هل بدأت عواصف الربيع العربي تضرب أوروبا؟ هذا السؤال بات زعماء القارة العجوز يطرحونه بشدّة هذه الأيام، ونهار اليوم 20 أبريل/نيسان، انطلق اجتماع مشترك لوزراء داخلية وخارجية أوروبا حول الهجرة، ما يؤكد أن الظاهرة باتت تِؤرق أوروبا بقوة، خاصة بعد المعلومات التي أشارت إلى غرق سفينة تقل 950 شخصا، ليل الأحد في مضيق صقلية، إضافة إلى قارب آخر أفادت الأنباء نهار اليوم أنه كان يقل على متنه 300 مهاجر غير شرعي غرق هو الآخر في عرض البحر الأبيض المتوسط، وهو ما أكدته المنظمة الدولية للهجرات. حوادث غرق المهاجرين غير الشرعيين لا يمكن أن نصنفها إلا في خانة العار الذي لحق بأوروبا، والتي لم تتخلّص بعد من عقيدتها الإستعمارية، فراحت تتحالف مع الأمريكيين والصهاينة لتدمير أسس الدولة في بلدان عدّة على رأسها ليبيا، التي تحوّلت إلى أهم منطلق للهجرة غير الشرعية، جراء الإنفلات الأمني بها، وتقاتل الإخوة الليبيين الأشقاء، الذين جاءت أمريكا مدعومة بدول أوروبية وعربية لنشر الديموقراطية فيها بقوة السلاح، فكان أن تدمّرت ليبيا، وانسحب المُعتدون إلى قواعدهم، في إطار استراتيجية مدروسة مسبقا، هدفها الرئيسي والأساسي، هو تحويل ليبيا "الجديدة" إلى بؤرة لتصدير الفوضى والإرهاب إلى العديد من الدول الإفريقية والعربية، بل بالأحرى أن العدوان حوّل ليبيا إلى مستنقع أفغاني جديد، باتت دول الجوار تدفع الثمن غاليا لمُواجهته وإيجاد الحلول لتجفيفه، ولم يخطر ببال المُعتدين أن عواصف الرياح التي زرعوها في ليبيا سوف لن تعصف ببلدانهم، فآخر الإحصائيات غير الدقيقة، تشير إلى أن 218 ألف مهاجر قد حاولوا عبور المتوسط طمعا في الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي العام الماضي من خلال الحدود الجنوبية للمتوسط، وقد توفي منهم 3500 مهاجر غرقا خلال محاولتهم عبور المتوسط، حسبما ذكرت وكالة الأممالمتحدة للاجئين في بيان أصدرته مؤخرا، والرقم هذا سيتضاعف بحسب المراقبين، خلال هذا العام، نظرا لاتّساع دائرة الفوضى الخلاقة، والتي أُدخلت إليها أخيرا الجمهورية اليمنية، بسبب العدوان السعودي عليها، وهو العدوان الذي باركته أوروبا وأمريكا وحتى إسرائيل، وإذ أقول ذلك، فلأن غالبية ضحايا الهجرة غير الشرعية، إمّا فرّوا من بلدانهم بسبب الفقر والحروب، أو طمعا في دخول ما توهّموا أنه "الجنة الأوروبية"، فاليوم تُطالعنا الأخبار بشكل مُتواصل عن تنظيم رحلات "الموت" من جهات عدة من الضفة الشمالية لإفريقيا، تضم في غالب الأحيان هاربين من نيران الحرب في سوريا والعراق واليمن ومالي…. والكلّ يعلم أنه حتى قبل البدء في تنفيذ مؤامرة الربيع العربي، كانت أوروبا تشتكي من ظاهرة زحف المهاجرين غير الشرعيين نحوها، لكن أوروبا لم تتعظ، وانساقت وراء حليفتها أمريكا لمساعدتها في نشر فوضاها الخلاقة، هذه الفوضى التي ضاعفت أمواج الهاربين إلى أوروبا برأي المُراقبين، وهو ما سبق أن حذرنا منه منذ سنة 2011، حيث أشرنا إلى أنّ المتضرر الأكبر من العدوان الصهيو أمريكي الغربي، سيكون أوروبا بالأساس، بسبب موقعها الجغرافي، فالولايات المتحدةالأمريكية، هي بمنآى عن الأضرار لموقعها الجغرافي البعيد، لكن تحذيراتنا وتحذيرات العديد من المحللين لم تجد آذانا صاغية، إلى أن وقعت الكارثة، وبرأيي أن فاجعة أوروبا ستكون أكبر مما يُمكن تصوّره في حال إصرارها على مواصلة الإنخراط في المؤامرات التي تستهدف تدمير بعض الدول العربية والإفريقية، لأنه لا يُستبعد على الإطلاق أن تركب بعض الجماعات الإرهابية وعلى رأسها داعش، موجة الهجرة السرية لإيصال عناصرها إلى أوروبا على أساس أنهم ضحايا "الأنظمة الديكتاتورية" التي يُحاربها الغرب، لإقامة قواعد لها في قلب أوروبا، ومن ثمّة القيام بعمليات إرهابية لن تقوى القارة العجوز على تحمّلها ومُواجهتها، وأقول ذلك لأن فرنسا أصيبت بالذعر والإرتباك جراء عملية "شارلي إيبدو" التي نفذها ثلاثة عناصر إرهابية فقط، ولنا أن نتصوّر ما سيلحق بفرنسا وأوروبا ككل عندما تزحف جحافل الإرهابيين تحت غطاء الهجرة السرية. صراحة لا أريد للمدنيين الأوروبيين أن يدفعوا ثمن مُغامرات قادتهم، فالإرهاب مُدان في كلّ بُقعة من العالم، لكن الأكيد والمؤكد، أن دماء الأبرياء في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر وتونس والجزائر… سوف لن تذهب سدى، وأن منطق التاريخ هو من سينتقم لها