توفيق صولاجي – (و.م.ع) بالرغم من أنه عالم شاق تكتنفه المخاطر، إلا أن عالم الدراجات النارية كبيرة الحجم استطاع أن يجذب المزيد من النساء المغربيات إليه، وذلك بما ينطوي عليه من مغامرة وإثارة خاصة على الطرقات السريعة، دون أن تعبأن بنظرات الاستغراب أو حتى الإعجاب. ومثلها مثل العديد من هواة ركوب الدراجات النارية الكبيرة، تقضي السيدة دليلة مصباح معظم عطلاتها الأسبوعية على متن دراجتها ال”هارلي دافيد سون” تجوب الطرق السريعة مباشرة بعد مغادرة دار بوعزة (ضواحي الدارالبيضاء حيث تقيم)، رفقة عدد من النسوة اللواتي يشتركن جميعهن في نفس الشغف لأصوات المحركات المزمجرة والملابس الجلدية السوداء الموحدة والخوذات الواقية المثيرة. فقد دأبت السيدة دليلة على القيام بجولات وهي تمتطي دراجتها الزرقاء تقودها انطلاقا من مقر سكناها بدار بوعزة، عبر شواطئ مدينة الدارالبيضاء في رحلة منفردة أو مع رفيق دربها الذي يعشق بدوره ركوب دراجته من نوع “هارلي دافيد سون) الشهيرة حتى النخاع. وحتى تقتسم هذا الولع مع أخريات من جيلها أو حتى الأصغر سنا، وحتى تضيف زخما آخر لعشقها إن لم نقل هوسها، فكرت في تأسيس جمعية استقطبت من خلالها عدد من مستعملات الدراجات النارية كبيرة الحجم، كن في انتظار حافز يمكنهن من ممارسة هوايتهن المفضلة في إطار جماعي، والتي أطلقت عليها اسم (جمعية ميس موتو ماروك). وتقول السيد دليلة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “اكتملت فكرة تأسيس جمعية “ميس موتو ماروك سنة 2011 ، وتحديدا بعد عودتي من الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث أثارت إعجابي مجموعة من النساء كن يقمن بجولات على متن دراجات نارية كبيرة . في البداية، كان دافعي هو مشاركة شغفي بالدراجات النارية مع نساء أخريات”. ولهذا السبب، تضيف السيدة دليلة، “تمكنت في البداية من إقناع بعض النسوة لكي ينضمن إلى مغامراتي، وشكلت مجموعة لم تتعد الأربع ، قبل أن تتوسع الدائرة لتشمل أكثر من 30 سيدة حاليا، منهن محاميات وطبيبات ومقاولات وسيدات أعمال، يجمع بينهن شغف أزيز المحركات”. ولم تخف ، مؤسسة جمعية ” ميس موتو ماروك” ، التي استهوتها رياضات أخرى منها ماراثون الرمال والسباقات على الطريق، أن هدفها كان أيضا كسر النظرة الغربية للمرأة المغربية على وجه الخصوص والعربية عموما، وإظهار أن نساء بلدها يستطعن أن يضاهين نظرائهن الغربيات حتى في أصعب الممارسات وأكدن علو كعبهن في عدة مجالات، ولما لا ترفعن تحدي سبر أغوار الدراجات النارية كبيرة الحجم. فالغاية إذن كانت كسر الاعتقاد السائد أن الدراجات النارية كبيرة الحجم محمية للرجال بدون منازع، وإبراز قدرة المرأة على الانفتاح على مغامرات جديدة ، وانطلاقها دون خوف أو كلل على متن هذه الدراجات، فالمرأة رغم اهتمامها ببيتها وأسرتها بإمكانها ممارسة هوايات مهما ارتفعت درجات خطورتها. ولم تقتصر السيدة دليلة مصباح على ركوب الدراجات النارية الكبيرة والمشاركة في السباقات الدولية وخاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بل إنها أقدمت على تنظيم رحلات استكشافية لمستعملات الدراجات النارية كبيرة الحجم بمناطق مختلفة من المملكة، قبل أن تقيم أول تظاهرة استعراضية في رياضة الدراجات النارية من كافة الأحجام والمحركات سنة 2012 بمدينة مراكش. وبعد النجاح الذي نالته هذه الدورة، جاءت سنة 2013 لتعلن عن ميلاد دورة أخرى شهدت أكبر تجمع بالمدينة الحمراء للمولعين والمولعات بحب المغامرة التي أخذت تستهوي أكثر فأكثر عددا مهما من أصحاب الدراجات النارية الكبيرة، إذ شارك فيها أزيد من 400 شخص ليس من المغرب فقط، بل أيضا من فرنسا وإسبانيا والبرتغال وتونس والمملكة العربية السعودية . فالأمر لم يعد يقتصر، كما تؤكد السيد دليلة، على المغامرة، بل انخرطت جمعيتها في عدة أعمال تحمل طابعا خيريا ومبادرات تضامنية وأنشطة مواطنة لفائدة المحتاجين وساكنة بعض القرى بالمغرب، فضلا عن المساهمة في التبرع بالدم. وتستعد جمعية “ميس موتو ماروك”، وهي أول جمعية للنساء المغربيات المستعملات للدراجات النارية كبيرة الحجم، للتوقيع على فصل جديد من تجربتها الرائدة، من خلال تنظيم مسيرة للدراجات النارية بمدينة مراكش، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (26 و29 مارس المقبل). وقالت السيدة دليلة، التي أكدت أن تنظيم مثل هذه التظاهرات لا يخلو من صعوبات وعوائق تتمثل بالأساس في ضعف الإمكانيات المادية وغياب مستشهرين، مضيفة أن هذه التظاهرة الرياضية والترفيهية التي تطفئ شمعتها التاسعة، تروم “الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق المرأة، وإعطاء صورة مغايرة عن المرأة المغربية الحديثة”. وأشارت ،في هذا الصدد، إلى أن دورة سنة 2020 ستعرف مشاركة جميع أندية الدراجات النارية بالمملكة، فضلا عن ممارسين وممارسات من بلدان فرنسا وألمانيا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وهولندا والسويد والمملكة المتحدة وتونس والكويت والمملكة العربية السعودية. وتروم هذه التجربة الجديدة “جعل المغرب يتوفر على غرار البلدان الأوربية والأمريكية، على موعد سنوي يجمع بين ممارسي وممارسات رياضة الدراجات النارية كبيرة الحجم من المغاربة والأجانب، ويشكل فرصة للتبادل الثقافي والسياحي”. وتتطلع السيدة دليلة ورفيقاتها إلى أن تشكل هذه التظاهرة أيضا مناسبة لتجميع أكبر عدد من النساء المستعملات للدراجات النارية، على أن يبقى الباب مفتوحا، مادامت هذه التظاهرة تروم أيضا التحسيس بأهمية السلامة واحترام قانون السير. ويذكر أن جمعية “ميس موتو ماروك” هي عضو في الاتحاد المغربي للدراجات النارية السياحية والترفيهية، الذي ينضم تحت لوائه 35 ناديا مغربيا، والجمعية الدولية لرياضة الدراجات النارية النسوية، التي تضم في عضويتها 23 ناديا نسويا يمثلون العديد من البلدان.