ماهي أسباب الجريمة ؟ ما هي العوامل والدوافع التي تؤدي إلى السلوك الإجرامي ؟ لماذا ينحرف بعض الأشخاص عن الطريق السوي المستقيم غير مبالين بعرف او قانون ولا مثاترين بخلق أو دين ولا مقدرين العواقب؟ او بالاختصار لماذا ينحرف المجرم ؟. سؤال حير العلماء والباحثين والكتاب والفلاسفة وغيرهم منذ ابد إلى يومنا هذا ،دون ان يهتدي احد منهم إلى إجابة قاطعة شاملة أو إلى قاعدة ثابتة مستقرة تبدد الظلمات التي تكتنف مشكلة الجريمة وتكشف الطريق الذي تؤدي إلى انحراف بعض الناس وارتكابهم للجرائم . وبالرغم من حيرة جهابذة العلم والفكر أمام هذه المشكلة كثيرا ما نسمع أفرادا من عامة القوم أو الناس غير مزودين بعلم ولا معرفة ولا خبرة يتحدثون حديث اليقين والمعرفة عن مشكلة الجريمة ويؤكدون بكل بساطة معرفتهم لأسبابها ، ولاشك أنهم في اعتقادهم ويقينهم الساذج هذا مثاترون بحالات فردية لبعض الأشخاص معدودين ارتكبوا حوادث معينة ، ولاشك أنهم مخطئون كل الخطأ في اعتمادهم على تلك الحوادث الفردية عند تحدثهم عن أسباب الجريمة بصفة شاملة . فحيرة العلماء إذن ، ليست في الوصول إلى سبب إجرام شخص معين اوسبب ارتكاب جريمة معينة ، إنما احتاروا في تعميم أسباب الجريمة بشكل قاطع شامل ثابت مستقر ليطبق على كافة بني الإنسان في كل زمان ومكان . وقد درست مشكلة الجريمة قديما وحديثا من زوايا متعددة ، حيث تناولتها دراسات علمية متنوعة من : طب ، وفلسفة ، وعلم النفس، وعلم اجتماع، والقانون وغبرها ، وبالتالي تعددت وجهات النظر بشأنها ، فمن قائل أن الجريمة مشكلة اجتماعية إلى قائل أنها مشكلة نفسية ووراثية ، إلى قائل بغير هذا وذاك ولكن أحدا لم يتمكن بعد من التدليل على وجهة نظره وإثباتها علميا سليما يمكن الأخذ به وتطبيقه في كافة الظروف والأحوال . وقبل البحث في سبب الجريمة ، يجب أن نحدد ماهو المقصود بكلمة " سبب" ؟ فإذا كان هناك مؤثر ما يؤدي الى استجابة معينة في كل مرة يحدث فيها هذا الثاتير مهما اختلفت الظروف والأحوال ، وإذا تأكدنا بالملاحظة والتجربة ان علاقة تلك الاستجابة بذلك المؤثر علاقة مباشرة لتتخذها او تتدخل في إحداثها لعوامل ومؤثرات خارجية أخرى ، فنحن إذن بصدد علاقة سببية صحيحة وبالتالي يمكننا القول بان الطفل .... (مؤثر) وتأوهه او صياحه نتيجة هذا الوخز ( استجابة) . فاذا حاولنا تطبيق نظرية المؤثر والاستجابة في بحثنا عن سبب الجريمة وحاولنا أيجاد ذلك السبب المعين الذي يؤدي إلى السلوك الإجرامي مهما اختلفت الظروف والأحوال ، ذلك الذي بينه وبين الجريمة علاقة مباشرة لتتخللها عوامل أخرى ، إذا ما حاولنا ذلك واجهتنا عوائق وصعوبات جمة ، أهمها : عدم ثبات واستقرار العلوم التي تبحث في السلوك البشري بصفة عامة والسلوك الإجرامي بنوع خاص . ولكي نكون اقرب الى الدقة في دراستنا العلمية التحليلية للجريمة يجب ان نتحاشى على قدر الإمكان استعمال عبارة " أسباب الجريمة" اذ يفضل استبدالها بعبارة " العوامل التي تؤدي الى الجريمة" وهي حسب علماء الإجرام أربعة : 1- عوامل عضوية 2- عوامل اجتماعية 3- عوامل نفسية 4- عوامل مشتركة