ناسفا كل المجهودات التي بذلت خلال الأيام الفارطة ومشوشا على الصدى الإيجابي الشعبي غير المسبوق الذي قوبل به تعامل عدد من نساء ورجال السلطة على مستوى التراب الوطني مع المواطنين، في سياق حثهم الناس على المكوث في منازلهم والالتزام بإجراءات الحجر الصحي؛ أقدم رجل سلطة على تعنيف مواطنين في الشارع العام. شريط الفيديو الذي يوثق لهذا التعسف، يظهر أحد أعوان السلطة ببزة رسمية وهو يصفع مواطنا شابا، لم يستفسره حتى عن علة تواجده خارج منزله، قبل أن ينهال عليه بالضرب وهز يردد بغلظة: “طلع جلس فداركم.. يلاه سير بحالك..”. طريقة التعامل هاته التي تنطوي عن شطط واضح في استعمال السلطة من طرف المسؤول عن فرض إجراءات حالة الطوارئ في إطار القانون، ليست معزولة. فقد صعَّد من حدة تعسفه، وهو يعنف مواطنين اثنين آخرين بالرفس والسب متلفظا بكلمات ساقطة. وهو ما التقطته نفس كاميرا الموقع الإخباري “الأنباء”. وقبل أيام، عبرت عدد من الفعاليات الحقوقية والجمعوية عن مخاوفها من مغبة استغلال حالة الطوارئ والسياق الخاص الذي يعيشه المغرب على خلفية تفشي فيروس “كورونا” في انتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاك الحق في الحياة، والحق في السلامة الجسدية، وتعريض الأفراد للتعذيب وللمعاملة أو العقوبة القاسية الإنسانية أو الحاطة بالكرامة، وانتهاك الحق في حرية الفكر والتعبير. إثر ذلك، طالب مرصد “الشمال لحقوق الإنسان” بفتح تحقيق قضائي وإداري عاجل مع رجل سلطة المذكور، معبرا في بلاغ له، توصل “الأول” بنسخة منه، استياءه الكبير من الحادث. وأكد المرصد أن “ما قام به رجل السلطة يبرز شططا في استعمال السلطة، وانتهاكا للكرامة وتعريضا للتعذيب، خصوصا أن جميع الافراد لم يظهروا أية مقاومة اتجاه منفذي القانون”، لافتا إلى أن قانون حالة الطوارئ الصحية واضح في شقه المتعلق بالعقوبات في حق مخالفي القانون”. من جهتهم، لم يستستغ نشطاء مواقع التواصل تعريض المواطنين للتعنيف بداعي فرض حالة الطوارئ، مطالبين بمعاقبة عون السلطة المذكور والتعامل مع الوضع وفق مقتضيات القانون. في السياق، قال الفاعل الحقوقي عزيز إدامين، “شاهدت مجموعة من الفيديوهات لنفس رجل الشرطة، الذي كلمة جوج، ينزل على المواطنين بالتصرفيق والركل.. هذه المحنة، أساسها إعادة الثقة بين ممثلي السلطة والشعب”. وزاد إدامين في تدوينة على صفحته بموقع “فيسبوك”: “يظهر الوجه الحقيقي الذي نقلته بعض الفيديوهات (وما خفي كان أعظم)، لازال بين رجال السلطة من يحنون للشطط بالتصرفيق في إهانة حقيرة لكرامة المواطن ويزيد بالركل.. والركل معروف من يمارسه”، مضيفا: “هذا رجل السلطة الذي هدم بتصرف، الصورة الجميلة الذي بدأت تتشكل في وعي الناس على الدولة، عليه أن يتحمل مسؤوليته.. فالموت بكرامة خير من العيش بلا كرامة.. لا للعنف.. لا للشطط.. نعم لاحترام الكرامة”. بدوره، عبّر المحامي نوفل بوعمري عن غضبه في تدوينة أكد فيها: “منذ اليوم الأول ونحن نشيد و ننوه بعمل السلطة والطريقة الحضارية في تعاطيها مع الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها أولها حظر التجول، وهي إشادة صادقة تعكس دعمنا للدولة والتفافنا حولها و حول مختلف مؤسساتها”. لكن، يستطرد بوعمري: “ما شاهدناه في شريط فيديو من تدخل فيه الكثير من خرق القانون ومن الشطط ومن خرق لمرسوم حظر الطوارئ الذي يقر عقوبات حبسية لمن يخرقه و ليس إلى الصفع و الإهانة و الحط من الكرامة، هو خارج منطق السلطة نفسها و الإدارة الترابية نفسها”. وتابع المتحدث: “إنه خارج منطق القائدة حورية التي تشبه أمهاتنا وخارج منطق رجل السلطة الذي كان يناشد السكان بالانضباط بحب ونقلته مختلف القنوات الإعلامية، وخارج منطق و توجه الدولة.. ولأنه استثناء و الاستثناء لا يقاس عليه، فإنه أيضا لا يمكن أن يمر الحدث كما لو أنه لم يحدث و على الدولة التي اشاد العالم بها و بإجراءاتها ان تنتصر للقانون ولصورتنا الجماعية و تحافظ على المنسوب الكبير لثقة المغاربة فيها… لذلك على الداخلية أن تعزل رجل السلطة و تسائله”.