وأدّوا الأمانات إلى أهلها، فلا فرق بين أن تأخذ من صندوق كورونا لنفسك بلا حق وبين أن تعطيه لغير مستحقيه بلا حق، لأنك في الحالين سارق ولا يغرنك تلبيس إبليس إن زين لك إعطاء المال من صندوق الجائحة لبعض الخلق تبعاً لهواك، لأنك لا تملك حرية أن تعطي فما هذا بمالك ولا مال أبيك ولا ينبغي لك مخالفة ميزان العطاء فيما جعلك الله قائماً عليه، فاترك هواك ولا تقتحم النار بميلك لمن تجمعك به الصداقة أو اللواء الإيديولوجي، والمال العام ليس مال الدولة فحسب بل هو مال الفرد والجماعة والعائلة والفريق والمؤسسة، والصورة واحدة كذلك عندما يعطيك من يملك قرار المال العام ما لا تستحق، فقد سرق لك وقبلت وعليك كما عليه من وزر ذلك، فاحذر في الأخذ كما تحذر في العطاء واتق الله… حجر المواطنين في بيوتهم لن يستمر إلى ما لا نهاية، وسيبدأ الناس بالتملل والضجر، خاصة أولئك الذين فقدوا أعمالهم، وعليه يجب التفكير بطرق جديدة ومبتكرة يمكن من خلالها محاصرة الوباء وتقليل أعداد المصابين به وعودة الحياة لطبيعتها، قد تبدو المعادلة بسيطة، ولكن هذا يتطلب إشراك فئات أخرى في وضع الخطط التي تسير عليها السلطة ولجنة الطواريء المنبثقة عنها… المشكله أن الحكومة لا تملك خطط غير العويل السياسي والإستجداء بالبنك الدولي، والتخبط الواضح في القرارات وليس لديها رؤية لما هو قادم ولا تنظر لجميع القطاعات وكأن الشعب كله بخير وفي أحسن الأحوال… بعد انتهاء أزمة كورونا وينتهي الحجر الذي فرضته الجائحة، ستسود العالم الفوضى، سيتحول بعض التجار وأصحاب المال إلى وحوش لإنقاذ أنفسهم من الإفلاس وتعويض خسائرهم، وللسيطرة على الموارد الغذائية والأسواق الجائعة، تستمر هذه الحال لفترة حتى نصل لبعض الإستقرار، وتسود العالم قيم جديدة… أزمة كورونا من الأزمات التي تعلق في الذاكرة وفي العقل وفي القلب وفي الضمير، وتبقى لفترات طويلة لا تنسى، هذه الأزمة جعلتنا جميعاً قريبين من الموت فإذا لم تجعل منك كورونا إنساناً ذو قلب ورحمة، فأنت وأي حيوان سواء، بل الحيوانات أفضل بكثير لأنها على وحشيتها لديها عاطفة ومشاعر، ولا تمارس وحشيتها إلا لغريزة البقاء التي ركبها فيها الخالق عز وجل… أزمة كورونا يصلح أن يطلق عليها الأزمة الكاشفة، كشفت هشاشة الدول المتقدمة، كشفت مستوى العلاقات بين الدول والمنظومات الدولية، كشفت المنظومات الإجتماعية وقدرتها على التعامل مع الأزمات، كشفت قدرة القادة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، كشفت تغول الأنظمة المالية على الأنظمة الصحية وكيف عملت الحكومات على تهميش الأجهزة التي تعنى بحياة الناس، كشفت العلاقات الأسرية وكيف تدار البيوت عندما يضطر الجميع للجلوس في البيت، كشفت من يقف معك عندما تحتاج في زمن الأزمات، كشفت من يسأل عنك ومن لا يذكرك إلا في الرخاء، وكشفت الأناني الذي يفكر في نفسه فقط، وكشفت أن من يملك المال يحاول ان يسيطر على الموارد.