تواجه شركة الصيد الأيسلندية “ساميرجي”، ثاني أكبر شركة في البلاد، أوقاتا صعبة في أعقاب الكشف عن فساد مزعوم وتهرب ضريبي ونهب موارد إفريقية، مقابل رشاوى مدفوعة لكبار المسؤولين في ناميبيا لضمان الوصول إلى حصص سمك الإسقمري في البلاد. وتم الكشف عن الخبر، الذي كان له صدى مدوي في البلاد الشمالية، مساء الثلاثاء من طرف الإذاعة الإيسلندية “أر يو في" في برنامج “كفيكور” الاستقصائي، الذي أنتج بالتعاون بين مع ستوندين وشبكة الجزيرة. ووفقا لتصريحات يوهانس ستيفانسون، مدير العمليات السابق في “ساميرجي"، الذي “طرد من منصبه في ناميبيا في عام 2016 بسبب سوء إدارة وسلوك غير مقبول”، فقد حققت الشركة أرباحا كبيرة في أفريقيا، لا سيما من خلال صيد أسماك “إسقمري الحصان” قبالة سواحل ناميبيا. وقامت الشركة الأيسلندية أيضا بتحويل الأموال إلى الملاذات الضريبية في الخارج، من خلال وسطاء تحت تصرفها في قبرص وجزر موريس. وتم استخدام هذه الأدوات نفسها لتحويل الأموال إلى حساب سري، أنشأته ساميرجي في دبي، لغرض وحيد هو تحويل الأرصدة إلى كيانات فاسدة في ناميبيا. وعرفت سامريجي، المتواجدة حاليا في أيسلندا وألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة وجزر فارو وكندا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وناميبيا، نموا سريعا على مدار العقدين الماضيين بمبيعات تتجاوز 700 مليون دولار. وأنفقت الحكومة الأيسلندية قرابة ملياري كرونة أيسلندية على مساعدات التنمية لناميبيا بين عامي 1990 و2011، وذلك أساسا من أجل دعم صناعة الصيد المحلية. وبعد وقت قصير من انتهاء المساعدات الرسمية، سعت ساميرجي جاهدة لضمان الوصول إلى حصص الصيد في البلاد. وتبين أن هذا الأمر صعب بسبب الحد من الاستثمار الأجنبي في صناعة صيد الأسماك الناميبية، حيث تهدف القيود المفروضة في هذا الصدد إلى ضمان استفادة الناميبيين، وخاصة الفقراء منهم، من ثمار صناعة صيد الأسماك. وفي غمرة الأحداث، نشرت ويكيليكس أكثر من 30 ألف وثيقة تسمى ملفات “فيشروت”، من طرف المبلغ يوهانس ستيفانسون، والتي تكشف الممارسات التجارية الفاسدة للشركة في ناميبيا من 2010 إلى 2016، بهدف الوصول إلى مناطق الصيد قبالة ساحل البلاد. ومن بين هذه الآلاف من الوثائق (رسائل البريد الإلكتروني والتقارير الداخلية والسجلات والعروض التقديمية والصور المتعلقة بساميرجي)، والتي سيتم نشر الدفعة الثانية منها في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، يبدو، وفقا لموقع ويكيليكس، أن الوثائق “توضح كيف أن أنفقت الشركة ملايين الدولارات في مدفوعات السداد للمسؤولين والسياسيين النامبيين لضمان الوصول المستمر والمطرد إلى موارد البلاد”. ويعتقد أن ساميرجي دفعت لثلاثة من كبار المسؤولين الناميبيين، بما في ذلك وزيرين ورئيس تنفيذي لشركة مملوكة للدولة، وذلك أساسا من خلال شركات في ناميبيا ودبي، مبالغ بحوالي 1.5 مليار كرونة أيسلندية بالقيمة الحالية. وغالبا ما كانت المدفوعات تتم بالتزامن مع التفاوض على اتفاقيات الحصص مع الحكومة الناميبية، والتي نادرا ما كانت تسير في اتجاه خدمة مصالح البلاد. وقال دانييل بالينت كورتي كبير الباحثين في غلوبال ويتنس، وهي منظمة غير حكومية متخصصة في مكافحة نهب الموارد الطبيعية في البلدان النامية والفساد السياسي الذي يصاحبها، إن “الأمر يتعلق بفساد على ما يبدو”، معتبرا أن "ساميرجي سوف تضطر إلى الإجابة على أسئلة صعبة”. وتظهر الوثائق المسربة أيضا أن الشركة الأيسلندية استفادت من اتفاقية الحصص التي وقعتها ناميبيا مع جارتها أنغولا في عام 2014، وهو اتفاق يبدو أنه مصمم خصيصا ليخدم مصالح ساميرجي. وفي الوقت الذي تعمل الصحافة في إيسلندا جاهدة لنبش تفاصيل حول تورط محتمل في هذه القضية لوزير الثروة السمكية الحالي عندما كان يشغل منصب وزير الصحة في عام 2014؛ هناك، على الجانب الآخر من نصف الكرة الأرضية، أعلن وزير المصايد الناميبي بيرنارد إيسو ووزير العدل ساكي شانغالا عن استقالتهما. وفي غضون ذلك، يحقق البنك النرويجي “دي إن بي" في نفس الادعاءات بأن ساميرجي قامت بتحويل الأموال عبر البنك لرشوة المسؤولين الناميبيين. وبينما تتناسل علامات الاستفهام في جميع الأرجاء بخصوص هذه القضية، اكتفت ساميرجي على موقعها على الإنترنت بالإشارة إلى أنها كلفت مكتب المحاماة النرويجي ويكبورغ رين "للتحقيق في الأنشطة في ناميبيا. وكجزء من هذا التحقيق، لن يتم استبعاد أي شيء وسنكشف عن الخلاصات بمجرد أن تصبح متوفرة”.