذه الأطراف، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء في الموضوع، أن تطور الحالة الوبائية بهذا الشكل يقتضي بالضرورة مراجعة وتعديل المقرر الوزاري المتعلق بالدخول المدرسي، الذي ينص على اعتماد التعليم عن بعد (في 7 شتنبر القادم)، مع انتقادها لوضع الآباء وأولياء أمور التلاميذ أمام خيارين أحلاهما مر، وذلك عبر الاختيار ما بين التعليم عن بعد أو التعليم الحضوري. وللخروج من هذا المأزق أو النفق الضيق، تقترح النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، اعتماد تعليم حضوري لكل التلميذات و التلاميذ بتقليص العدد واعتماد التفويج ، على أنه من واجب ومسؤولية الدولة والحكومة، برأيها، العمل على ضمانه كحق دستوري ، منوهة إلى أن هذا الخيار يبقى الخيار البيداغوجي الأساسي والوحيد الضامن للإنصاف وتكافؤ الفرص، داعية الحكومة والوزارة إلى "تحمل مسؤوليتهما السياسية كاملة بعيدا عن منطق الترضيات وذلك باعادة النظر في مقترحاتها المرتبكة بما يرفع حالة الغموض والتردد ويوفر أجواء سليمة لانطلاق الموسم الدراسي". وفي هذا الاتجاه، أبرز السيد عبد الغني الراقي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم أن المراهنة على هذا السيناريو بميزاته المتعددة تمليها الظروف الراهنة التي أفزرتها الجائحة، مشددا على ضرورة مواكبة هذا الحل بسلسلة من التدابير والإجراءات الاحترازية لضمان سلامة أسرة التعليم بمختلف مكوناتها، بما في ذلك إجبارية استعمال الكمامات ووسائل النظافة وتحقيق الشرط الأساسي المتمثل في التباعد الاجتماعي. كما نبه إلى أن تجربة التعليم عن بعد أبانت عن فشلها في السنة الفارطة، مستدلا في ذلك بعدم اعتمادها من طرف الوزارة ضمن الدروس المعنية بالامتحانات الإشهادية، مضيفا أن تعميم التعليم الحضوري يفرض اعتماد مبدأ التفويج على الحضور للمؤسسات التعليمية لتحقيق تكافؤ الفرص، مع إمكانية اعتماد آلية التعليم عن بعد في بعض الدروس التكميلية. ومن جانبها، ترى الجامعة الوطنية للتعليم (FNE)، التوجه الديمقراطي، وعى ضوء الإحصائيات المتعلقة بجائحة كوفيد 19، ضرورة توفير محفظات ولوحات إلكترونية وحواسيب وهواتف للتلاميذ والطلبة والمدرسين لتفادي نتائج التعليم عن بعد المعمول به منذ شهر مارس الماضي، حاثة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات على توفير شبكات وصبيب أنترنيت كاف ومجاني على الصعيد الوطني لتغطية حاجيات التعليم. وأبدت الجامعة، على لسان كاتبها العام الوطني الإدريسي عبد الرزاق، رفضها القاطع لتعويض التعليم الحضوري، الذي يتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى توفير الأطر الإدارية الكافية والفضاءات المناسبة لاستيعاب الكم الهائل من التلاميذ الذي يتدفق بشكل يومي على المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها. وخلص إلى أنه عوض ترك الوزارة الخيار للآباء وأولياء التلاميذ، يجب عليها إشراك المركزيات النقابية للانخراط بكل مسؤولية في إيجاد حلول ملموسة تضمن لأسرة التعليم حقوقها، وتؤمن الطريق لمرور السنة في أحسن الظروف، أخذا بعين الاعتبار آثار وتداعيات جائحة كورونا التي لا يمكن التغاضي عنها في هذه المرحلة الحاسمة، مشيرا إلى أن التربية والتكوين هما دعامتان أساسيتان لتحقيق تنمية البلاد وتقدمها. أما الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، فشددت على ضرورة تقييم ومراجعة تجربة التعليم عن بعد، والتي يمكن تطويرها بتفادي الأخطاء السابقة، من خلال جعل تكافؤ الفرص بين المتعلمين والمتعلمات مبدأ أساسيا، وذلك بمحو الفوارق في ما بينهم بتمكينهم من كافة الوسائل الضرورية لاستكمال الاستمرارية البيداغوجية في ظروف تؤهلهم للمتابعة والمواكبة. وأوضح السيد محمد خفيفي نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم (UMT) أن هذا الخيار لا غنى عنه في انتظار انفراج الجائحة، مبرزا أنه حتى التفكير الآن في امتحانات السنة الأولى بكالوريا فهو مؤرق رغم الاحتياطات التي اتخذتها الوزارة، والتي انخرط فيها الجميع بمسؤولية ووطنية، مبديا تخوفه الكبير من أن تكون النتائج صادمة في ظل الوضع الصحي الذي نعيشه، والشيء نفسه بالنسبة للدخول الجامعي الذي تأجلت فيه الامتحانات والاختبارات، فهي وضعية مقلقة-في نظره- وتتطلب تدابير وقائية جد صارمة ومدروسة لا مجال فيها للأخطاء لأن الثمن سيكون باهضا ومكلفا عند انتشار العدوى بين الطلاب وأسرهم. وأشار إلى أنه بالرغم من اجتهاد الوزارة في وضع الخرائط المدرسية ومحاولة توفير الموارد البشرية لاستقبال هذه السنة، فالأجواء العامة لا تسمح الآن بمغامرة من هذا القبيل، لهذا الغرض تدعو الجامعة الوطنية للتعليم (الاتحاد المغربي للشغل) إلى التأني في اتخاذ القرارات وإلى التشاور مع كل الأطراف الفاعلة في القطاع ، حتى وإن تطلب الأمر تغيير كل الأجندات المسطرة سابقا.