يوشك أن يذوب كل الجليد بعد اتساع ثقب التطبيع، لكن تبقى غزة الجبل الشامخ الممتد للسماء المرمم للثقب والمحافظ على اتزان المنطقة بما لديها من شرف وعزة وثبات على المباديء وإعداد متين للحظة حاسمة توجه الأمة خلالها نحو طريق النصر والتمكين، فما يحدث الآن في الوطن العربي كان متوقعاً، يجب أن تبلغ الحلكة أوجها والسواد أشده، حتى يبزغ الفجر، ومن الظلمة ينبثق النور والتغيير قادم لا محالة… ومما لا شك فيه أن غزة المحاصرة هي من فضحت هذا الكيان المسخ وفضحت الأنظمة العربية الخائنة وأبقت جذوة الصراع على الحق مستمرة التي حاولوا بكل الطرق إخمادها والقضاء عليها، هي آخر ما تبقى من فلسطين وليس إتفاقية العار اتفاقية أوسلو الخائنة، والمتربصون مجرد عبيد لأسيادهم ولا يرجى من العبيد شيئاً، هم عبيد من مخلفات الإنتداب البريطاني وبعده الصهيوني الأمريكي ليتغلغل السرطان في جسد الأمة ويستخدمها عند الحاجة… ماكان يجري تحت الطاولات وفي البارات والمراحيض السياسية أصبح الآن معلناً عنه، اليوم تلاقت مصالح الإمارات مع مصالح إسرائيل بأعلى مستوياتها، وأهمها محاربة الشعوب العربية والإسلامية التي تسعى للتحرر من الإستعمار والإستبداد، لكن لا جديد طالما روادها أبناء زيد وآل سلول والعملاء مثل السيسي وأبو الغيط وحفتر ودحلان وماخفي أعظم وعلى الباغي الغادر تدور الدوائر… والسبب في كل هذا وبكل بساطة هو الخوف من وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في هذه الدول، والإخوان حركة وسطية وهي أكبر حركة تمثل أهل السنة وتعكس الصورة الحقيقة للإسلام المعتدل وهذا ما يخشاه الصهاينة الماكرون والدمى العربية المأجورة، لأنه ممنوع على الإسلام الوسطي المعتدل الذي يعري الفكر الإستغلالي المهيمن في الشرق والغرب، المسموح هو التدين الشكلي المتمثل في الصوفية التي تمجد من يحكم بلا فكر، أو في الطرف الآخر ما يسمى بالسلفية التي انقسمت على نفسها إلى قسمين قسم يؤله الحاكم كالجامية ويطيعه في المعصية وإن جلد ظهره وأخذ ماله وحتى وإن هتك عرضه، والقسم الآخر ثار على عباد السلطان وكفرهم وأصبحوا يعرفون بالسلفية الجهادية ومنهم الدواعش وبعض من تنظيم القاعدة، لكن الدين الوسطي المعتدل لو سمح له بالتطبيق لانتشر في الأرض وأخذ الناس يدخلون فيه أفواجاً، ولكن أهل الكبر والأهواء يحاربون ذلك بكل ما أوتوا من قوة حتى يبقوا مسيطرين على هذا العالم.