فجر الحديث عن نشاطات مكثفة لمثليين مغاربة ودعم جهات أجنبية ومغربية لهم كي تخرج المثلية الجنسية في المجتمع المغربي من دائرة المسكوت عنه الكثير من الجدل مما دفع السلطات الى الخروج عن صمتها متوعدة مقترفي "الأفعال المخلة بالآداب والأخلاق العامة" بالملاحقة. وعادت أخبار المثليين الى الواجهة مع ظهور مثليين في بعض وسائل الاعلام المغربية قائلين انهم يتلقون الدعم من جهات خارجية وبعض الجمعيات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني المغربية لتحطيم "حاجز الصمت" عنهم. ويقول المثليون المغاربة انهم ينشطون في جمعية "كيف كيف" وتعني باللغة العربية "سواسية" وهي جمعية غير مرخص لها ويهدفون إلى منع تجريم المثلية الجنسية في المغرب. وينص الفصل 489 من القانون الجنائي المغربي على العقاب "بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وغرامة مالية من 200 الى 1000 درهم (من 24 الى 122 دولاراً) لمن ارتكب فعلا من افعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه ما لم يكن فعله جريمة أشد". واعتقلت السلطات المغربية مؤخراً نحو 20 شخصاً يشتبه في كونهم مثليين جنسيين بضواحي مدينة مكناس على بعد 136 كيلومتراً شرقي الرباط بعد تجمعهم في موسم ولي يدعى "سيدي علي بن حمدوش" وشروعهم فيما يبدو في ممارسة طقوس وزيجات فيما بينهم. كما أصدر القضاء المغربي في العام 2007 في مدينة القصر الكبير بشمال المغرب أحكاما بالسجن على ستة أشخاص من ضمنهم شخص أدانه القضاء بالمثلية الجنسية والزواج من شخص اخر وعلى أربعة آخرين حضروا حفل "العرس". وبعد صمت ليس بالطويل على الظهور العلني للمثليين المغاربة أوائل الشهر الحالي وقولهم انهم يرتبون للاجتماع في الشهر المقبل في مراكش لتدارس وضعهم من أجل "انتزاع حقوقهم" على غرار عدد من الدول الغربية ردت السلطات المغربية بقوة عليهم. وصدر بيان لوزارة الداخلية الاسبوع الماضي جاء فيه "لوحظ خلال الاونة الاخيرة تعالي بعض الاصوات عبر منابر اعلامية تحاول الترويج لبعض السلوكات المشينة مستفزة بذلك الرأي العام الوطني دون الاخذ بعين الاعتبار قيم مجتمعنا الاخلاقية والعقائدية". وأضاف "السلطات العمومية لتؤكد حرصها الكامل على التصدي بكل حزم وفي اطار القوانين الجاري بها العمل لكل الممارسات المنافية لقيمنا ولكل المنشورات والكتب والاصدارات التي ترمي الى المس بقيمنا الدينية والاخلاقية". وقال عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي "المثلية كانت دائماً موجودة في المغرب وفي العالم منذ تواجد البشر على وجه الارض". وأضاف الديالمي وهو أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط "في الماضي كما في الحاضر هناك رفض للظاهرة مبني على أساس شرعي فقهي. لكن رغم الرفض السلوكيات موجودة بشكل مستمر". لكنه تابع بقوله انه لم يكن هناك وجود "لتبني الهوية المثلية في الماضي لا على الصعيد الفردي ولا على الصعيد الجماعي بحيث كانت الممارسات محتشمة متسترة يشعر الممارس فيها بالذنب وبأنه مجرم". ومع منتصف السبعينيات من القرن الماضي حصل تطور عندما عرفت منظمة الصحة العالمية الشذوذ بأنه "علاقة جنسية بين راشد وطفل أو علاقة جنسية بين راشدين فيها عنف في حين أصبحت العلاقة الجنسية بين شخصين من نفس الجنس تسمى مثلية جنسية". وأضاف الديالمي أن المغرب رغم كونه بلداً مسلماً فانه لا يعيش بمنأى عن هذه الحركات العالمية التي أصبحت تطالب بعدم تجريم المثلية والانتظام في حركات اجتماعية. وتابع قائلا انه اذا كانت الدولة المغربية تستلهم قوانينها من مصدرين هما الاسلام وحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دولياً فهذا "يشكل تعارضاً بين المصدرين. لذا فموقف الدولة موقف حرج..هل تستجيب لحقوق الانسان أم تستجيب الى الشرع الاسلامي". واعتبرت بسيمة حقاوي وهي نائبة برلمانية من حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل أن "المنطومة القيمية في المغرب تأثرت بما يجري في الغرب" وأرجعت المسؤولية الى "التحفيزات الخارجية والتشجيعات التي تأتي من بعض المنظمات الخارجية التي تعتبر هذا السلوك يدخل في الحرية الشخصية انطلاقا من منظور مغلوط للحرية الفردية". وقالت "في كل مرة كان هناك تصد من طرف المجتمع والسلطات للظاهرة لكن تكرار هذه الخرجات الاعلامية هو من استراتيجياتها للتطبيع معها". واعتبرت أن النظام المغربي "قام بواجبه من خلال الرد على هذه السلوكات المستفزة لمشاعر المغاربة". وفي اسبانيا اعتبر سمير بركاشي منسق "كيف كيف" التي تنشط بسرية وخارج القانون "نحن لا نخطط لهدم القيم في المجتمع..نحن نريد أن نفهم الناس أن المثلية ليست حالة مرضية". وأضاف "أنا مثلي. هذا قدري. المجتمع المغربي لا يقبلنا. الاسلاميون يقومون بحملات رهيبة ضدنا والسلطات تسجننا على جريمة لم نخترها". وقال "هذا تناقض. المغرب يعيش مرحلة انتقالية في مجال حقوق الانسان ويصادر حقنا في الاختلاف". واعتبرت بسيمة حقاوي "أن المغرب وصل الى مستوى جيد في مجال الحريات لذلك قد يستغل هذه المناخ في غير محله".