ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل حُرم فيلم الشريف الطريبق من الجائزة الكبرى لتناوله موضوع المثلية الجنسية؟
نشر في الأول يوم 17 - 03 - 2016

بمناسبة المهرجان الوطني للفيلم المنظم بمدينة طنجة من 26 فبراير إلى 5 مارس 2016 التقتى موقع "الأول" بالمخرج المغربي محمد الشريف طريبق الذي نال إعجاب النقاد المتتبعين على فيلمه الطويل الثاني " أفراح صغيرة " و الذي اقترب، حسب رأي أغلبية المهتمين بالشأن السينمائي من الجائزة الكبرى بل هناك من اعتبر أن الطريبق كان أجدر بنيل الجائزة، وأن اللجنة لم تكن منصفة رغم أنها مكنته من جائزة أحسن سيناريو أحسن دور ثاني نسائي مع تنويه بممثلة أخرى في دور ثانوي، كما منحته الجامعة الوطنية للأندية السينمائية منحته جائزتها باستحقاق ..
ورغم أن الشريف الطريبق سبق و نال الجائزة الكبرى عن فيلمه الأول "زمن الرفاق " بمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة سنة 2009، و قبل ذلك بسنة واحدة نال جائزة دولية بسان سيبستيان، في فعليات مهرجان Cinéma en mouvement عن نفس الفيلم.
مع كل هذه الاعترافات فإن "أفراح صغيرة" نال من النقاش الجاد والجدل السينمائي الموضوعي ما لم ينله الفيلم الأول حتى وقبل نزوله إلى القاعات السينمائية، ذلك أنه طرح موضوعا مغربيا بامتياز وعالجه مغربيا أيضا لكن برؤية إنسانية حيث تناول نساء تطوان في مرحلة الخمسينات من داخل فضاءات حميمية ومدى تمثلهن لقيم المجتمع المتحول في مرحلة الخمسينات بحثا عن أفاق حداثية انطلاقا من الرغبة في التمدرس والذهاب لمشاهدة إلى السينما المصرية بتشجيع علني من النخبة الوطنية المتأثرة بالمشروع النهضوي المشرقي.
هذه العلاقات الجوانية البين نسائية تخترق تقاربات حميمية شديدة تنحو نحو المثلية الجنسية، التي كانت سائدة في هذه الأوساط بشكل متسامح معها من طرف الذكور، حيث أتى الفيلم كعمل متكامل منطلق من هذه الأجواء النسائية في الخمسينات معتمدا بشكل ذكي على تراث الأغاني الأندلسية الشعبية النسائية.
* كيف جاءت فكرة فيلم "أفراح صغيرة"؟
* جاءت الفكرة بعد القطيعة التي حدثت لنا مع التراث المحلي (الموسيقي) حيث كنا مشتتين، ثقافيا، بين الغرب والشرق، وفي وقت ما حصلت عودة إلى الذات الثقافية المغربية، وهنا اكتشفت هذا التراث المحلي الذي أوحى لي بدءً بالفيلم التلفزيوني "غزل الوقت" حيث وظفت جوق نساء "مداحات" العرائش المعروف ب"جوق عفريتة" لأجدني أكتشف عوالمهن التي أعجبتني كثيرا. بعد ذلك جاءت تطوان؛ أثناء تصوير فيلمي السنيمائي "زمن الرفاق" ورغم أن موضوع الفيلم كان سياسيا فقد شعرت أن شيئا ما لم يكتمل في علاقتي بهذه المدينة، الأمر الذي أجبت عنه في فيلمي القصير "موال"، الذي تعاملت فيه مع جوق محمد العربي التمسامني بتطوان، واكتشفت من خلاله السوبرانو زينب أفيلال التي تؤدي مواويل أندلسية. هكذا جاءتني فكرة إخراج فيلم عن نساء تطوان، وقد دفعني أكثر إلى ذلك مطالعتي لكتاب نساء على أجنحة الحلم للباحثة فاطمة المرنيسي وأيضا من خلال حكايات صديقاتي وأفراد من عائلتي.. في البداية، قمت ببحث ميداني في تاريخ المجتمع التطواني عن طريق المقابلات، ابتدأت بامرأة من القصر الكبير، لها دراية كبيرة بالحياة التطوانية على الخصوص والشمالية بشكل عام. ثم انتقلت لتجميع بعض الآثار التراثية المحلية لمدينة العرائش عن طريق الأستاذة الراحلة فضيلة التدلاوي وأيضا عن طريق الموسيقى الأندلسية (العالِمة والشعبية) بمدينة تطوان. بعدما حصلت على تسجيلات قديمة ، فكرت أن منطلق الفيلم سيكون هو هذه الموسيقى التي أتحدث عنها الآن، فقمت بتسجيل الحكايات وأنا أكتب في نفس الوقت، حيث أنجزت وثائقيا من خلال هذه العناصر مجتمعة، واهتديت إلى حقيقة تميز المدن العتيقة والتي لها تراث مديني أن هناك علاقات مثلية بين نساء هذه المجتمعات متسامح معها في الغالب.
* * مدينة تطوان كتكثيف لتلك الطقوس والأجواء التي تبحث عنها بأبعادها الفنية من موسيقى أندلسية، نسائية بالخصوص، و لباس ومعمار وخلفية تاريخية (الحركة الوطنية) وقضية خروج المرأة إلى التعليم ورغبتها في التحرر، فهل كان موضوعك هو هذا أم أساسا العلاقات المثلية بين هؤلاء النساء؟
* بالنسبة إلي العلاقات المثلية هنا هي صورة مجازية عن درجة الحميمية بين نساء هذا المجتمع، النساء أكثر حميمية فيما بينهن مقارنة مع الرجال رغم أن الرجال لهم عالمهم الخصوصي ومع ذلك نجد أن هناك مسافات وحدودا، فعند النساء تنتفي الخصوصيات، فهن يعبرن لبعضهن عن الحب، فخلال اللقاء تعبر المرأة للمرأة (بالحبيبة ديالي). أنا موضوعي هو المرأة التطوانية و من خلالها المرأة بمدن الشمال لأنها تتوفر على مجال مديني عتيق و متحضر.
* لماذا اعتمدت على تصوير الفيلم كله من الداخل؟
* لأن الداخل هو ما يمنح المرأة تلك السلطة، حيث أن الجدة هي الآمرة الناهية وهي من يوزع الأدوار ويحافظ على كل الطقوس والأجواء التي ترافق بشكل عميق صيرورة الحياة التقليدية داخل بيوتات تطوان كمدينة تكثف كل هذه المعطيات باعتبارها عاصمة الشمال آنذاك، بالإضافة إلى الحضور الأندلسي القوي بمفهومه الثقافي والاجتماعي، كما أني حاولت استرجاع عالم نسائي لم أعشه من خلال هذا الفيلم ، ذلك العالم الذي افتقدته في طفولتي .. لذلك حتى أن الفريق الذي اشتغل بجانبي في هذا الفيلم أغلبه نساء، وهنا تكمن الصعوبة في الولوج إلى الأسرار وتدبير العلاقات البين نسائية، مما فرض علي مسافة زمنية طويلة في استغوار تفاصيل هذا المجتمع خصوصا وأنه مجتمع متحفظ جدا، حيث ظلت تطوان بعيدة عن تاريخ المغرب إلى حدود حرب تطوان في 1860.
*
* عودة إلى الفيلم والعلاقات المثلية التي تناولتها.. نلاحظ أن هناك علاقتين مثليتين بين أربع شخصيات: الجدة وأم نفيسة من جهة، فطومة (الحفيدة) ونفيسة الابنة، تطبع هذه العلاقات نوع من الهيمنة والتسلط على اعتبار أن المرغوبتين الأم و نفيسة فقيرتين وانتقلتا للعيش داخل رياض لأسرة ميسورة، ثم إن هذه العلاقات – كما لاحظ أغلب المتدخلين في مناقشة الفيلم هنا بطنجة، أن الشريف الطريبق لم يكن جريئا في تناولها خصوصا لحظات الخلوة، و مشاهد غرف النوم، فهل كان هذا اختيارا أم احترازا وخوفا من الرقابة؟
* إنه اختيار و حتى إن كانت هناك رقابة ذاتية فإن صيرورة الكتابة تحولها إلى اختيار، حيث صار هذا "الحياء" أمرا مشروعا. هناك مستويات ثلاث: المستوى الأول هو أنني أتعامل مع مجتمع راق ومتحفظ لا يبوح إلا بلغة إيحائية وفيها الكثير من المعنى. المستوى الثاني: هو ما يتعلق بحدود ما أستطيع مشاهدته أنا شخصيا. المستوى الثالث: في النهاية لا يمكن أن أعطي جرعة زائدة بل إنه مناسب لي وبالنسبة للفيلم وللسياق الدرامي أن تكون الدراماتوجيا على هذا النحو، لذلك فالكتابة أمر مستقل عن الذات الكاتبة فسايرت منطقها فأقصى ما يمكن أن أصل إليه هو ما شاهدناه في هذا الفيلم، وهدفي لم يكن هو التركيز على العلاقات المثلية.
* لم تفكر إذن في أي لحظة في مشهد صادم أو مثير؟
* * أبدا، لم يخطر ببالي ولو لحظة واحدة أن أستعمل مشهدا صادما. حاولت أثناء الكتابة ولكن كان بالنسبة إلي هو نوع من التصعيد التقني لرفع مستوى الكتابة في مخيلتي، فبالنسبة لعلاقة نفيسة و فطومة فهي منبنية على القيم المجتمعية السائدة آنذاك ألا وهي الفصل الجنسي ما بين الذكور والإناث، فهُما كجسدين وفي سن المراهقة لهما احتياجات و رغبات في استكشاف الجسد و بالتالي ففتيات في مثل هذا العمر وفي مثل هذا المجتمع لا بد وأن يبحثن عن حيل لاستكشاف الذات ومن بين هذه الحيل هو هذه العلاقة المثلية، وهنا يجب أن نلاحظ أن فطومة شخصية متسلطة وتريد امتلاك نفيسة، أما بالنسبة للجدة فهي تعبر عن واقع هذه العلاقة داخل المجتمع التطواني انطلاقا من رموز وشفرات حيث كانت مثل هذه العلاقات متسامح معها من طرف الرجال و يعتبر الأمر لعبا وترفيها للنساء فيما بينهن، كما تعتبر هذه العلاقة مرجعا بالنسبة لفطومة ونفيسة، أما بالنسبة لنفيسة فكانت تقاوم ضد هذه العلاقة وفي نفس الوقت كانت تستكشف مآلات هذه الأسرار داخل الرياض، فكان الأمر بالنسبة إليها كتربية حسية أو عاطفية ستمكنها في نهاية المسار من اتخاذ القرار.
* استعملت السينما المصرية كمرجع في الفيلم وأساسا سينما الميلودراما للمخرج بركات وفيلم قصة حبي الذي يلعب بطولته فريد الأطرش، كما تم تداول أغنية الفيلم يا جميل يا جميل فوق السطوح وداخل الرياض، فهل لهذا الاستعمال رغبة في إنجاز فيلم ميلودرمى مغربي، أم هو كشف لأوراق و إعلان عن مرجعية سينمائية بشكل واضح؟
* بالنسبة إلي، فيلم فريد الأطرش استعملته كمرجعية زمنية أي استحضارا لأجواء الخمسينات من خلال السينما المصرية، حيث كانت في هذه الفترة قاعة سينمائية بتطوان متخصصة في السينما المصرية وكانت أيضا السينما المصرية نموذجا للعصرنة والحداثة التي كان المجتمع التطواني يتوق إليها.. كما أنها هي السينما الأولى التي تعرفت إليها في الطفولة قبل السينما الأمريكية وقبل سينما المؤلف، و حاولت أن أتماهى معها وأدنو قليلا إلى الميلودراما.
* * يبدو ذلك واضحا في استعمال أغاني زينب أفيلال داخل الفيلم كمونولوج لوجدان فطومة أساسا المولعة بنفيسة؟
* يلاحظ أن علاقة نفيسة وفطومة تطبعها الغيرة والرغبة في التملك، أردت من خلال ذلك أن أصعد من مستوى الأحاسيس لدى الاثنتين متماهيا في ذلك مع السينما المصرية في الخمسينات، حيث يتم التعبير عن الأحاسيس بشكل مباشر، وهنا حاولت في هذا العمل أن أدنو من الميلودراما، كما أن هناك فواصل موسيقية تتخلل الشريط كما هو الشأن في فيلم فريد الأطرش المحال عليه حيث في كل لحظة يتخلل الفيلم أغنية تعكس اللحظة الدرامية.
* هل قصدت بهذه الإحالة درجة التمدن داخل المجتمع التطواني حينئذ، حيث صورت نساء بملابس تقليدية يتجهن إلى مشاهدة فيلم لفريد الأطرش؟
* نعم، في هذه الفترة كان زعماء الحركة الوطنية وهم فقهاء وعلماء دين كالتهامي الوزاني الذي يصحب زوجته إلى السينما.
* سنعود إلى المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته 17 حيث راج في كواليس المهرجان أن فيلمك "أفراح صغيرة" هو من يستحق الفوز بالجائزة الكبرى، إلا أنه حصلت المفاجأة أمام اندهاش الجميع حيث حصلت على جائزة السيناريو وجائزة أحسن ثاني دور نسائي مع تنويه بالممثلة فامة في دور ماما عينو إضافة إلى جائزة الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، فما هو انطباعك حول نتائج التحكيم؟
* * في الحقيقة تفاجأت. فحسب ما تتبعت فإن الإحساس الذي غمرني هو أن الفيلم له حظوظ قوية بالفوز، لكني متعود على مثل هذه الألأمور، إلا أن معنوياتي جيدة لأن الأصداء التي تركها الفيلم كانت إيجابية وإيجابية جدا وسيظهر ذلك قريبا في الصحافة، حيث لاحظت أن كثيرا من المتتبعين لم يهتموا بعملي الأول "زمن الرفاق" رغم أنه حاز على العديد من الجوائز وطنيا و دوليا، إلا أنهم الآن تفاعلوا بشكل إيجابي مع عملي هذا خصوصا على صعيد شبكات التواصل الاجتماعي التي تشيد بالفيلم وتوقعت فوزه بالجائزة الكبرى، وهذا أيضا نوع من الاعتراف الذي يمكن في مناسبات أخرى أن يحقق شيئا ما. أنا سعيد رغم كل ذلك، لأنني تمكنت من أثق في أسلوب عملي ابتداء من الكتابة الأولى إلى الكاستينغ وإلى آخر لمسة في الفيلم، أنا لا أومن بالاعتراف من الوهلة الأولى لأن الاعتراف هو مسار وهذا يكفيني، وهنا أريد أن أؤكد مسألة أساسية وهي أنني لا أملك موهبة بمعناها الميتافيزيقي وإنما هذا عرقي ومجهودي في هذا المسار و يكفيني الاعتراف به.
* ألا ترى معي أن لجنة التحكيم في تقييمها لفيلم أفراح صغيرة اعتمدت على مقاييس غير سينمائية للحكم على هذا الفيلم؟
* * رغم أني لم أفز بالجائزة الكبرى، أتمنى أن يكون العكس هو الصحيح، يروج أن الفيلم تناول إحدى الطابوهات في المجتمع المغربي مما جعله لم يفز، أتمنى لا يكون هذا هو السبب وذلك من أجل مصلحة السينما المغربية.
* لو كان فيلم "أفراح صغيرة" قد مر في فترة إدارة نور الدين الصايل للمركز السينمائي، هل كان سكون الأمر مختلفا؟
* مدير المركز السينما الحالي راقه الفيلم كثيرا وصرح لي بذلك إضافة إلى مجموعة أخرى من المخرجين.. لا أتوفر على معلومات إضافية لكن أتمنى مرة أخرى أن يكون الأمر غير ذلك. أظن أن الفيلم إن كان قد حظي بما يليق به كان الأمر سيكون دفعة قوية لسينما مغربية معقولة تحترم ذكاء المتفرج المغربي و تأخذ بعين الاعتبار انتماءها إلى واقعها الاجتماعي والثقافي.
* هل يمكن القول إن لجنة التحكيم مارست نوعا من الرقابة الذاتية؟
* ممكن، لكنني لن أجزم بذلك، ما يمكن أن أقول هوأن الكثير من أعضاء اللجنة عبروا لي عن إعجابهم بالفيلم وهنا المفارقة.
* مصدر الرقابة الذاتية للجنة التحكيم هو الخوف وانعدام الشجاعة في تثمين فيلم يطرح مسألة المثلية الجنسية داخل الأوساط النسوية؟
* هنا يجب أن أثير مسألة مهمة، الكثير ممن يصرحون دائما أنهم ليسوا ضد حرية التعبير، يستحسنون أن يكون ذلك بشكل غير مستفز على اعتبار أن الأمر يتعلق بواقع ما، فالفيلم يتوفر على هذا الأمر، من الإيحاء وعدم الاستفزاز – للتعبير عن أقلية مجتمعية موجودة شئنا أم أبينا.
* أفراح صغيرة إذن لا يقلق هذا الاتجاه؟
* نعم، و كان لزاما عليهم أن يشجعوا مثل هذه الأعمال، لأنهم في تصديهم لبعض الأعمال الجريئة يقولون إنه كان ممكنا تناول مثل هذه المواضيع دون استفزاز و دون خدش حياء، و أظن أنني قدمت وصفة جيدة في هذا الأمر، أتمنى أن تكون المقاييس المعتمدة لدى لجنة التحكيم معايير فنية.
* * يعني هذا أن هناك تقدم للاتجاهات التي تقول ب"السينما النظيفة" و"سينما لكل العائلة"؟
* انطلاقا من تاريخ السينما، ليس هناك شيء اسم سينما نظيفة ولكل العائلة، بالنسبة إلي سينما نظيفة هي فيلم جيد، يحترم ذكاء المشاهد، و السينما الوسخة هي سينما مفبركة و شعبوية، فإذا كان هناك اتجاه في المجتمع يريد هذا النوع من السينما فأعتقد أننا لن نصنع أي سينما باستثناء مغازلة الذات و تكريس النفاق الاجتماعي.
*
o قريبا، سيخرج أفراح صغيرة إلى القاعات السينمائية ما هي توقعاتك؟
* أنا متفائل، وأتمنى لهذا الفيلم أن يأخذ حقه في القاعات السينمائية، لأنه يحتفل بالذات المغربية في بعدها المنفتح وبالتالي فهو يبحث عن مغربيته من خلال تأصيل الكتابة السينمائية وإبرازها من خلال معطيات تراثية في بعدها الإنساني، لذلك أتمنى أن يشاهده الجمهور بكثافة وبذكاء، لأنني لا أسعى إلى خلق أي ضجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.