يعتبر تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2018، هو أول تقرير ينقل بحق تجربة سنة كاملة من عمل هذه المؤسسة الحديثة العهد، لأن تقريرها لسنة 2017 وإن أصدرته، فإنها لم تشتغل خلالها إلا مدة ثلاثة أشهر فقط. والملاحظ من خلال قراءة متأنية لمضامين هذا التقرير، أن مؤسسة رئاسة النيابة العامة، اعتمدت لغة سهلة وواضحة في سردها لمجمل الأنشطة والمواضيع، والتي ناقشتها بلغة الأرقام، وهي الطريقة المنطقية للتواصل مع القارئ، وبسط هذا العمل تحث مجهر التقييم، إيمانا منها بالمبادئ الدستورية للحق في المعلومة، وهذا ما يستشف من خلال العناوين الرئيسية التي جمعت ما بين استقلالية النيابة العامة ونشاطها، وبين مفهوم السياسة الجنائية وتنفيذها، وخلصت في الأخير إلى توصيات هامة بشأن هذين المحورين. وإذا أردنا تشريح هذا التقرير وتحليله بمنظور رجل القانون الممارس، نجده قد عالج أربع محاور أساسية، كانت في حد ذاتها مجال اشتغال هذه المؤسسة خلال السنة موضوع التقرير، وهذه المحاور هي كالتالي: التأسيس والبناء المؤسساتي تأكيد التواجد بين باقي السلطات التواصل مع الإعلام والرأي العام الانفتاح على المحيط الخارجي وإن كانت هذه المحاور تبدو متباعدة المرامي والأهداف، ولا تصب جداولها في رافد واحد، إلا أنها مرصوصة في خيط رفيع يجمع ما بين التواجد والاستمرارية، وبين العطاء والفعالية. فهي وإن كانت مستمرة في مجال اشتغالها اليومي، إلا أن صدور قانون إطار لتنظيمها، وتعيين قاض على رأس هرمها، جعلها حاضرة في نقاشات الموائد القانونية، وبارزة على مستوى العطاء الذي أصبح يلامسه المواطن ومختلف المؤسسات الدستورية. التأسيس والبناء المؤسساتي : إن من أصعب المراحل التي تعيشها الديمقراطيات خلال تأسيس السلط والمؤسسات الدستورية، هي مرحلة البناء وهيكلة المنظومات المجسدة لدولة القانون. لهذا كانت مرحلة خروج مؤسسة رئاسة النيابة العامة إلى الوجود بمثابة العملية القيصرية الصعبة، التي لابد أن تنجح في انفصال هذا المولود عن السلطة التنفيذية دون الانفصال عن السلطة القضائية مع بقاء حبل الوريد رابطا أساسيا بين مختلف هذه المكونات خدمة للمصلحة الفضلى للنظام العام ومكونات المجتمع بمختلف أطيافه. وقد لعبت هنا شخصية الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة الدور الأساسي في هذا النجاح، لما للرجل من خبرة ما بين العمل القضائي والإداري والمزدوج، فكان خير قرار أبان عن حنكته، هو هيكلة رئاسة النيابة العامة في شكل التصميم العنكبوتي، الذي يبقى خير نموذج يعتمد في هندسة التواصل. ففي الوقت الذي تجتمع فيه كل القنوات والخيوط لتصعد إلى رأس الهرم أو نقطة الارتكاز، تبقى متصلة مع بعضها البعض، سواء عموديا أو أفقيا، في إطار تسلسل متشابك، ما يتيح الفرصة لمختلف الأقطاب والشعب والوحدات للتواصل والتكامل والتلاقي حول نفس مجالات الاشتغال، في إطار تعميم المعلومة والإخبار بالمستجد. فقطب الدعوى العمومية يلتقي في مهامه مع قطب القضايا الجنائية. وشعبة تتبع تنفيذ السياسة الجنائية تشاطر شعبة حماية الفئات الخاصة وشعبة قضايا حقوق الإنسان وشعب أخرى نفس الاهتمام والتخصص. ومختلف الوحدات تتشارك في مآل واحد ألا وهو الشكايات والدعوى العمومية ومعالجة الإجرام بنوعيه الجريمة والانحراف. وفي هذا تجسيد حقيقي لتسلسل السلطة الرئاسية للنيابة العامة عموديا، واستقلال قضاة النيابة العامة أفقيا فيما يخص عملهم اليومي واتخاذ القرارات طبقا للقانون. تأكيد التواجد بين باقي السلط : إذا كانت النيابة العامة بقضاتها جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية، فالأمر بديهي أن الاستقلال عن كل جهة هو مآلها كذلك، للقول بالتطبيق الحرفي والسليم لمقتضيات الدستور في فصله 107، الذي جاء صريحا فيما يخص استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. والنيابة العامة بطبيعة الحال هي شطر القضاء وجزؤه الواقف. وقد عزز الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة هذا الطرح، من خلال ميثاقه الذي جاء ليبلور إرادة هيئة توافقية تعكس في تشكيلتها مكونات المجتمع المغربي، لتعطي رئاسة النيابة العامة للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته هاته. ودون الدخول في سجال حول مدى إسناد هذه المهام الجديدة وتمركزها في قبضة رئيس النيابة العامة، مع ما يمكن أن يثار من أن الأمر قد يفضي إلى إستقواء أو شطط أو استعمال صلاحيات في غير مكانها، فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد انتقال مهام من يد وزير العدل إلى يد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، مع ما يترتب عن ذلك من مسؤولية ومساءلة طبقا للقانون. أضف أن انتقال هذه المهام إلى جهة مستقلة ومحايدة، ليس لها ميول سياسي أو حزبي، ولا تشتغل تحث إمرة مجلس وزاري أو حكومي، سيجعل من تدبير هذه المهام والوظائف, عنوانا للاستقلالية وطريقا لتحقيق العدالة. لأن مؤسسة رئاسة النيابة العامة، عليها- وكما هو عليه الأمر بالنسبة لجميع المؤسسات الدستورية رقابة من عدد من الجهات والهيئات المشكلة بمقتضى القانون، وعلى رأسها الدستور الذي جعل قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان بمقتضاه (الفصل 23)، وهذه هي أسمى صور العدالة الحقة والديمقراطية العادلة. ولإثبات هذا الوجود، وتأكيد التواجد بين باقي السلط، وجعل مؤسسة رئاسة النيابة العامة واقعا ملموسا يعكس إرادة أمة من خلال دستورها، وإرادة سلطة تشريعية من خلال المصادقة على قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لم يسارع رئيس النيابة العامة بالاتصال المباشر مع باقي السلط، رغم الدعوات المباشرة وغير المباشرة والملحة لضرورة حضوره في قبة البرلمان ومناقشة التقرير، بل كان حكيما في جعل القوانين المنظمة لهذه العلاقة منهاج سلوكه، ومبدأ استقلال القضاء شعاره، وكلمة المؤسسات الدستورية قدوته في المبادرة. فأحال تقريره الأول والثاني على أنظار المجلس الأعلى للسلطة القضائية طبقا للقانون، وأكد أكثر من مرة على أن استقلال هذه المؤسسة هو استقلال في المهام لا في المساءلة. ليأتي قرار المحكمة الدستورية معززا لهذا التوجه الصحيح. كما بادر بالحلول محل وزير العدل في ممارسة الاختصاصات المخولة لهذا الأخير، من تعليمات وإشراف في مجالي الدعوى العمومية وفي مجال الطعون وتتبع القضايا، طبقا للقانون رقم 1733 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة. وبهذا تكون رئاسة النيابة العامة قد استطاعت في أقل من سنة ونصف أن تؤكد وجودها ومكانتها بين باقي السلط، وأن تسطّر إطارها القانوني في دائرة الدولة، وتأخذ بشرعية قانونية ما لها من اختصاصات كانت موكولة لجهات أخرى، مع إصدار أكثر من خمسين دورية ومنشور، منها ما هو موجه لقضاة النيابة العامة ومنها ما هو موجه للرأي العام، الهدف منها تأطير مناهج العمل وتوحيد الاجتهاد والتنزيل الحقيقي لسياستها الجنائية. التواصل مع الإعلام والرأي العام : بمجرد خروج رئاسة النيابة العامة إلى الوجود، لاحظ المتتبعون للشأن العام، حضورها القوي على الساحة الإعلامية، وتواصلها المستمر مع الصحافة، وبلاغاتها الرسمية الصادرة إبان الوقائع والأحداث التي تستأثر الرأي العام، وهذا على غير عادة هذه المؤسسة، التي عرفت من قبل بالتكتم والانطواء، متذرعة في ذلك بسرية الأبحاث وحقوق المتقاضين في حماية حياتهم الخاصة. إلا أن هذه المؤسسة في حلتها الجديدة استطاعت الخروج من جبتها التقليدية، والتأسيس للمفهوم الجديد للمؤسسات العمومية، المقرون بالحق في المعلومة وتنوير الرأي العام والتفاعل مع الصحافة والإعلام بصفتهما ميزان حرارة الشارع ولسان المجتمع المدني. وهكذا دأبت مؤسسة النيابة العامة عبر رئيسها ومساعديه، على حضور موائد النقاش الإذاعية والتلفزيونية، والخروج ببلاغات وتصريحات صحفية تنور المواطنين حول قضية معينة، أو حادثة عارضة أثارت فضول الشارع، أو تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مغلوط لا يعكس حقيقة الواقع. وتبلورت استراتيجية التواصل هذه في تنظيم ندوات ولقاءات مع رجال الصحافة والإعلام، سواء بمحطات الإذاعة والتلفزيون أو بمقر رئاسة النيابة العامة أو بحرم الكليات والجامعات والمعاهد، أو حتى وصلات إشهارية تذاع للعموم عبر قنوات الإعلام، كما هو الشأن بالنسبة لجريمة الاتجار بالبشر، كان الهدف منها التجسيد الحقيقي لتنفيذ السياسة الجنائية، والإعلان الرسمي عن توجه هذه المؤسسة في تدبير الشأن العام العائد لها بمقتضى القانون. متوجة هذا المسار بعقد شراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال، الذي نظم بمبادرة منها دورة تكوينية حول تدبير العلاقات مع الصحافة والتواصل الإعلامي والرقمي، لأكثر من خمسين قاض وقاضية من قضاة النيابة العامة ليصبحوا ناطقين رسميين جهويين لرئاسة النيابة العامة بمختلف المحاكم، الهدف منها التواصل الفوري مع مرتادي المحاكم ومختلف مكونات المجتمع، في إطار تقريب الإدارة من المواطن في تواصل مستمر، وتجويد عمل النيابة العامة الذي لم ينحصر في هذا الإطار، بل تجاوزه ليشمل التكوين والتكوين المستمر لكل قضاة النيابة العامة، كان أرفعها الدورات التكوينية بمحكمة النقض لقضاة النيابة العامة بمحاكم الاستئناف، حول ترشيد الطعون وتجويد مذكرات النقض. تبقى هذه الطريقة التي اعتمدتها رئاسة النيابة العامة في التعامل مع موضوع التواصل والإعلام، هي الطريقة الأمثل والفاعلة في تدبير المرفق العمومي في تعامله مع شرائح المجتمع، فالوضوح يعني العلنية، وكما يقال الغسيل النقي ينشر فوق السطوح، فما دامت إجراءاتها ومتابعاتها تتم في إطار الشرعية والمشروعية، ومتحصنة بالقانون كإطار وحيد للاشتغال، فالمآل بطبيعة الحال يبقى هو الشفافية والوضوح والتخاطب في إطار الحق في المعلومة. الانفتاح على المحيط الخارجي : يظهر من خلال التقرير المنجز من طرف رئاسة النيابة العامة، أن الانفتاح على المحيط الخارجي، كان ضرورة حتمية اقتضاها التزام المغرب بالمواثيق الدولية التي صادق عليها، والمبادئ الأساسية الداخلة في خانة الحقوق الكونية، والتي سبق وأن سطرها في تصدير دستور 2011، إيمانا منه بضرورة اعتمادها في بناء دولة الحق والقانون. وهكذا كرست رئاسة النيابة العامة هذا المعطى بكل جدية، فبادرت إلى التفاعل مع الآليات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان، والتواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية، من خلال إعداد تقارير أممية، والمشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان، ومعالجة الشكايات الواردة من المنظمات الدولية، والإعداد لزيارات المبعوثين الأمميين، تمحورت مجملها حول القضايا الدولية الراهنة المتعلقة بمناهضة التعذيب والميز العنصري والاختفاء القسري والاتجار بالبشر وحماية حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، وأشركت في هذه الندوات والبرامج جل مسؤولي النيابات العامة من وكلاء عامين للملك ووكلاء الملك ونوابهم، لتعميم هذه المفاهيم على كل قضاة النيابة العامة، لاستئناسهم بها في العمل اليومي وتنزيل مضامينها على أرض الواقع. وهكذا كانت زيارة المدعية العامة بالمحكمة الجنائية الدولية رفقة نوابها وخبراء دوليين لرئاسة النيابة العامة لمدة يومين متتاليتين، بمثابة دورة تكوينية مهمة اطلع خلالها قضاة النيابة العامة على جميع اختصاصات هذه المحكمة ودورها في متابعة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم الداخلة في اختصاص هذه المحكمة. ولأن لكل جهد جزاء، ولكل زرع حصاد، كانت نتيجة هذا العمل المضني والمميز في زمانه الذي لم يتجاوز خمسة عشر شهرا وفي مكانه الذي طال كل ربوع المملكة ووصل إشعاعه دوليا كافية لتعقبه ردود الفعل الإيجابية سواء وطنيا أو على المستوى الدولي، إذ بادرت عدد من الجمعيات المهنية الدولية بدعوة رئيس النيابة العامة لحضور أنشطتها، وقلدت رئاسة النيابة العامة المغربية عبره، عددا من المناصب المشرفة، جزاء لعطائها ومجهوداته وتألقها في مجال القضاء الواقف، وترسيخ التعاون الدولي والمحاكمة العادلة. فأصبحت رئاسة النيابة العامة عضوا بالجمعية الدولية للمدعين العامين، ونائبا لرئيس جمعية المدعين العامين بإفريقيا، ونائبا لرئيس جمعية النواب العموم العرب، وعضوا ملاحظا بالمجلس الاستشاري للوكلاء الأوروبيين. ومن جهتها بادرت جمعية المدعين العامين لغرب الولاياتالمتحدةالأمريكية بعقد مؤتمر بمدينة سانتا باربرا الأمريكية، واستدعاء رئيس النيابة العامة لحضوره والتعريف بخصائص النيابة العامة في القانون المغربي. أما على المستوى الوطني فقد تم عقد عدة لقاءات من بينها المنتدى الدبلوماسي بالرباط، والذي حضره سفراء وممثلو حوالي أربعون دولة، تم خلاله التعريف بمؤسسة النيابة العامة واستقلال السلطة القضائية. كما لوحظ تحول جدري إيجابي في التعامل مع هذه المؤسسة، فالإعلام الذي نعرفه جميعا بانتقاداته البناءة وكشفه الواضح للاختلالات ومطالبته المستمرة بتجويد الأداء المرفقي في إطار الحكامة الجيدة، أقر أكثر من مرة بنجاعة العمل بمؤسسة النيابة العامة، وهكذا سالت الأقلام الإعلامية وهي تنوه بمبادرة رئيس النيابة العامة في التراجع عن الإكراه البدني والأوامر بالاعتقال الصادرة في حق مرتكبي مخالفات السير، نظرا لعدم استيفائها الشروط الإجرائية المطلوبة، أو لشمولها بالتقادم، حيث كانت مذكرته في هذا الشأن الموجهة لكل الوكلاء العامين ووكلاء الملك، بمثابة عنوان للتطبيق الصحيح للقانون وخط أحمر في مسألة حماية حرية الأفراد. ولإنهاء هذه القراءة البسيطة، لابد من الخروج بخلاصة لهذا التقرير، واستنتاجات استنبطت ما بين سطوره، يمكن إجمالها في رغبة هذه المؤسسة في تنفيذ سياسة جنائية تروم الأداء الجيد والتشاركية الإيجابية لكل القطاعات العاملة واللصيقة بالنيابة العامة، وجعل هذه الأخيرة رافعة اقتصادية بكل المفاهيم، وترسيخ استقلالها تشريعيا وواقعيا. فإشراك ضباط الشرطة القضائية في مختلف الدورات التكوينية واللقاءات القانونية، هي إشارة لتجويد أدائها وتزويدها بعين ممثل النيابة العامة في التعامل مع القضايا، واستشعارها أن المحاكمة العادلة تبدأ من أول كلمة تكتب بالمحضر. وأن دعوة رئيس النيابة العامة لمراجعة الإطار القانوني المنظم للمعهد العالي للقضاء، وإسناد الإشراف عليه للسلطة القضائية، وتمكين النيابة العامة من تنفيذ برامج التكوين، هو إشارة لخلق نيابة عامة متخصصة في جميع المجالات بما فيها مجال المال والأعمال، حتى تكون هذه الأخيرة رافعة اقتصادية للبلد. وأن ارتفاع نسبة المحاضر والشكايات بحوالي 12% خلال سنة 2018، وارتفاع وثيرة عمل قضاة النيابة العامة إلى الضعف، من 13 إجراء في اليوم لكل قاض إلى 25 إجراء، يمكن قراءته من ناحيتين، الأولى رجوع الثقة للمواطن في اللجوء إلى القضاء، الثانية عزم وإرادة النيابة العامة في القضاء على المتخلف والتعامل مع الوارد بالسرعة التي يتحقق معها الردع وترد بها المظالم. أن مطالبة رئيس النيابة العامة للمراجعة الفورية واللازمة للقوانين وتحيينها وتنزيلها على أرض الواقع لتكون سابقة في مداها لسرعة الإجرام، هي ضرورة حتمية للتوفر على وسائل العمل والتمكن من مكافحة الإجرام بنوعيه الجريمة والانحراف، وبسط يد النيابة العامة لتطويق كل المخالفات للقوانين الزجرية، فمثلا قانون شغب الملاعب، وإن كان يهم القاصرين وصغار السن بالدرجة الأولى، إلا أنه لا يضم أي فصل يتعلق بهذه الفئة، للقول بفعاليته واحتوائه كل حالات الإجرام الممكنة. أن إحداث عنوان إلكتروني عمومي، وخط مباشر للتبليغ عن الرشوة, ومركز لاستقبال الشكايات، ووحدات للتتبع المركزي والجهوي للشكايات والدعوى العمومية والقضايا الخاصة، فيه إشارة قوية لتخليق الحياة العامة وجعل القانون فوق أي اعتبار وتشديد الخناق على العابثين بمقتضياته. وأخيرا أقول من منصبي هذا كباحث في الشأن القانوني، أن هذه المؤسسة تسير بخطى واثقة وهي تؤسس ذاتها، واستطاعت أن تؤكد تواجدها ضمن منظومة الدولة، جاعلة خطب جلالة الملك نصره الله منهاج طريقها والقانون والنظم جسر تواصلها، والوضوح شعارا في التعامل مع الأشخاص والمعطيات، فلا يمكن إلا أن نشجعها على هذه المجهودات، لأن الإيجابي منها لم يترك للسلبي مجالا للإثارة. *بتحث في الشؤون القانونية تخصصالنيابة العامة لسنة 2018