احمد بولمان/ عالم اليوم الدولية يصنف إقليمقلعة السراغنة ضمن خانة المناطق التي عانت وتعاني من جفاف هيكلي ، مواسم القحط والجفاف تشكل القاعدة المناخية ، بينما لاتمثل مواسم الغيث والزرع إلا الاستثناء .في كل عشرية لا تسجل المنطقة غير موسم واحد من مواسم الخصب ، حيث يستغاث الناس ويحصدون ويرعون مواشيهم .قساوة الجفاف واستمراره لفترات طويلة لم يكن يخفف من حدته غير القرض الفلاحي ( خصصته الدولة ) الذي كان يدعم الفلاحين المزارعين بقروض ميسرة غالبا ماكانت الدولة تلجأ الى سياسة الاعفاء من ديونها المتراكمة عليهم .لم يخرج الاقليم من عباءة الجفاف وتبعاته الاجتماعية والاقتصادية على سوء وتدني مستوى معيشة ساكنته ، إلا موجات الهجرة الخارجية الكبرى أواسط الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي ،التي أنقذت قرى بأكملها من الجوع وشغف العيش ، وساهمت في ارتفاع الهجرة الداخلية نحو المدن .كما ساهم مشروع مد الاقليم بمياه السقي ،عبر العديد من السدود ، من التخفيف في اعتماد ساكنة العالم القروي على الفلاحة البورية المرتهنة للتساقطات المطرية، وذلك من خلال اعتماد سلاسل فلاحية وانشطة جديدة كغرس الاشجار المثمرة وتربية الابقار الحلوب ..تحسنت بعض الشيء الظروف المعيشية لهذه الساكنة وبدأت في الظهور بوادر طبقة فلاحية وسطى ، لكن لعنة الجفاف أطلت برأسها من جديد وهذه المرة وأصابت القطاع السقوي في مقتل ،آلالاف الهكتارات التي غرست بالاشجار المثمرة ووصلت لمرحلة الانتاج وإعطاء الغلة واستثمر فيها أصحابها أموالهم ومدخراتهم ، لقيت نفس مصير القطاع البوري وأصبحت مهددة في وجودها نتيجة التراجع المهول في حقينة السدود المغذية لها بالماء بفعل توالي مواسم شح التساقطات ونتيجة استنزاف الفرش المائية الباطنية ..رغم أننا نعيب دائما على الدولة أنها لاتخطط للمستقبل ، غير أنها ،في مجال التعامل مع شبح العطش ، كانت سباقة لاستشراف الانعكاسات الكارثية لنذرة الماء .جاءت بالمخطط الاخطر الواعد ، لكن ككل المخططات أصابه العطب في نصف الطريق ولم يحقق كل غاياته .استفاذت منه فقط فئة الاعيان وأصحاب الضيعات الكبرى، بينما الفلاح الصغير وجد صعوبة في الوصول الى المخطط أو أن وزارة الفلاحة لم تكن لها استراتيجة لاستهدافه وإيصال البرنامج الى مستغلي المساحات الصغيرة . معاناة الاقليم مع قلة المياه لم تعد تقتصر على السقي ، بل شملت الماء الشروب ..