دخلت إلى غرفة الجلوس حيث كانت زوجتي وأبنائي يناقشون موضوعاً ما، أنصتُّ قليلاً، كان الحديث يدور حول فيديو شاهدوه على اليوتيوب عن رجل يستوقف الناس في الطريق ويسألهم السؤال التالي: في حال علمت أنه لم يبق لك في هذه الحياة سوى يوماً واحداً ماذا ستفعل في هذا اليوم ؟ الكثير من الإجابات كانت تتعلق بالإنكباب على المتع الدنيوية والإستزادة منها، وبعض الإجابات كانت حول توديع الأهل والأحبة وكأن الموت نهاية كل شيء، والإجابات القليلة كانت تدور حول التوبة والتزود بالعمل الصالح طالما كان في الوقت بقية، سألني ابني ببراءة طفولته: ما رأيك يا أبي؟ ما الذي على الإنسان فعله حال علمه أن يومه هو اليوم الأخير في هذه الحياة؟ ألهمني الله تعالى بفضله أن أقول له: يا ابني لو قلنا لأحدهم أن لديك رحلة ليوم واحد إلى بلد آخر، في هذا اليوم سيتاح لك التمتع بالملاهي والمقاهي والمطاعم والتنزه وكل شيء مجاناً، وفي ذات الوقت سيتاح لك التسوق في كل الأسواق وحمل البضائع التي تريد مجاناً وبدون أي مقابل، ماذا سيختار العاقل الفطن، مُتَعاً مجانية تزول بنهاية اليوم مهما طال أم تسوق البضائع المجانية التي سيحملها معه إلى بلده، في الحالة الأولى سيتذوق المتع واللذائذ ويعيش سعادة عظيمة لكنها تنتهي بنهاية ذاك اليوم ويعود لبلده خاوي الوفاض وقد أصابه تعب يقل أو يزيد بحسب حجم المتع التي استزاد منها، في الحالة الثانية سيشعر ببعض التعب جراء التسوق وحمل البضائع التي سيأخذها مجاناً ولكنه سيرتاح حال عودته إلى بلده ويستفيد ويستمتع بالبضائع المجانية التي حملها معه، قال ابني: طبعاً سيختار العاقل الفطن أن يتسوق مجاناً ولو تعب لأنه سيرتاح حال عودته لبلده ويتمتع بما حمل من البضائع، قلت: يا ابني هذه حالنا، وطننا الحقيقي هو الجنة، وقد جئنا لهذه الدنيا برحلة قصيرة جداً، إما أن نقضيها بالتمتع ونعود لوطننا مفلسين بلا متاع ولا بضاعة، أو نعود محملين بالعمل الصالح والذي سيكون سبباً لأن يكرمنا الله تعالى ويرحمنا ويغفر لنا ويجعلنا في جنانه خالدين… يا ابني في المعاصي متع زائلة يعقبها ندم وتعب وسوء خاتمة، وفي طاعة الله بعض التعب ولكنه سبب لراحة وسعادة أبدية.