تونس تصدر أحكاما بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاما على معارضين    الإفراج عن 10 آلاف صفحة من سجلات اغتيال روبرت كينيدي عام 1968    طقس متقلب اليوم السبت.. حرارة نسبية بالجنوب وأمطار وثلوج مرتقبة بعدد من المناطق    الدار البيضاء.. توقيف مواطن نرويجي بتهمة الاستيلاء على 500 مليون كرونة من أموال الضرائب    اعترافات قضائية خطيرة.. هشام جيراندو "مسخوط الوالدين" وعائلته تتبرأ من جرائمه    هل يفوز برشلونة بدوري أبطال أوروبا؟ .. الذكاء الاصطناعي يجيب    "كان" الفتيان.. كوت ديفوار ثالثا    بالأرقام.. وزير الفلاحة يفند مزاعم "المعارضة" بشأن استنزاف الفلاحة السقوية للثروة المائية    القنصل العام الفرنسي يزور مركز التقاء الشباب بحي القصبة بطنجة ويؤكد استعداده لدعم التعاون الثقافي والاجتماعي    تكريم عمر أمرير بمعرض الكتاب.. رائدٌ صان الآداب الأمازيغيّة المغربية    مستشار الرئيس الأمريكي: واشنطن تتحرك لإغلاق ملف الصحراء وإعادة العلاقات بين المغرب والجزائر    مغربية الصحراء تكتسب زخما دوليا غير مسبوق    الشارقة تضيء سماء الرباط: احتفاء ثقافي إماراتي مغربي في معرض الكتاب الدولي 2025    المغرب يسير نحو طفرة عسكرية نوعية عبر اقتناء دبابات K2 الكورية    احتفالية "رمز الثقافة العربية ل2025" تكرم الشاعر بنيس والفنان الفخراني    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    هل يقود مغربي سفينة "الملكي"؟ أنس لغراري الرجل الخفي الذي قد يرأس ريال مدريد سنة 2029    مدرب شباب قسنطينة يشكر المغاربة على حسن الاستقبال قبل مواجهة بركان    الناصري ينفي التهم الموجهة إليه في قضية "إسكوبار الصحراء" ويكشف تفاصيل عن لطيفة رأفت وتاجر المخدرات "المالي"    احوال الطقس .. امطار وثلوج مرتقبة بمنطقة الريف    عمر مورو: مشاريع البنيات التحتية لكأس إفريقيا 2025 تسير بوتيرة متقدمة بمدن الشمال    عمر هلال: العودة إلى الصحراء المغربية مشروطة بالإحصاء الإسباني لعام 1974    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    حين تصبح معلوماتك سلعة .. من يحمي المغاربة من تسريبات البيانات؟    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا: إن موعدهم نونبر؟ -3-    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    شرطة البيضاء توقف مواطنا نرويجيا    مقتل صحراويين في مخيمات تندوف : ائتلاف حقوقي يطالب بتحقيق دولي ضد الجيش الجزائري    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    ناصر بوريطة يواصل جولة دبلوماسية ناجحة لتعزيز دعم أوروبا لمغربية الصحراء    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير بشأن ادعاءات واهية لمنظمة    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    إطلاق الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس، في سابقة على المستوى الوطني    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    رغم التأهل.. فليك غاضب من أداء لاعبي برشلونة أمام دورتموند ويطالب بمزيد من الانضباط    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    









هل حُرم فيلم الشريف الطريبق من الجائزة الكبرى لتناوله موضوع المثلية الجنسية؟
نشر في الأول يوم 17 - 03 - 2016

بمناسبة المهرجان الوطني للفيلم المنظم بمدينة طنجة من 26 فبراير إلى 5 مارس 2016 التقتى موقع "الأول" بالمخرج المغربي محمد الشريف طريبق الذي نال إعجاب النقاد المتتبعين على فيلمه الطويل الثاني " أفراح صغيرة " و الذي اقترب، حسب رأي أغلبية المهتمين بالشأن السينمائي من الجائزة الكبرى بل هناك من اعتبر أن الطريبق كان أجدر بنيل الجائزة، وأن اللجنة لم تكن منصفة رغم أنها مكنته من جائزة أحسن سيناريو أحسن دور ثاني نسائي مع تنويه بممثلة أخرى في دور ثانوي، كما منحته الجامعة الوطنية للأندية السينمائية منحته جائزتها باستحقاق ..
ورغم أن الشريف الطريبق سبق و نال الجائزة الكبرى عن فيلمه الأول "زمن الرفاق " بمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة سنة 2009، و قبل ذلك بسنة واحدة نال جائزة دولية بسان سيبستيان، في فعليات مهرجان Cinéma en mouvement عن نفس الفيلم.
مع كل هذه الاعترافات فإن "أفراح صغيرة" نال من النقاش الجاد والجدل السينمائي الموضوعي ما لم ينله الفيلم الأول حتى وقبل نزوله إلى القاعات السينمائية، ذلك أنه طرح موضوعا مغربيا بامتياز وعالجه مغربيا أيضا لكن برؤية إنسانية حيث تناول نساء تطوان في مرحلة الخمسينات من داخل فضاءات حميمية ومدى تمثلهن لقيم المجتمع المتحول في مرحلة الخمسينات بحثا عن أفاق حداثية انطلاقا من الرغبة في التمدرس والذهاب لمشاهدة إلى السينما المصرية بتشجيع علني من النخبة الوطنية المتأثرة بالمشروع النهضوي المشرقي.
هذه العلاقات الجوانية البين نسائية تخترق تقاربات حميمية شديدة تنحو نحو المثلية الجنسية، التي كانت سائدة في هذه الأوساط بشكل متسامح معها من طرف الذكور، حيث أتى الفيلم كعمل متكامل منطلق من هذه الأجواء النسائية في الخمسينات معتمدا بشكل ذكي على تراث الأغاني الأندلسية الشعبية النسائية.
* كيف جاءت فكرة فيلم "أفراح صغيرة"؟
* جاءت الفكرة بعد القطيعة التي حدثت لنا مع التراث المحلي (الموسيقي) حيث كنا مشتتين، ثقافيا، بين الغرب والشرق، وفي وقت ما حصلت عودة إلى الذات الثقافية المغربية، وهنا اكتشفت هذا التراث المحلي الذي أوحى لي بدءً بالفيلم التلفزيوني "غزل الوقت" حيث وظفت جوق نساء "مداحات" العرائش المعروف ب"جوق عفريتة" لأجدني أكتشف عوالمهن التي أعجبتني كثيرا. بعد ذلك جاءت تطوان؛ أثناء تصوير فيلمي السنيمائي "زمن الرفاق" ورغم أن موضوع الفيلم كان سياسيا فقد شعرت أن شيئا ما لم يكتمل في علاقتي بهذه المدينة، الأمر الذي أجبت عنه في فيلمي القصير "موال"، الذي تعاملت فيه مع جوق محمد العربي التمسامني بتطوان، واكتشفت من خلاله السوبرانو زينب أفيلال التي تؤدي مواويل أندلسية. هكذا جاءتني فكرة إخراج فيلم عن نساء تطوان، وقد دفعني أكثر إلى ذلك مطالعتي لكتاب نساء على أجنحة الحلم للباحثة فاطمة المرنيسي وأيضا من خلال حكايات صديقاتي وأفراد من عائلتي.. في البداية، قمت ببحث ميداني في تاريخ المجتمع التطواني عن طريق المقابلات، ابتدأت بامرأة من القصر الكبير، لها دراية كبيرة بالحياة التطوانية على الخصوص والشمالية بشكل عام. ثم انتقلت لتجميع بعض الآثار التراثية المحلية لمدينة العرائش عن طريق الأستاذة الراحلة فضيلة التدلاوي وأيضا عن طريق الموسيقى الأندلسية (العالِمة والشعبية) بمدينة تطوان. بعدما حصلت على تسجيلات قديمة ، فكرت أن منطلق الفيلم سيكون هو هذه الموسيقى التي أتحدث عنها الآن، فقمت بتسجيل الحكايات وأنا أكتب في نفس الوقت، حيث أنجزت وثائقيا من خلال هذه العناصر مجتمعة، واهتديت إلى حقيقة تميز المدن العتيقة والتي لها تراث مديني أن هناك علاقات مثلية بين نساء هذه المجتمعات متسامح معها في الغالب.
* * مدينة تطوان كتكثيف لتلك الطقوس والأجواء التي تبحث عنها بأبعادها الفنية من موسيقى أندلسية، نسائية بالخصوص، و لباس ومعمار وخلفية تاريخية (الحركة الوطنية) وقضية خروج المرأة إلى التعليم ورغبتها في التحرر، فهل كان موضوعك هو هذا أم أساسا العلاقات المثلية بين هؤلاء النساء؟
* بالنسبة إلي العلاقات المثلية هنا هي صورة مجازية عن درجة الحميمية بين نساء هذا المجتمع، النساء أكثر حميمية فيما بينهن مقارنة مع الرجال رغم أن الرجال لهم عالمهم الخصوصي ومع ذلك نجد أن هناك مسافات وحدودا، فعند النساء تنتفي الخصوصيات، فهن يعبرن لبعضهن عن الحب، فخلال اللقاء تعبر المرأة للمرأة (بالحبيبة ديالي). أنا موضوعي هو المرأة التطوانية و من خلالها المرأة بمدن الشمال لأنها تتوفر على مجال مديني عتيق و متحضر.
* لماذا اعتمدت على تصوير الفيلم كله من الداخل؟
* لأن الداخل هو ما يمنح المرأة تلك السلطة، حيث أن الجدة هي الآمرة الناهية وهي من يوزع الأدوار ويحافظ على كل الطقوس والأجواء التي ترافق بشكل عميق صيرورة الحياة التقليدية داخل بيوتات تطوان كمدينة تكثف كل هذه المعطيات باعتبارها عاصمة الشمال آنذاك، بالإضافة إلى الحضور الأندلسي القوي بمفهومه الثقافي والاجتماعي، كما أني حاولت استرجاع عالم نسائي لم أعشه من خلال هذا الفيلم ، ذلك العالم الذي افتقدته في طفولتي .. لذلك حتى أن الفريق الذي اشتغل بجانبي في هذا الفيلم أغلبه نساء، وهنا تكمن الصعوبة في الولوج إلى الأسرار وتدبير العلاقات البين نسائية، مما فرض علي مسافة زمنية طويلة في استغوار تفاصيل هذا المجتمع خصوصا وأنه مجتمع متحفظ جدا، حيث ظلت تطوان بعيدة عن تاريخ المغرب إلى حدود حرب تطوان في 1860.
*
* عودة إلى الفيلم والعلاقات المثلية التي تناولتها.. نلاحظ أن هناك علاقتين مثليتين بين أربع شخصيات: الجدة وأم نفيسة من جهة، فطومة (الحفيدة) ونفيسة الابنة، تطبع هذه العلاقات نوع من الهيمنة والتسلط على اعتبار أن المرغوبتين الأم و نفيسة فقيرتين وانتقلتا للعيش داخل رياض لأسرة ميسورة، ثم إن هذه العلاقات – كما لاحظ أغلب المتدخلين في مناقشة الفيلم هنا بطنجة، أن الشريف الطريبق لم يكن جريئا في تناولها خصوصا لحظات الخلوة، و مشاهد غرف النوم، فهل كان هذا اختيارا أم احترازا وخوفا من الرقابة؟
* إنه اختيار و حتى إن كانت هناك رقابة ذاتية فإن صيرورة الكتابة تحولها إلى اختيار، حيث صار هذا "الحياء" أمرا مشروعا. هناك مستويات ثلاث: المستوى الأول هو أنني أتعامل مع مجتمع راق ومتحفظ لا يبوح إلا بلغة إيحائية وفيها الكثير من المعنى. المستوى الثاني: هو ما يتعلق بحدود ما أستطيع مشاهدته أنا شخصيا. المستوى الثالث: في النهاية لا يمكن أن أعطي جرعة زائدة بل إنه مناسب لي وبالنسبة للفيلم وللسياق الدرامي أن تكون الدراماتوجيا على هذا النحو، لذلك فالكتابة أمر مستقل عن الذات الكاتبة فسايرت منطقها فأقصى ما يمكن أن أصل إليه هو ما شاهدناه في هذا الفيلم، وهدفي لم يكن هو التركيز على العلاقات المثلية.
* لم تفكر إذن في أي لحظة في مشهد صادم أو مثير؟
* * أبدا، لم يخطر ببالي ولو لحظة واحدة أن أستعمل مشهدا صادما. حاولت أثناء الكتابة ولكن كان بالنسبة إلي هو نوع من التصعيد التقني لرفع مستوى الكتابة في مخيلتي، فبالنسبة لعلاقة نفيسة و فطومة فهي منبنية على القيم المجتمعية السائدة آنذاك ألا وهي الفصل الجنسي ما بين الذكور والإناث، فهُما كجسدين وفي سن المراهقة لهما احتياجات و رغبات في استكشاف الجسد و بالتالي ففتيات في مثل هذا العمر وفي مثل هذا المجتمع لا بد وأن يبحثن عن حيل لاستكشاف الذات ومن بين هذه الحيل هو هذه العلاقة المثلية، وهنا يجب أن نلاحظ أن فطومة شخصية متسلطة وتريد امتلاك نفيسة، أما بالنسبة للجدة فهي تعبر عن واقع هذه العلاقة داخل المجتمع التطواني انطلاقا من رموز وشفرات حيث كانت مثل هذه العلاقات متسامح معها من طرف الرجال و يعتبر الأمر لعبا وترفيها للنساء فيما بينهن، كما تعتبر هذه العلاقة مرجعا بالنسبة لفطومة ونفيسة، أما بالنسبة لنفيسة فكانت تقاوم ضد هذه العلاقة وفي نفس الوقت كانت تستكشف مآلات هذه الأسرار داخل الرياض، فكان الأمر بالنسبة إليها كتربية حسية أو عاطفية ستمكنها في نهاية المسار من اتخاذ القرار.
* استعملت السينما المصرية كمرجع في الفيلم وأساسا سينما الميلودراما للمخرج بركات وفيلم قصة حبي الذي يلعب بطولته فريد الأطرش، كما تم تداول أغنية الفيلم يا جميل يا جميل فوق السطوح وداخل الرياض، فهل لهذا الاستعمال رغبة في إنجاز فيلم ميلودرمى مغربي، أم هو كشف لأوراق و إعلان عن مرجعية سينمائية بشكل واضح؟
* بالنسبة إلي، فيلم فريد الأطرش استعملته كمرجعية زمنية أي استحضارا لأجواء الخمسينات من خلال السينما المصرية، حيث كانت في هذه الفترة قاعة سينمائية بتطوان متخصصة في السينما المصرية وكانت أيضا السينما المصرية نموذجا للعصرنة والحداثة التي كان المجتمع التطواني يتوق إليها.. كما أنها هي السينما الأولى التي تعرفت إليها في الطفولة قبل السينما الأمريكية وقبل سينما المؤلف، و حاولت أن أتماهى معها وأدنو قليلا إلى الميلودراما.
* * يبدو ذلك واضحا في استعمال أغاني زينب أفيلال داخل الفيلم كمونولوج لوجدان فطومة أساسا المولعة بنفيسة؟
* يلاحظ أن علاقة نفيسة وفطومة تطبعها الغيرة والرغبة في التملك، أردت من خلال ذلك أن أصعد من مستوى الأحاسيس لدى الاثنتين متماهيا في ذلك مع السينما المصرية في الخمسينات، حيث يتم التعبير عن الأحاسيس بشكل مباشر، وهنا حاولت في هذا العمل أن أدنو من الميلودراما، كما أن هناك فواصل موسيقية تتخلل الشريط كما هو الشأن في فيلم فريد الأطرش المحال عليه حيث في كل لحظة يتخلل الفيلم أغنية تعكس اللحظة الدرامية.
* هل قصدت بهذه الإحالة درجة التمدن داخل المجتمع التطواني حينئذ، حيث صورت نساء بملابس تقليدية يتجهن إلى مشاهدة فيلم لفريد الأطرش؟
* نعم، في هذه الفترة كان زعماء الحركة الوطنية وهم فقهاء وعلماء دين كالتهامي الوزاني الذي يصحب زوجته إلى السينما.
* سنعود إلى المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته 17 حيث راج في كواليس المهرجان أن فيلمك "أفراح صغيرة" هو من يستحق الفوز بالجائزة الكبرى، إلا أنه حصلت المفاجأة أمام اندهاش الجميع حيث حصلت على جائزة السيناريو وجائزة أحسن ثاني دور نسائي مع تنويه بالممثلة فامة في دور ماما عينو إضافة إلى جائزة الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، فما هو انطباعك حول نتائج التحكيم؟
* * في الحقيقة تفاجأت. فحسب ما تتبعت فإن الإحساس الذي غمرني هو أن الفيلم له حظوظ قوية بالفوز، لكني متعود على مثل هذه الألأمور، إلا أن معنوياتي جيدة لأن الأصداء التي تركها الفيلم كانت إيجابية وإيجابية جدا وسيظهر ذلك قريبا في الصحافة، حيث لاحظت أن كثيرا من المتتبعين لم يهتموا بعملي الأول "زمن الرفاق" رغم أنه حاز على العديد من الجوائز وطنيا و دوليا، إلا أنهم الآن تفاعلوا بشكل إيجابي مع عملي هذا خصوصا على صعيد شبكات التواصل الاجتماعي التي تشيد بالفيلم وتوقعت فوزه بالجائزة الكبرى، وهذا أيضا نوع من الاعتراف الذي يمكن في مناسبات أخرى أن يحقق شيئا ما. أنا سعيد رغم كل ذلك، لأنني تمكنت من أثق في أسلوب عملي ابتداء من الكتابة الأولى إلى الكاستينغ وإلى آخر لمسة في الفيلم، أنا لا أومن بالاعتراف من الوهلة الأولى لأن الاعتراف هو مسار وهذا يكفيني، وهنا أريد أن أؤكد مسألة أساسية وهي أنني لا أملك موهبة بمعناها الميتافيزيقي وإنما هذا عرقي ومجهودي في هذا المسار و يكفيني الاعتراف به.
* ألا ترى معي أن لجنة التحكيم في تقييمها لفيلم أفراح صغيرة اعتمدت على مقاييس غير سينمائية للحكم على هذا الفيلم؟
* * رغم أني لم أفز بالجائزة الكبرى، أتمنى أن يكون العكس هو الصحيح، يروج أن الفيلم تناول إحدى الطابوهات في المجتمع المغربي مما جعله لم يفز، أتمنى لا يكون هذا هو السبب وذلك من أجل مصلحة السينما المغربية.
* لو كان فيلم "أفراح صغيرة" قد مر في فترة إدارة نور الدين الصايل للمركز السينمائي، هل كان سكون الأمر مختلفا؟
* مدير المركز السينما الحالي راقه الفيلم كثيرا وصرح لي بذلك إضافة إلى مجموعة أخرى من المخرجين.. لا أتوفر على معلومات إضافية لكن أتمنى مرة أخرى أن يكون الأمر غير ذلك. أظن أن الفيلم إن كان قد حظي بما يليق به كان الأمر سيكون دفعة قوية لسينما مغربية معقولة تحترم ذكاء المتفرج المغربي و تأخذ بعين الاعتبار انتماءها إلى واقعها الاجتماعي والثقافي.
* هل يمكن القول إن لجنة التحكيم مارست نوعا من الرقابة الذاتية؟
* ممكن، لكنني لن أجزم بذلك، ما يمكن أن أقول هوأن الكثير من أعضاء اللجنة عبروا لي عن إعجابهم بالفيلم وهنا المفارقة.
* مصدر الرقابة الذاتية للجنة التحكيم هو الخوف وانعدام الشجاعة في تثمين فيلم يطرح مسألة المثلية الجنسية داخل الأوساط النسوية؟
* هنا يجب أن أثير مسألة مهمة، الكثير ممن يصرحون دائما أنهم ليسوا ضد حرية التعبير، يستحسنون أن يكون ذلك بشكل غير مستفز على اعتبار أن الأمر يتعلق بواقع ما، فالفيلم يتوفر على هذا الأمر، من الإيحاء وعدم الاستفزاز – للتعبير عن أقلية مجتمعية موجودة شئنا أم أبينا.
* أفراح صغيرة إذن لا يقلق هذا الاتجاه؟
* نعم، و كان لزاما عليهم أن يشجعوا مثل هذه الأعمال، لأنهم في تصديهم لبعض الأعمال الجريئة يقولون إنه كان ممكنا تناول مثل هذه المواضيع دون استفزاز و دون خدش حياء، و أظن أنني قدمت وصفة جيدة في هذا الأمر، أتمنى أن تكون المقاييس المعتمدة لدى لجنة التحكيم معايير فنية.
* * يعني هذا أن هناك تقدم للاتجاهات التي تقول ب"السينما النظيفة" و"سينما لكل العائلة"؟
* انطلاقا من تاريخ السينما، ليس هناك شيء اسم سينما نظيفة ولكل العائلة، بالنسبة إلي سينما نظيفة هي فيلم جيد، يحترم ذكاء المشاهد، و السينما الوسخة هي سينما مفبركة و شعبوية، فإذا كان هناك اتجاه في المجتمع يريد هذا النوع من السينما فأعتقد أننا لن نصنع أي سينما باستثناء مغازلة الذات و تكريس النفاق الاجتماعي.
*
o قريبا، سيخرج أفراح صغيرة إلى القاعات السينمائية ما هي توقعاتك؟
* أنا متفائل، وأتمنى لهذا الفيلم أن يأخذ حقه في القاعات السينمائية، لأنه يحتفل بالذات المغربية في بعدها المنفتح وبالتالي فهو يبحث عن مغربيته من خلال تأصيل الكتابة السينمائية وإبرازها من خلال معطيات تراثية في بعدها الإنساني، لذلك أتمنى أن يشاهده الجمهور بكثافة وبذكاء، لأنني لا أسعى إلى خلق أي ضجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.