لمعاداة المغرب والتشهير به وجره الى ما تربأ المملكة بنفسها عنه تجنيبا لمنطقة المغرب العربي ما هي في غنى عنه من حروب وتوترات وتدخل أجنبي سياسي وميداني على أراضيها، استنفذت الجزائر كثيرا من طاقتها بتسخير كل مقدراتها على حساب تنمية الشعب الجزائري ونهضته ورفاهيته. ويمعن النظام الجزائري في الإساءة للشعب المغربي بكل ما تهيأ له من قدرات عسكرية وإمكانيات مالية ومادية ودعم ديبلوماسي لدعاة الانفصال في اقاليمه الجنوبية إضافة الى التربص السياسي بالمغرب في كل المحافل والقضايا. ولا تترك الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر مناسبة يتاح لها الطعن في المغرب إلا وطعنت بالخنجر من الظهر وأحيانا في الصدر وما تفتأ الدولة المغربية مصطبرة في مراعاة لحسن الجوار وللقواسم المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين على كل التصرفات التي تبلغ بصفة دائمة ومستمرة حدودا فاقت سقف الأعراف في الخصومات السياسية وفي حساب المصالح الجيوستراتيجية. فليس مقبولا ولا مستساغا وليس من أخلاق الإسلام وقيم العروبة اتخاذ الناس سخرية والحط من قدرهم والاستخفاف بواجب التوقير لشخوصهم لاسيما إذا ما كانوا من علية القوم وكبارهم. وما أقدم عليه أشقاؤنا الجزائريون من محاولة يائسة بائسة للتشهير برموز السيادة الوطنية في المغرب والمس بسلطاتهم عبر إحدى قنوات التلفزيون التي تبث برامجها تحت الوصاية العسكرية والسياسية لقصر المرادية لهو مما تمقته الأخلاق وترفضه الأعراف وتشمئز له النفوس وتستكرهه الأبصار والأسماع وتمجه الأذواق وليس هو من الإعلام في شيء. ولا يجد كل ما تجِدُّ الطبقة الحاكمة بالجزائر في التعبير عنه قولا وممارسة ضد المغرب شعبا وحكومة من تفسير غير الحقد على الالتفاف الشعبي الجماهيري العفوي التاريخي حول سلاطين الدولة وملوكها وعلى تجند المغاربة قاطبة من المتوسط وحتى ثخوم الصحراء وراء عاهلهم لافتداء مليكهم بالأرواح وبالغالي والنفيس وفداءاً للوطن من طنجة إلى لكويرة وإلا فليس من مبرر لكل هذا الشطط الدبلوماسي والسياسي الجزائريين لمعاداة المغرب في حقوقه السيادية على ترابه في الصحراء بالاقاليم الجنوبية للمملكة ولتعبئة الميليشيات والمرتزقة بالعدة والعتاد للترهيب والاستنفار على الحدود وأيضا لكل النقع والغبار الذي يثيره أوار البلاغات الكاذبة للإعلام المخدوم عن هجومات مزعومة ضد القوات المسلحة الملكية الباسلة المرابطة على جدار العزة والكرامة والأمن والسلام. ما ذا يريد العسكر حكام الجزائر غير إفلاس أكثر لاقتصاد بلادهم وإشعالها ثورة للشعب ضد النظام يحرق البلد بالنفط والغاز الذي لم يأت للجزائريين سوى بالويل والتبور نهبا لإيراداته وإغناءَ طغمة الحكم ومُواليهم وزبانية الجنرالات شرنيقة ومن قبلِه الكايد صالح وأمثالهما؛ وتسخير موارده لتمويل الانفصال والإرهاب في منطقة الصحراء والساحل وشراء الذمم في ما لا ينفع لا الجزائر ولا شعبها... ماذا يريدون غير إيقاد الفتنة وإضرام الحروب بعد سنوات من دق طبولها والزج بالمنطقة المغاربية في لهب نار سهلٌ إشعال فتيلها وصعبٌ إطفاءَ سعيرِها في ظل الأوضاع الملتهبة من الأطلسي إلى البحر الأحمرجنوب الصحراء وحتى أثيوبيا والسودان وفي ظل عدم الاستقرار العالمي والتحولات الجارية في أعقاب جائحة كورونا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي... وماذا يريدون بعدما زهد المغرب في ما كان تحت يده وبحوزته وآثر مصلحة حسن الجوار في إطار وحدة البلدان الخمسة للمنطقة المغاربية فقدم أكثر ما استطاع عند ترسيم الحدود شرقي فكيك وجنوبيوجدة متنازلا عن مطالبه السيادية الوطنية التاريخية في تديكلت والقنادسة وتندوف وحسي بيضا وكولم بشار وأدرار وهي المناطق الغنية المتواجدة اليوم على خريطة الدولة الجزائرية... ماذا يريد النظام الجزائري سوى أن يقطع يد الشعب المغربي ونظامه التي بسطها بأريحية للتصالح لأجل مصلحة شعبي البلدين الأخوين وشعوب المنطقة المغاربية ولفائدة تكتل إقليمي يملك من مقومات ما يجمع بلدانه أكثر مما يفرقها من متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكامل النموذجي على غرار التكتلات الاقليمية والجهوية القوية المتقدمة في أوربا وآسيا... ألم يكن المغرب كريما عندما أهدى الجزائر منفذا بحريا على الأطلسي وبادر بفتح حدوده البرية في وجه الاشقاء الجزائريين ووضع ترابه طريقا للغاز الجزائري من أجل التصدير الى الشمال؛ ألم يكن أثيرا يتقاسم ثرواته الخضراء مع أشقائه في مواسم قحطهم المؤبد ورحيما بالمواطنين الجزائرين الذين لا يغتربون في أرض المغرب ولا يَمَنُّ عليهم أحد بالإقامة فيه... أوَ لم يكنِ المغرب غفورا لزلة القرن التي لا تغتفر عند إلقاء آلاف المواطنين المغاربة حفاة عراة مفتقرين صبيحة عيد الأضحى على الحدود مطرودين من ديارهم منهوبين من حلالهم مستباحين... لم يُوَرِّثِ المغربُ إثر ذلك لأجيال الثمانينيات والتسعينيات وما تلا عقودهما الأحقاد على الجزائر وشعبها... تُرى لو لم تكن سياسة المغرب مصونةً عن العبث لجرت دماء كثيرة تحت الجسر الذي ما يزال عقلاء "المخزن"حريصين على ان يكون صلة وصل لشعبين يجمعها اللغة والدين والجغرافيا والتاريخ المشترك. وإذا كان قصر المرادية باقٍ على غيِّه القديم مع المتغيرات الكونية التي ألهمت أنظمة عديدة في العالم رُشدها وأعادت حساباتها بمراجعة مواقف الضلال التي زكتها إيديولوجيا الحرب الباردة وشعارات الثورة الخاملة التي لم تشبع بطنا جائعا ولا كست جسدا عاريا أو انتعلت قدما حافيا، وكان تتويج كل تلك المراجعات اعترافُ الولاياتالمتحدةالامريكية المستحق بالسيادة المغربية على اقاليم الصحراء في جنوب البلاد من كلميم الى لكويرة واعتبار الحكم الذاتي الموسع في اطار الجهوية المتقدمة التي اقترحها المغرب الحل السياسي الأوحد والقابل للتحقق بالتفاوض للمشكل الذي ترعاه الجزائر وتستميت في ابقائه حجرة في الحذاء وعصا في العجلة لتعطيل قاطرة الوحدة والاندماج بين بلدان المنطقة المغاربية. أما وأن الجزائر مستمرة في معاندة الواقع وجحودها لشرعية التاريخ بالقرائن الموثقة قانونا والمشهودة واقعيا فإن المغرب ماض الى حيث يبني المستقبل على قاعدة النماء والرخاء في ظل المؤسسات التي تضمن كل الحقوق التي نصت عليها الشرائع الكونية في إطار الديمقراطية الحق ولا يضيره إذ قافلته تسير حثيثة أن تتبعها الجراء نباحا. فلن يطفئ لا الرئيس تبون ولا العميد شرنيقة ولا من سبقوهما وكل الذين من بعدهما سيأتون، نورَ المغرب ونارَه الذي يشاؤون ان يطفئوه ويشاء الله أن يتم على الشعب المغربي نوره ولو كره الكارهون.