تشكل المعالجة الإعلامية للأحداث الإرهابية تحديا كبيرا لوسائل الإعلام، مع تداخل المعايير المهنية وحق الجمهور في المعلومة الموثوقة وتفاصيل الخبر، لكن مع فرض حالة الطوارئ في مصر بعد حادث التفجيرين الإرهابيين للكنيستين، يخشى الوسط الإعلامي من فرض قيود على حرية الإعلام. وتصاعد الجدل بعد مصادرة السلطات، عدد الاثنين من صحيفة "البوابة" (المقربة من النظام)؛ لمطالبتها بإقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار؛ على خلفية التفجيرين. وأكد صحافيون، أن الحديث عن وجود مواد في قانون الطوارئ تعطي لأجهزة الأمن حق مراقبة الرسائل أيا كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم، وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، كلها أمور مطبقة تقريبًا على أرض الواقع، حتى قبل إعلان عودة العمل بالطوارئ. ودللوا على ذلك، بأن صحيفة "البوابة" اليومية، التي يمتلكها الإعلامي والبرلماني عبدالرحيم علي، جرت مصادرتها مساء الأحد، ومنعها من الصدور، عندما خرجت عن الخط المرسوم، وتناولت موضوعات شائكة عن تفجير الكنيستين، وطالبت بإقالة اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية، واتهمت أجهزة الأمن بالتقصير في حماية الكنائس، كما هاجمت بشراسة مجلس النواب. وذهب العديد من العاملين في المجالين الصحافي والإعلامي في مصر، إلى أن إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تطبيق حالة الطوارئ لن يؤدي إلى فرض قيود بالمعنى الحرفي على حرية الإعلام، لا سيما وأن ملاك الصحف والفضائيات يفرضون رقابة بشكل ذاتي على ما ينشر أو يذاع في الوسائل الإعلامية التي يملكونها، حفاظًا على مصالحهم، خاصة وأن كثيرًا منهم من رجال الأعمال. وطالب صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسي في جامعة القاهرة، بضرورة أن يتم تطبيق المواد الخاصة بمراقبة الإعلام في قانون الطوارئ ضمن إطار حدود معينة، ودون إطلاق العنان لأي جهة لتستغل ذلك للانتقام أو التضييق على الحريات الصحافية والإعلامية بتعلّة محاربة الإرهاب. وقال إن هناك مواقع إخبارية مجهولة الهوية تنشر معلومات مغلوطة عن قضايا وأرقام ووقائع لا وجود لها على أرض الواقع، وبالتالي فإن الاحتمال الأقرب أن مثل هذه النوعية من الصحافة هي التي ستتم مواجهتها بحزم خلال الفترة المقبلة، أما ما دون ذلك من مؤسسات صحافية وإعلامية كبيرة، فمن المستبعد أن تتأثر بحالة الطوارئ وبنودها المفروضة على حريات الإعلام. ولم يصدر عن نقابة الصحافيين المصريين بيان رسمي عن مصادرة "البوابة"، ما أوحي بأن هناك توجّها لدى المعنيين بمهمة إدارة الملف الصحافي والإعلامي، بالتركيز على مساندة أجهزة الحكومة خلال الفترة المقبلة. وقال السيسي في خطابه مساء الأحد، عندما أعلن عن تطبيق حالة الطوارئ، إن على الإعلام أن يدرك خطورة المرحلة الراهنة، ويتعامل في إطار من الوعي والحذر الشديدين في تناول القضايا بشكل واقعي وحقيقي، بعيدًا عن التضخيم وكتابة أو إذاعة ما هو مشكوك به.