مأمون شحادة** : ان المسلسلات التركية والتي اكتسبت الصفة العالمية عبر محطات العالم جسدت هذا اليوم نقلة نوعية ثقافية عابرة للقارات من خلال تجسيدها للعلاقات الاجتماعية في داخل المجتمع التركي للتعريف بهذا المجتمع وباصالته الاجتماعية واضعة كل الجهود المقصودة لانشاء العالمية الاجتماعية للوسط التركي . ان تلك النقلة النوعية كان لها التأثير المباشر على كل الشعوب، ولكن الشعب العربي تأثر بها كثيرا، ليلاحظ ان المجتمع التركي من خلال عاداته وتقاليده مشابه للمجتمع العربي الى حد ما، وهذا واضح من خلال المسلسل التركي " ويبقى الحب " ، والذي يعني ان هنالك عوامل مترابطة ما بين الشعبين، جاعلا من المسلسل التركي المرتبة الاولى على شاشات التلفزة العربية ، وهذه امور موجهة في عملية التقارب الثقافي العربي لمعرفة الكثير عن الجانب الاجتماعي التركي. فقد عملت تلك المسلسلات على تقارب المجتمع العربي من المجتمع التركي بنسبة 60 % ، في الوقت الذي لم تستطع فيه السلطنة العثمانية على مدى اربعة قرون ان توجد مثل تلك العلاقة مع الجانب العربي خلال تواجدها ضمن تلك المنطقة ، فقد تمكن الجانب العربي من معرفة الكثير عن المجتمع التركي كاسماء العائلات التركية مثل عائلة اوجلو وعائلة اقصال وغيرها من العائلات ، والتعرف على الكثير من المعالم التركية التاريخية والحديثة . لقد اصبحت المسلسلات التركية عربيا تشكل حلقة تواصل ما بين المجتمعين وفق عملية تثاقفية من اجل تقارب الشعوب انسانيا. ومن الملاحظ ان مراكز تعليم اللغة التركية اصبحت منتشرة في الوسط العربي ، حيث يرغب الكثير من الوسط العربي تعلم تلك اللغة من شدة انبهار هذا المجتمع بالشخصية التركية ومن اجل الالمام بتلك اللغة ، وايضا ان المواطن العربي اصبح يفكر في عمل زيارة سياحية لتركيا ليكحل ناظريه بالمناظر الطبيعية الخلابة والتي يشاهدها في تلك المسلسلات، مما يعني ان المواطن العربي تقبل التثاقف مع الاتراك باقصر وقت، مع ان الثقافة عامل صعب في التقبل من الاخر بحسب نظرية صراع الزمن مع الجغرافيا، ولكن المسلسلات التركية اختزلت الزمن واجتازت الجغرافيا بسهولة، ليتضح من ذلك ان العامل الثقافي التثاقفي مهم في تقبل ثقافة الاخر، وذلك لان المجال الثقافي يؤدلج المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي . ان المسلسلات المكسيكية والاسبانية والتي سبقت المسلسلات التركية في الدخول الى المنطقة العربية انما تختلف كثيرا عن التركية، وذلك لان عامل الدين الاسلامي يلعب الدور الكبير في عدم انقراض تلك المسلسلات كما حدث للمسلسلات المكسيكية، والذي يعني ان الرابطة الدينية عامل مهم لتقارب الشعوب مع بعضها ضمن تقبل الثقافة كما حدث مع المجتمع العربي بتثاقفه مع الشعب التركي، مما يعني ان تقارب الشعبين التركي والعربي ثمرة صنعتها تلك المسلسلات. نعم ... هذا على الجانب العربي ، ولكن ماذا على الجانب التركي !!! هل المسلسلات العربية تدبلج للغة التركية كما تدبلج التركية في المجتمع العربي ؟ ... من الواضح ان المسلسلات العربية الان في طريقها الى اللغة التركية ليصبح هنالك كم هائل من التبادل الثقافي ما بين الشعبين (وليس من جانب واحد)، لتصبح الدائرة الثقافية مكتملة من جراء التثاقف . فعلى الجانب العربي فان شركات الانتاج والمونتاج تعمل جاهدة على دبلجة المسلسلات التركية ، و شركات الانتاج والموتناج التركية هي الان في طريقها الى دبلجة المسلسلات العربية لايصالها الى المجتمع التركي ليصبح التثاقف متبادلا اكثر ما بين الشعبين وفق ثقافة موجهة ومقصودة. تخصص دراسات اقليمية الخضر – بيت لحم – فلسطين [email protected]