كشفت ازمة فيروس كورونا عن هشاشة كبرى، لم تعرفها دول الاتحاد على مر التاريخ، بعد الازمة الاقتصادية الخانقة لسنة 2008 التي خرجت منها دول الاتحاد ضعيفة اقتصاديا ومنهوكة القوة، بالاظافة الى اشكالات صعود اليمين المتطرف وتصاعد ظاهرة الهجرة و انعكاساتها ، تبيّن أن التكامل الاقتصادي الذي صمد في وجه الصعاب لمدة طويلة، قد ينهار بالكامل بالنظر لعمق الازمة الجديدة وحدتها . ولكن الأزمة المستجدة كشفت أن ما يصحّ خلال فترة السلم قد لا ينطبق خلال الأزمات، فقد وضعت بعض الدول الأوروبية قيوداً على التصدير، فمنعت تصدير المستلزمات الطبية والأدوية والأقنعة إلى الخارج، واغلق المجال لمساعدة دول في طور الانهيار الاقتصادي، بسبب تأتيرات الفيروس المستجد، على مستوى الارواح و على المستوى الاقتصادي ، وعلى سبيل المثال، رفضت ألمانيا تسليم شركة استيراد سويسرية 240 ألف قناع طبي، ورفضت فرنسا تسليم بريطانيا أدوات طبية بموجب عقود سابقة، كما رفضت تشيكيا تسليم معدات كانت السويد قد دفعت ثمنها مسبقاً. إذاً، وبات واضحا على هامش هذه الأزمة الجديدة، التي ضربت العالم، ومعه الاتحاد الأوروبي، ستدفع حكومات الاتحاد الاوروبي إلى مراجعة شاملة لمبدأ “التكامل الوظيفي” و التعاون الذي كان من الاسس التي بني عليها الاتحاد منذ تأسيسه وتطوره. ،إن ارتفاع منسوب “التعصب الوطني” لن يكون حكراً على المجتمعات الأوروبية أو على اليمين الأوروبي الصاعد فحسب، بل إن حكومات الاتحاد حتى الحكومات قد تعيد النظر في سياسات الاعتماد على التعاون المشترك، وفتح المجال على مصراعيه لمزيداً من التوجهات اليمينية والسياسات “الوطنية”،والسؤال الجوهري المطروح على هامش الازمة الجديدة : ماهي القيمة المظافة للاتحاد الاوربي في ظل التغيرات الطارئة ؟ وهل ستدفع أزمة كورونا إلى تغيير جذري في تركيبة الاتحاد التي ماعادت العملة و التعاون الاقتصادي المتأزم والتبادل الحر قادرة على صموده ؟ ان ماتعرضت له ايطاليا بسبب كورونا التي كانت في امس الحاجة لمساعدة الاتحاد الاوربي، و تفعيلا لمجموعة من الاتفاقات التي اصبحت حبرا على ورق ،ربما امام نظام عالمي جديد قد يبعثر كل الاوراق ويراجع كل التعهدات ، ذخول دول اشتراكية و شيوعية صاعدة اقتصاديا و عسكريا كالصين وروسيا وكوبا ،على الخط لمساندة ايطاليا في ازمتها الخطيرة ،يعد اكثر من رسالة مشفرة لاتحاد الاووربي العجوز و المتهالك ، الاتحاد الذي اصبح كرجل مريض، غير قادر على مواكبة التطورات السريعة لصناعة تكثلات جديدة ، ان الدول التي مسحت دموع ايطاليا لن تكون في معزل عن توجهاتها القادمة بعد التشافي من كارثة القرن ، حيت اتبتت دولة الصين الشعبية مدى جهوزيتها في تخطي كل الصعاب ،كيفما كان نوعها ، في الوقت الذي ظهرت فيه امريكا كقوة عظمى تتهالك قواها ،يوما بعد يوم وهي تستجدي دول الخليج ماديا لترميم اقتصادها المتأزم، باسم حماية الامن القومي وفي زمن قياسي لعبت فيه دور المتفرج على الاقل في مجموعة من المحطات الاساسية ، وان كان الوقت ليس وقت حرب لرسم خريطة سياسية جديدة قد تحفظ ماء وجهها ، واضح ذلك من خلال التحدي الايراني ، والصعود الاقتصادي و التفوق العسكري لدول صاعدة لم تعد قابلة بلعب امريكا دور الدركي العالمي .