عالم برس - ايلاف - أيمن بن التهامي من الدارالبيضاء: تحول كورنيش عين الذئاب في العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء إلى الرئة التي تتنفس منها هذه المدينة الأكبر في المغرب. ففي كل يوم يتدفق الآلاف من المواطنين إلى شاطئ الكورنيش، الذي بات يعج بالمصطافين، غالبيتهم من سكان المدينة، التي يفوق عدد ساكنيها 3.500.000، إضافة إلى أبناء الجالية المغربية المقيمة في الخارج. وليس الشاطئ وحده مقصد الزوار والسكان، بل حتى المسابح "الفارهة" تشهد إقبالاً كبيراً من المهاجرين، سواء المغاربة أو الأجانب، إلى جانب السياح العرب، الذين تحول الكورنيش الوجهة المفضلة لديهم. والكورنيش ليلاً مفتوح على كل الشرائح الاجتماعية، ويقدم خدمات متفاوتة المستويات ارتباطاً بنوعية الزبائن، من فنادق، ومطاعم، وعلب ليلية من فئة الخمس نجوم. وإلى الغرب من الكورنيش، على شارع سيدي عبد الرحمن، يوجد المتنزه، الذي يوفر فضاء للنزهة وسط الخضرة والبحيرات غير بعيد عن شاطئ البحر. ويضم المتنزه مقاهي ومطاعم عدة، إضافة إلى حديقة ألعاب وزوارق للتنزه وسط البحيرات. وتم الشروع، خلال هذه السنة، في تهيئة هذا المسار الصخري الساحلي، احتذاء بساحل ريفيرا، الشيء الذي أدى إلى ميلاد شواطئ ومسابح عدة وأماكن الاستجمام على الشريط الساحلي للدار البيضاء. وظهرت أول مراكز الترفيه المخصصة لزبائن منتقين، خلال الثلاثينات، قبل أن تجري تهيئة مجموعة من المسابح المندمجة في الصخور لخلق واجهة بحرية شبه طبيعية. وأضيفت بنايات مختلفة حديثة لاستكمال عمليات التهيئة الأولى لتجعل من كورنيش الدارالبيضاء المكان الخالد للموضة. وفي الوقت الحاضر، يساهم المدار الساحلي للكورنيش في نمط حياة البيضاويين، حيث يجمع كل مكونات المجتمع البيضاوي المتعطش للترويح عن النفس بالترفيه والتمتع بالهواء الطلق. وقال سمير طبيري، مهاجر مغربي في فرنسا، "عطلتي في المغرب، أقضيها في الدارالبيضاء، حيث أتردد بشكل خاص على المسابح الخاصة بالكورنيش، حيث يتوافر كل شيء، أما في الليل فهذا شيء آخر، فمتعة الاستجمام والترويح عن النفس يكون لها مذاق آخر في هذا المكان، الذي لبس ثوباً جميلاً جداً، بعد أشغال التهيئة التي خضع لها هذه السنة". وأضاف سمير، في تصريح ل "إيلاف"، أن "شكل هذا الفضاء تغير كثيراً بالمقارنة مع السنة الماضية، وأضحى يوفر للزوار مجموعة من الخدمات الترفيهية التي توجد في المدن السياحية الكبرى". وأبرز سمير أن "البنايات والمرافق الموجودة هنا تجعلك تحس أنك في قرية سياحية ضخمة من دون حواجز، وبدأ فعلاً يستهويني هذا المكان، رغم الاكتظاظ الكبير الذي تعانيه الدارالبيضاء". من جهته، أوضح محمد صراط، موظف في القطاع البنكي، "هذه السنة فضلت أن أقضي عطلتي في الدارالبيضاء، لسبب بسيط هو أنه أضحى لها كورنيش متميز على شاكلة ما يوجد في المدن الشمالية. وهذا جعلني أتراجع عن فكرة قضاء العطلة في شمال المملكة". وذكر محمد، في تصريح ل "إيلاف"، أن "المشكلة الوحيدة التي واجهتنا هي أن الشاطئ يكون مكتظاً جداً، حتى إنك لا تجد حتى مكانا على الشاطئ للجلوس، وهو الحال نفسه في البحر، إذ لا يمكن أن تسبح دونما الاصطدام بأحد". وأضاف "الاختناق الذي كان في وسط المدينة، بدأ ينعكس على الكورنيش، إذ بات يصعب عليك مغادرته أو الخروج من هناك مع قرب الغروب. فحركة السير تتجمد لساعات قبل أن تبدأ السيارات بالتحرك ببطء". وأنفا" أو "أنافا" أو "أنفي"... تسميات مختلفة وردت في المصادر التاريخية القديمة، للإشارة إلى الحاضرة التي ظهرت في المكان الحالي للدار البيضاء. وينسبها ابن الوزان (ليون الإفريقي) إلى الرومان، كما ينسبها آخرون إلى الفينيقيين. ولكن غالبية المؤرخين يذهبون إلى أن مؤسسيها هم "البرابرة" الزناتيون. وقد اشتهرت "آنفا" لحقبة من الزمان بعلمائها وجنودها وتجارتها المزدهرة. وبقيت "أنفا" خلال حكم المرينيين مدينة صغيرة مفتوحة على التجارة البحرية مع الخارج، لاسيما مع الإسبان والبرتغال. كما كان سكانها بحارة يمارسون القرصنة، ويهاجمون بصفة خاصة السفن البرتغالية. ما أثار حفيظة البرتغاليين الذين نظموا هجوماً على المدينة، وقاموا بتدميرها عن آخرها سنة 1486. وقد حاول البرتغاليون سنة 1515 بناء قلعة محصنة، لكن هزيمتهم على يد المرينيين جعلتهم يتخلون عن ذلك. ويبدو أن "أنفا" قد اندثرت من دون أن تترك أي أثر سوى ضريح "سيدي علال القيرواني" بوصفه شاهداً على حضارة مشرقة.