يحتل القطاع البنكي مركزا حيويا في النظم الاقتصادية والمالية ، وذلك بالنظر إلى التأثير الإيجابي الذي يمارسه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، على اعتبار أنه يساهم في إمداد النشاط الاقتصادي بالأموال اللازمة من أجل تنميته وتطويره من جهة، ومحاربة الاكتناز وتحقيق منافع للمدخرين من جهة أخرى. وتُكون البنوك في مجموعها حلقة تتفاعل داخلها شتى مجالات النشاط الاقتصادي، وهذا يعني أن نمو واتساع هذا النشاط يؤدي إلى زيادة أهمية البنوك واتساع مجال نشاطها وتعدد خدماتها، وقد أصبحت مع ذلك العلاقات ما بين المؤسسات البنكية والمستهلكين متشعبة ومتداخلة، ما أضحى معه الفرد مستهلكا في جميع جوانب حياته مما حتم عليه التعامل مع المؤسسة البنكية التي تمتلك طبعا الخبرة والقوة الاقتصادية، الامر الذي يجعل هذه العلاقة غير متكافئة وغير متوازنة لذلك نشأت الحاجة إلى توفير الحماية اللازمة لهذا المستهلك باعتباره الحلقة الأضعف في هذه العملية. هذا وقد صارت حماية المستهلك تدخل ضمن الالتزامات العامة للدولة فهي المسئول الأول عن دفع كل الأخطار التي من شأنها أن تضر بمصالحه، وهو ما عبرت عنه المغرب من خلال تصدير دستور 2011 الذي جاء فيه " إن المملكة المغربية … تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم…" وقد اهتم دستور 2011 بحماية المستهلك وذلك من خلال تكريسه لمجموعة من الحقوق الأساسية كالحق في الحياة (الفصل 20) باعتباره منطلق باقي الحقوق، و الحق في السلامة الشخصية والمادية (الفصل 21) بضمان سلامة شخص الفرد وكذا حماية ممتلكاته، بالإضافة إلى حق الفرد في السلامة الجسدية و المعنوية (الفصل 22). لقد حضي موضوع حماية المستهلك باهتمام دولي كذلك أرسته البنوك المركزية والمؤسسات المالية الدولية من سنوات عدة، حيث كان من بين البنوك المركزية العالمية السباقة في هذا الإطار البنك الفدرالي الاحتياطي الامريكي الذي أصدر عام 1968 قانون الإفصاح في خدمات التمويل، كما أصدرت السلطات البريطانية قانون مماثل عام 1974 تمثل في قانون التمويل الاستهلاكي، هذا الاهتمام الدولي زكته مجموعة العشرين باعتمادها المبادئ العامة حول حماية المستهلك في مجال الخدمات المالية وذلك في أكتوبر 2011. مباشرة بعد ذلك عمل المشرع المغربي على إقرار القانون رقم 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك بعد طول انتظار، والذي تناول مجموعة من الحقوق الأساسية، كما تناول في شق منه ما يتعلق بموضوع هذه المقالة في القسم السادس منه تحت عنوان الاستدانة. ويصعب التوفيق ما بين تطوير الاقتصاد الوطني من خلال الاهتمام بأدوار المؤسسات البنكية وإعطائها من التسهيلات ما يخولها الرقي بأنشطتها الائتمانية، وبين ضمان حماية كافية للمستهلك سواء خلال مرحلة التفاوض التي يكون فيها المستهلك غريبا عن المؤسسة البنكية، هذه الأخيرة التي يجب عليها التحلي بنوع من المسؤولية وحسن النية أو خلال سريان العلاقة التعاقدية التي يتحول فيها المستهلك الغريب إلى مستهلك زبون، هذه العلاقة التي قد تشهد بعض الاختلالات التي من شأنها التأثير على الوضعية المالية للمستهلك، من خلال كل ما سبق يمكن طرح الإشكال التالي أي حماية للمستهلك في إطار الخدمات البنكية؟. هو إشكال سنحاول مقاربته من خلال اعتماد التقسيم التالي: المبحث الأول: مستجدات المنظومة القانونية البنكية وحماية المستهلك المبحث الثاني: مظاهر حماية المستهلك على ضوء القانون 31.08 المبحث الأول: مستجدات المنظومة القانونية البنكية وحماية المستهلك المطلب الأول: مظاهر حماية المستهلك على ضوء القوانين المنظمة للعمل البنكي أولا: مستجدات القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان جاء القانون رقم 103.12 باعتباره قانونا جديدا يغير ويعدل قانون 2006، ولا شك أن مقتضيات هذا القانون قد جاءت بمجموعة من المستجدات التي أخذت بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، وما تخلل ذلك من أزمات اقتصادية، الأمر الذي تحول معه اهتمام السياسات التشريعية ينحو في اتجاه واحد هو إعادة النظر في الكثير من المعايير، خاصة في مجال الرقابة المصرفية بما من شأنه أن يوفر بيئة مصرفية أكثر أمن وفعالية، قادرة على امتصاص آثار الصدمات المالية وكذا تقلبات الدورة الاقتصادية، هذا من جهة ومن جهة ثانية محاولة منه لاستقطاب رؤوس أموال جديدة حاول المشرع من خلال هذا القانون العمل على إدخال تغييرات همت النظام الذي يقوم عليه القطاع البنكي في جوهره. هذا وقد جاء القانون رقم 103.12 في 196 مادة موزعة على تسعة أقسام، اهتم من خلالها المشرع المغربي على توضيح الإطار المؤسساتي وشروط منح الاعتماد لهذه المؤسسات سواء ما تعلق منها بالمراقبة الخارجية أو الداخلية إلى جانب العقوبات التأديبية والجنائية، وهو ما يؤكد أن اهتمام المشرع انصب بالأساس على توفير أكبر قدر من الضمانات القانونية والمحاسبية التي ستمكن المؤسسات البنكية من مزاولة نشاطها بعيدا عن أي عراقيل أو مخاطر ائتمانية قد تؤدي لا محال إلى زعزعة شريان الاقتصاد الوطني ولو كان ذلك كله على حساب المستهلك. وغير بعيد عن ذلك لا نجد أي إشارة لمفهوم حماية المستهلك داخل هذه المنظومة القانونية، هذا المفهوم الذي لم يرد له أن يدخل بعد إلى حظيرة العمل البنكي، وهو ما سبق أن آخذه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على هذا القانون في صيغته كمشروع، وإذا كان هذا القانون يوفر بعض الحماية القانونية للعملاء في علاقتهم بالمؤسسات البنكية فإن هذه الحماية لا ترقى إلى ما هو مطلوب، فمفهوم العملاء أو الزبناء المعبر عنه في القانون رقم 103.12 لا يتماشى ومفهوم المستهلك الذي يراد به ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائلي، وبذلك تختلف الحماية المقررة في القانون رقم 103.12 عن القانون 31.08 في كون الأولى حماية عامة تشمل المستهلك وحتى المهني فيما تقتصر الحماية المقررة في القانون الثاني على المستهلك وحده. وعلى الرغم مما ذكرناه أعلاه فإن القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، قد أٌقر مجموعة من المقتضيات التي بلا شك ستصب في تخويل المستهلك نوعا من الحماية القانونية وذلك على الشكل التالي: Ø أحقية المستهلك في فتح حساب بنكي بأي مؤسسة بنكية شاء. Ø التنصيص على أن تحدد اتفاقية نموذجية الشروط الدنيا التي ستتضمنها اتفاقية فتح الحساب، وهو ما من شأنه أن يضمن حماية الزبون من تعسف بعض البنوك في تحديد شروط هذه الاتفاقيات. Ø الحق في الإعلام أو الإخبار حيث نصت المادة 154 على وجوب إعلام المستهلك بالشروط التي تطبقها المؤسسات البنكية على عملياتها البنكية خاصة سعر الفائدة والعمولة، كما نصت المادة 155 على ضرورة إبلاغ العملاء بكل إغلاق تقوم به لإحدى وكالاتها مع وجوب إخبارهم بكافة المعلومات المرتبطة بالوكالة التي ستحول إليها حساباتهم، بل إن للزبناء الحق في اختيار البقاء من عدمه كعملاء لهذه المؤسسة وذلك دون أي مصاريف، وهو ما يتوافق والمبدأ الثالث من المبادئ العامة التي قررتها مجموعة العشرين يتعلق الأمر بالإفصاح والشفافية. Ø ضرورة توفير المؤسسات البنكية لنظام داخلي يتلاءم مع حجمها وبنيتها وطبيعة أنشطتها، يمكن من معالجة فعالة وشفافة لمختلف الشكايات التي ترد إليها من طرف المستهلكين، وهو مستجد ينسجم مع المبدأ الأول والتاسع من المبادئ العامة التي قررتها مجموعة العشرين المتعلقين بضرورة توفر آليات رقابية وقانونية لحماية المستهلك من الانتهاكات والأخطار، و بإدارة ومعالجة الشكاوى. Ø وجوب انضمام المؤسسات البنكية إلى نظام وساطة بنكية يهدف إلى تسوية ودية للنزاعات القائمة بينها وبين عملائها، وقد تم فعلا تبني هذا النظام كوسيلة بديلة لحل النزاعات البنكية حيث تم إنشاء المركز المغربي للوساطة البنكية وذلك تفعيلا لمقتضيات هذا القانون وقانون 08,05 المتعلق بالتحكيم والوساطة والقانون 31,08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك. Ø تخصيص صندوق لتعويض المستهلك في حالة عدم توفير ودائعهم أو جميع الأموال الأخرى القابلة للإرجاع، نتيجة لعدم قدرة إحدى المؤسسات البنكية على إرجاع تلك الودائع بسبب مرورها بصعوبات وأزمات مالية، يتعلق الأمر بالصندوق الجماعي لضمان الودائع ويتوخى من خلاله المشرع حسب المادة 129 الاضطلاع بدوريين أساسيين، من جهة تقديم مساعدات ومعونات مالية للبنوك التي تواجه صعوبات وأزمات مالية، ومن جهة ثانية تقديم تعويضات لأصحاب الودائع، والمستجد في هذا الموضوع والذي سيكون له بلا شك دور في توفير قدر من الحماية للمستهلك، هو إحداث شركة مسيرة يعهد إليها بتدبير هذا الصندوق الأمر الذي سيمكنه من القيام بأدواره بشكل أفضل، بالإضافة إلى أنه في حالة عدم كفاية موارد الصندوق لتعويض أصحاب الودائع فإن للشركة المسيرة أن تطلب من المؤسسات البنكية المنخرطة اشتراكات إضافية، وتعزيزا لمبادئ الشفافية فإن المشرع قد ألزم هذه الشركة بوجوب إخبار الجمهور بصفة منتظمة بالمعلومات المتعلقة بالقيام بمهامها. Ø مسؤولية المؤسسة البنكية عن إفشاء السر المهني إذ يتصدر هذا الالتزام قائمة التزامات المؤسسة البنكية، والتي تتعهد من خلاله بعدم إفشاء الأسرار البنكية التي أودعها المستهلك أو التي اطلعت عليها بفعل الممارسة المهنية وكل إخلال بهذا الالتزام يعرض المؤسسة البنكية للمسؤولية، وهو ما يتوافق و حماية بيانات وخصوصية المستهلك باعتباره مبدأ من المبادئ العامة التي قررتها مجموعة العشرين بخصوص حماية المستهلك في مجال الخدمات المالية. ثانيا: مستجدات مدونة التجارة إذا كان قانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، قد عمل على تنظيم الإطار المؤسساتي للمؤسسات البنكية مع إشارته لبعض المقتضيات القانونية بخصوص العلاقة ما بين كل من المؤسسة البنكية والزبون أو العميل، فإن مدونة التجارة نجدها قد اهتمت بشكل كبير بالجانب الثاني، أي تنظيم العلاقة التعاقدية ما بين المؤسسة البنكية والزبون، وذلك من خلال الكتاب الرابع منها تحث عنوان العقود البنكية، فهل فعلا وفر هذا التنظيم حماية قانونية للمستهلك وما هي أهم مظاهر هذه الحماية ؟. لقد تناول المشرع المغربي مقتضيات هذا الكتاب ضمن المواد من 487 إلى 544 موزعة على ثمانية أبواب، ومن أهم العقود التي تم تنظيمها نجد كل من الحساب البنكي وفتح الاعتماد وإيداع النقود والتحويل والخصم، لكن مادام أن غايتنا من هذه الدراسة لا تتمثل في إعطاء دراسة للعقود البنكية وإنما في بحث أهم المستجدات التي أدخلت على مدونة التجارة والتي من شأنها توفير قدر من الحماية للمستهلك. و إن من بين المستجدات التي تصب في هذا الإطار تلك التي جاء بها القانون رقم 134.12 والذي نسخ بموجبه المشرع وعوض المادة 503 من مدونة التجارة، استجابة منه لحل مجموعة من الإشكالات التي تعترض المستهلك الراغب في إغلاق حسابه البنكي والذي غالبا ما يفاجئ بضرورة أدائه للمؤسسة البنكية لمبلغ مالي معين نتيجة تراكم عمولات تشغيل هذا الحساب وكذلك تعقد إجراءات إغلاق هذا الحساب، وعليه فقد بات معه واجبا على المؤسسة البنكية وضع حد لأي حساب بنكي إذا ما توقف المستهلك عن تشغيله مدة سنة من تاريخ آخر عملية دائنة مقيدة به. إن ما يمكننا أن نستنتجه من خلال ما جاء في القوانين المتعلقة بتنظيم العمل البنكي هو أن مقتضياتها جاءت بصفة عامة، لا تخاطب المستهلك فقط بل تخاطب الزبون أو العميل، أي سواء أكان مستهلكا وفق التعريف المتعارف عليه دوليا ووطنيا أو غير المستهلك، وإلا لما كانت الحاجة إلى وضع قوانين خاصة بحماية المستهلك تتوخى التلطيف من اللاتوازن العقدي. المطلب الثاني: أي دور للبنوك التشاركية في تعزيز حماية المستهلك لا شك أن أهم مستجد جاء به القانون رقم 103,12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها هو القسم الثالث من هذا القانون والذي يحمل عنوان "البنوك التشاركية" وهو مستجد صار معه النظام البنكي المغربي، يعرف إلى جانب البنوك التقليدية ذات التوجه الرأسمالي، بنوكا تشاركية تنهل من الشريعة الإسلامية قواعدها وأحكامها، وهو أمر لم يكن من السهل التسليم به أمام قوة البنوك التقليدية وتحكمها في دواليب الاقتصاد الوطني، لكن التطورات التي شهدتها البنوك الإسلامية على المستوى العالمي خاصة في الدول الغربية، وكذلك التوجه الاستثماري الذي تتسم به هذه البنوك، إلى جانب صمودها في وجه الأزمة الاقتصادية، وتطلع رؤوس أموال أجنبية وفئات كبيرة من المجتمع المغربي إلى هذه البنوك كلها معطيات عجلت بشكل أو بآخر إلى خروجها بعد طول انتظار. لكن هذا الخروج لم يكن سلسا بل أحاطت به عوائق وعواقب، فلا يمكن أن نتصور تنازل البنوك التقليدية للبنوك التشاركية، أو حتى إعطائها قدرا من الحرية والاستقلالية في مباشرة أنشطتها التشاركية وهو ما يعد انقلابا على مبادئ المنافسة المشروعة، وهو ما يؤكد تحكم وهيمنة البنوك التقليدية في الاقتصاد الوطني، ورحم الله العلامة علال الفاسي حين أشار في كتابه دفاع عن الشريعة بأن الحل لإزاحة المعاملات الربوية هو أن تعمل الدولة على تأميم البنوك، إذ ذاك يخلو لها المجال للتخلي عن الربا وإبداله بالبنوك التشاركية التي تقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية. الأمر الذي انعكس بالسلب على القانون 103.12 مما يجعلنا نقول بأن نظامنا البنكي مع هذا القانون هو نظام بنكي هجين، حيث نجد أن البنوك التشاركية تم تأسيسها من طرف بنوك تقليدية ولا داع أن ندخل في شرعية الرأسمال من عدمه،(مرجعية رأسمالية + مرجعية إسلامية) وهي محاولات لخلق بنوك وسط بين كلا المؤسستين، إلى جانب ذلك فإن القانون الجديد خول للبنوك التقليدية إمكانية اعتماد المنتوجات التشاركية، في محاولة طبعا للتخفيف من وقع ما ستعرفه البنوك التقليدية من منافسة قوية وكذلك ما سيعقب ذلك من ضخ الأموال في البنوك التشاركية وتحويل أخرى من البنوك التقليدية. لكن يبقى السؤال الذي يهمنا في هذا الإطار ما هي الحقوق التي كرسها القسم الثالث من هذا القانون المتعلق بالبنوك التشاركية، وما هي الإضافة التي يمكن أن تساهم بها في حماية المستهلك؟. أولا: حق احترام الميول العقدي للمستهلك بعد أن كان المستهلك يجد حرجا في التعامل بالفائدة نظرا لعدم توفر صيغ بديلة توافق رغباته وميوله العقائدي، وحتى إن كان بنك المغرب قد سمح لبعض البنوك التقليدية باعتماد منتوجات بديلة سنة 2007 إلا أنها لم تكن بالكيفية المطلوبة ولم تلقى أي استجابة، هذا وإن كانت النصوص القانونية نفسها قد تناولت هذا الحق بمنعها التعامل بالفائدة بين المسلمين بموجب الفصل 870 من ق ل ع وهو ما أيده وأكده كل من الفقيهين القانونيين محمد الفروجي وعبد اللطيف هداية الله، مؤكدين أن تعامل البنوك التقليدية بالفائدة لا أساس له قانونا وإنما فرضته الممارسة والواقع الاقتصادي بحكم طبيعة عمل البنوك التقليدية التي تشكل الفائدة بالنسبة إليها أهم المرتكزات التي يقوم عليها نشاطها. وعليه فإن خروج البنوك التشاركية ما هو إلا تكريس للفصل 870 من ق ل ع، الأمر الذي يخول للمستهلك الاختيار بين المعاملة بالفائدة والمعاملة بالربح، فقد صار للمستهلك الحق في احترام ميوله العقدي وقناعته بالمعاملات التشاركية، وقد تعزز هذا الحق بموجب المادة 54 من القانون 103.12 والتي نصت في فقرتها الثانية على أنه " يجب ألا تؤدي هذه الأنشطة والعمليات المشار إليها أعلاه إلى تحصيل أو دفع فائدة أو هما معا"، إلى جانب المواد 62 و 63 و 64 من نفس القانون، بالإضافة إلى المادة 10 من الظهير المنظم للمجالس العلمية التي تم بموجبها إحداث اللجنة الشرعية بالمجلس الاعلى التي تبدي رأيها في جميع المعاملات المالية التشاركية. وهي كلها ضمانات لحق المستهلك في التعامل بعيدا عن الربا أو الربا الباطن، خلاف ما عليه الحال بالنسبة لقانون حماية المستهلك والذي لم يشر إلى أي مقتضى من هذا القبيل بل بالعكس من ذلك نجده يولي حماية خاصة بالنسبة للمنتجات التي تعتمدها البنوك التقليدية، مما بات معه ضرورة تعديل هذا القانون حتى يتلاءم والمنتجات التشاركية. ثانيا: عدم الخضوع للإذعان في إطار ما تتميز به المؤسسات البنكية من احتكار للأنشطة البنكية فإنها بذلك تفرض شروطها في علاقتها التعاقدية مع المستهلك، فما على هذا الاخير سوى الإذعان للصيغ التي تتعامل بها هذه المؤسسات، وبعيدا عن محاولة الاستنجاد بفكرة الشروط التعسفية المعمول بها في قانون حماية المستهلك، نجذ أن البنوك التشاركية والصيغ التي تعتمدها تتجه في إطار منح المستهلك هامشا من الحرية التعاقدية في معاملاتها وهو ما يتبين لنا من خلال المواد 55 و 56 و 58 من قانون 103.12، فغالبا ما نجد تكرار المشرع لعبارة "ما اتفق عليه مع العملاء" وذلك على مدار مواد القسم الثالث من هذا القانون، وهو ما ينفي فرضية العقد النموذجي أو الإذعان الواسع التطبيق في البنوك التقليدية حيث يخضع المستهلك لشروط البنك في جميع المعاملات المبنية على القرض. الأمر الذي لا يمكن استساغته بالنسبة للمنتجات التشاركية من خلال المادة 58 والتي يؤكد المشرع فيها على أن هامش الربح هو حصة متفق عليها بين البنك والمستهلك وليس نسبة مئوية كالفائدة، مما يدل على أن هامش الربح يخضع للمساومة وليس للاذعان، وقد أكدت اللجنة الشرعية للمالية التشاركية هذا التوجه في رأيها بشأن مشروع منشور والي بنك المغرب، المتعلق بتحديد المواصفات التقنية الخاصة بمنتجات التمويل التشاركي وكيفية تقديمها إلى العملاء، حيت أكدت على ضرورة مراعاة قواعد التعاقد القائمة على مبدأ التراضي وانتفاء أي صيغة للإجبار والإذعان بين البنك والعميل. المبحث الثاني: مظاهر حماية المستهلك على ضوء القانون رقم 31.08 من الصعب أن نتحدث عن توفير حماية للمستهلك في إطار القطاع البنكي، فإذا كانت النصوص القانونية المنظمة للعمليات البنكية قد عجزت عن توفير قدر من الحماية فإن قانون حماية المستهلك حاول جاهدا توفير بعض الإجابات عن مجموعة من الإشكالات التي كان يعاني منها المستهلك، فإلى جانب تناول هذا القانون لمجموعة من الحقوق الأساسية نجده قد عمل على تنظيم كل من القروض الاستهلاكية والقرض العقاري في القسم السادس تحت عنوان الاستدانة، وهو بذلك يسير على درب المشرع الفرنسي الذي تناول بالتنظيم ضمن الكتاب الثالث من قانون المستهلك المديونية وخص القسم الأول من هذا الكتاب للقروض الاستهلاكية من خلال المواد L311-1 إلى L311-28 ومن ضمن المواضيع التي اهتم بها المشرع الفرنسي ضمن هذا القسم، نجذ كل من نطاق التطبيق، والإعلان، والقروض المجانية، وعقد القرض، والاعتماد، والسداد المبكر، وتخلف المقترض، إلى جانب المخالفات والمسطرة. المطلب الأول: الحماية القبلية للعملية التعاقدية أولا: التزام المقرض بالإعلام والنصيحة ينشأ في إطار علاقة البنك بالمستهلك حق لهذا الأخير والتزام في جانب المقرض هو الالتزام بالإعلام والنصيحة هذا الالتزام الذي نشأ في أحضان القضاء الفرنسي قبل أن يكرسه المشرع باعتباره التزاما قانونيا يقع على المهني، فما المقصود به وما هي حدوده والإشكالات التي تعتريه ؟ يقصد بالالتزام بالإعلام الإدلاء المعاصر لتكوين العقد والسابق على إبرامه بكافة المعلومات والبيانات الجوهرية، التي تتعلق بالخدمات محل التعاقد والتي يجهلها المقترض ويتعذر حصوله عليها من غير المقرض، أما الالتزام بالنصيحة فيقصد به تنوير بصيرة المستهلك قصد اتخاذ القرار المناسب، أو بعبارة أخرى ذلك المجهود الذي يقوم به البنك من أجل أن يدل الزبون على التصرف الأكثر ملائمة مع مصالحه، وإذا كان الأول يهدف إلى تقديم معلومات محايدة وموضوعية فإن الثاني غايته تبصير المستهلك وإعطاؤه إعلام ملائم يتطابق وحاجاته. وتكون الغاية الأساسية من هذا الالتزام هي إيجاد رضا سليم وحر لدى المقترض حال إقباله على التعاقد مما من شأنه خلق نوع من التوازن العقدي البنكي، وبالتالي تخويل المقترض إمكانية اتخاذ القرار السليم، كما تكمن أهمية هذا الالتزام في هذه المرحلة في تمكين المستهلك المقترض من مضمون الأداء القانوني الخاص بالطرف الآخر الإحاطة بجوانبه القانونية والمادية كما تمكنه من تقدير الأداء الخاص به هو والالتزامات التي يتحملها. وعلى الرغم من أن المستهلك المقترض يتوفر له الحق في الاستعلام إلا أن الالتزام في الاعلام والنصيحة يبقى على عاتق المقرض، وهنا تثار إشكالية الحشو والإكثار من الإعلام إلى درجة يصبح معها المستهلك تائها وسط معطيات تقنية وإخفاء الشروط الأساسية أمام أكبر عدد من الشروط غير ذات الأهمية، في مقابل ذلك نجد إشكال آخر وهو نقيض الأول يتمثل في الكتمان الذي قد يلجأ إليه بعض البنكيين والذي ذهب فيه القضاء الفرنسي إلى ترتيب مسؤوليته على المقرض. كل ما قيل أعلاه يفيد بلا شك اهتمام المشرع بوضعية المستهلك وبمحاولة توفير أكبر قدر من الحماية، لكن في مقابل ذلك يثار التساؤل عن الطبيعة القانونية لهذه الالتزامات وما هو جزاء مخالتفها؟ لقد أقر المشرع المغربي ونظيره الفرنسي جزاءا زجريا على عدم التزام البنك بالإعلام يتمثل في غرامة مالية، غير أن هذه الأخيرة قد تبدو غير رادعة بالنسبة لمؤسسات ذات إمكانيات مادية كبيرة، كما فرض كلا المشرعين جزاءا مدنيا يتمثل في حرمان البنك من الحق في الفوائد. أما بخصوص الالتزام بالنصيحة فإن كل من القضاء والفقه الفرنسيين يجمع على اعتبار هذا الالتزام التزام ببدل عناية، وما يبرر ذلك أن المهني أو المورد لا يتحكم في نتائج النصائح التي يقدمها للمستهلكين، كما أن المستهلك ليس ملزما بتطبيق النصائح المقدمة له، ولذلك فإن محكمة النقض الفرنسية وبهدف تحقيق حماية كافية للمستهلك غالبا ما تعمد إلى تحميل الموردين عبء إثبات تنفيذ الالتزام بالنصيحة. وعليه وفي غياب أي نص قانوني صريح يبين أحكام عدم الالتزام بالنصيحة من طرف المقرض، ونظرا لكون الإخلال بهذا الالتزام يؤدي في الغالب إلى تعيب إرادة المستهلك فقد ذهب القضاء ومعه الفقه إلى البحث عن حل قانوني في الأحكام الخاصة بنظرية عيوب الإرادة، مادام أن الغاية الأساسية لهذا الالتزام هي توفير الرضا الحر وتبصير المستهلك الذي يكون في مواجهة طرف يتوفر على الخبرة والحنكة التعاقدية والتفاوضية. وكما نعلم فإن مصير العقد الذي شابت إرادة أحد عاقديه عيب هو القابلية للإبطال ، لذلك فإن الجزاء المناسب عن الإخلال بالالتزام بالنصيحة هو الإبطال على سبيل القياس للتماثل في العلة، غير أن الإبطال في كثير من الأحيان لا يتناسب مع هدف المستهلك في تلبية حاجاته ورغباته، ولأجل تحقيق حماية موضوعية وفعلية للمستهلك فقد اتفق الفقه والقضاء على قيام مسؤولية المهني، واعتباره مخطئا لإخفائه المعلومات التي كان يجب عليه الإدلاء بها، مما ألحق ضررا بالمستهلك وهو ما يجعل هذا الأخير محقا في طلب التعويض تأسيسا على مسؤولية المهني التقصيرية. ثانيا: العرض المسبق آلية لحماية المستهلك يعتبر العرض المسبق أحد أهم الضمانات القانونية للمستهلك والتي توفر له مركزا قانونيا قويا إلى حد ما، يستطيع معه أن يفاوض ويساوم المقرض، وهو مرحلة وقائية بامتياز قبل التكوين النهائي لعقد القرض، وبذلك فإن هذا العرض المسبق يوفر للمستهلك حماية قانونية تتمثل أساسا في حق هذا الأخير في التفكير والتروي ومحاولة تقييم طبيعة ومدى الالتزام المالي الذي يمكن أن يتعهد به، وكذلك شروط تنفيذ العقد، بما من شأن ذلك ألا يؤثر في قادم الأيام على وضعية المستهلك المقترض المادية والمعنوية. إن هذا الحق في التفكير والتروي يقتضي بلا شك ضرورة أن يكون العرض المسبق محررا بشكل واضح ومتوفرا على الشروط القانونية المنصوص عليها في المادة 206 من قانون 31.08 وإن كان يتبين أن المشرع قد جعل بعض هذه البيانات وهي أساسية بيد المقرض من قبيل تحديد الأقساط المستحقة دوريا، والتكلفة الإجمالية المفصلة للقرض وكذلك سعر القرض الفعلي الإجمالي، وهي كما يتضح بيانات من الأهمية بما كان، فوجودها من عدمه قد يؤثر على سلامة رضا المستهلك المقترض وهنا نفتح قوسا للقول بأن على المؤسسات البنكية أن تجعل من بين أهدافها الأساسية تحقيق رضا المستهلك، وذلك من خلال محاولة التقليل من المخاطر الناتجة عن ممارسة أنشطتها البنكية، وعلى الرغم من ذلك فإن المشرع قد أحسن صنعا حينما أحال على نص تنظيمي بشأن تحديد نموذج للعرض المسبق والذي جاء باللغة العربية وبشكل واضح. المطلب الثاني: حماية المستهلك إبان سريان العلاقة التعاقدية أولا: حماية المستهلك من الشروط التعسفية لقد تناول القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك مجموعة من المقتضيات التشريعية، التي تصب في مصلحة المستهلك باعتباره طرفا ضعيفا في العلاقة التعاقدية التي قد تربطه بالمؤسسة البنكية خاصة ما يتعلق بالشروط التعسفية، حيث عرف المشرع الشرط التعسفي بموجب المادة 15 كما يلي "يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك" ويظهر أن المشرع المغربي حسب البعض لم يوضح معيار القوة الذي يتميز بها الطرف القوي في عقود القروض، خاصة إذا ما قارنا هذا التعريف بما جاء به المشرع الفرنسي باعتبار الشرط التعسفي ‘الشروط المفروضة من طرف المهني على المستهلك والتي تخول الاول بسبب ما له من قوة اقتصادية تجاه الطرف الاخر ميزة فاحشة" وأن التعريف لم يستوعب بشكل شمولي عمليات الائتمان الاستهلاكي، مثله مثل المشرع الفرنسي تأثر بتوجيهات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالشروط التعسفية في العقود المبرمة بين المهنيين والمستهلكين، إذ أصبح المعيار المعتمد لاعتبار الشرط تعسفيا يقاس بمدى تحقق نتيجة الإخلال الكبير الملموس بتوازن العقد لصالح المهني. و قد عمل المشرع المغربي متأثرا كذلك بتصور المفوضية الأوروبية على تحديد قائمة بالشروط التعسفية وذلك على سبيل المثال لا الحصر وفق المادة 18 على أن تتوفر فيها العناصر المتطلبة في المادة 15 من نفس القانون، فما هي مظاهر حماية المستهلك في هذا الباب؟. أول ما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد هو أن المشرع جعل للقواعد المتعلقة بالقسم الثالث من النظام العام، وبالتالي فإنه بإمكان القاضي المعروض عليه هذا النوع من القضايا إثارة الطابع التعسفي للشرط من تلقاء نقسه، إلى جانب ذلك فقد ألزم المشرع البنوك بإثبات الطابع غير التعسفي للشرط موضوع النزاع وذلك بموجب المادة 18 من القانون 31.08. هذا وقد عالج المشرع بعض الشروط التي كانت ترهق المستهلك المقترض خاصة ما يتعلق بالمحكمة المختصة والسداد المبكر، فأما بخصوص المسألة الأولى فقد كانت البنوك تفرض الموطن الذي ستقام فيه الدعوى والذي في الغالب يكون بعيدا عن موطن المستهلك، وهو ما جعل المشرع بموجب المادة 111 يفرض إقامة دعوى المطالبة بالأداء أمام المحكمة التابع لها موطن أو محل إقامة المقترض خلال السنتين المواليتين للحدث الذي أدى إلى إقامتها، أما عن السداد المبكر والذي كانت تتحكم فيه البنوك فإن المشرع تدخل صراحة وخول للمستهلك المقترض بمبادرة منه وبدون أن يجبره المقرض على ذلك، أن يقوم في أي وقت ودون أن يكون مطالبا بأدا أي تعويض عن الأداء المبكر لمبلغ القرض الممنوح له كله أو بعضه. وقد رتب المشرع المغربي من خلال المادة 19 عن الشرط التعسفي جزاء البطلان، فهذه الشروط إن وجدت تعتبر باطلة وكأنها لم تكن، وحسنا فعل المشرع في هذا الأمر بحيث أنه لم ينص على بطلان العقد بل فقط بطلان الشرط التعسفي واستمرار العقد بما في ذلك من مصلحة كبيرة للمستهلك. ثانيا: حماية المستهلك من المديونية المفرطة إن من شأن نقصان الحماية القانونية للمستهلك أو ضعفها أو حتى بوجودها أن يصل بالمستهلك المقترض إلى أصعب مرحلة في المسار التعاقدي وهي عدم قدرته على سداد القرض أو ما يصطلح عليه بالاستدانة المفرطة أو المديونية المفرطة، وقد عملت مجموعة من التشريعات على تنظيم هذه الوضعية وكيفية معالجتها فنجد مثلا أن المشرع الفرنسي قد خصها بكتاب خاص بها هو الكتاب السابع، حيت تطرق من خلاله إلى وسائل معالجة هذه الوضعية. في مقابل ذلك نجد المشرع المغربي وإن لم يعمل على تنظيم موضوع تسوية المديونية المفرطة للمستهلك إلا أنه تناول بعض الآليات التقليدية التي يمكن الاستعانة بها في توفير قدر من الحماية للمستهلك وهي كالتالي: 1- الإمهال القضائي تناول قانون حماية المستهلك هذه الآلية في المادة 149 منه وهي تهدف في مجملها إلى منح فرصة إضافية للمستهلك المقترض قصد تنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتقه، متى ما حالت بينه وبين تنفيذها ظروف معينة، وقد سن المشرع هذا المقتضى مراعاة منه لبعض الوضعيات الصعبة التي تجعل المستهلك غير قادر على الوفاء بالتزاماته أو تجعل تنفيذها مرهقا له، كفصله من عمله أو مروره بحالة اجتماعية غير متوقعة. وما يزيد من حماية المستهلك هو اعتبار أحكام الإمهال القضائي من النظام العام، بحيث لا يمكن الاتفاق على مخالفة مقتضياته أو تنازل المستهلك المقترض عن هذه المهلة، بل أكثر من ذلك نجد أن المشرع خول اختصاص النظر في هذه المهلة لرئيس المحكمة مع ما تتميز به أوامر هذا الأخير سواء من حيث سرعة إجراءاته أو قوتها التنفيذية، غير أنه تبقى لرئيس المحكمة السلطة التقديرية الواسعة في منح المهلة القضائية من عدمه وفقا لما جاء بالمادة 149، ويعاب على المشرع أنه حدد سقف هذه المهلة في حدود سنتين كحد أقصى لا يمكن أن يتجاوزه المستهلك المقترض، وكان على المشرع أن يترك أمر تحديد هذه المدة لرئيس المحكمة حسب كل حالة وظروفها. وتجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يحصر منح المهلة القضائية للمستهلك المقترض بضرورة الفصل عن العمل أو وجود حالة اجتماعية غير متوقعة، بل بالعكس من ذلك جعلها واردة على سبيل المثال وهو ما يستشف من عبارة النص "يمكن ولاسيما"، الأمر الذي يشكل أحد المظاهر الحمائية للمستهلك. يضاف إلى ذلك أن المشرع خول لرئيس المحكمة إمكانية تقرير عدم ترتيب أية فوائد طيلة المهلة القضائية، وكذلك تحديد كيفية أداء المستهلك المقترض للدين المتبقي خلال الفترة الموالية لهذه المهلة، لكن ما يعاب على المشرع المغربي أنه قصر هذه المقتضيات الحمائية فقط على القروض الاستهلاكية والقروض العقارية، وهو ما من شأنه المساس بالحماية المخولة للمستهلك. 2- توقف المستهلك المقترض عن الأداء خصص المشرع المغربي لهذا المقتضى المادة 104 من قانون حماية المستهلك ويبدو أن هذه المقتضيات لم تخول للمستهلك الحماية المرجوة، وذلك على اعتبار أن المشرع ألزم المستهلك بمجموعة من الأداءات، حيث ألزمه بالتسديد الفوري للرأسمال المتبقي المستحق مع الفوائد الحال أجلها وغير المؤداة، كما رتب على المبالغ المتبقاة فوائد عن التأخير تتراوح بين 2 و 8 بالمائة، وهو خلاف ما عليه الحال بالنسبة للبنوك التشاركية والتي تمنح المستهلك نظرة الميسرة دون أن ترتب عليه أي فوائد عن التأخير، لكن نجد أن بعض هذه البنوك تعتمد هذه الفوائد تحث مسمى التعزيرات المالية بالنسبة لمن امتنع عن الأداء عنوة أو قصدا وغالبا ما يتم صرف هذه المبالغ في وجه الخير والإحسان، وقد كان من بين المقترحات بخصوص الحالة المغربية تحويل مثل هذه التعزيرات المالية إلى مؤسسة محمد الخامس للتضامن. باحت في قانون الشغل والعلاقات المهنية