وأنا أقلب صفحات المواقع الرياضية وانبش في عناوين المقالات التي صدرت عقب الهزيمة العاصفة في ليبروفيل فاجأني هذا الاهتمام المبالغ فيه بكرة القدم من بعض الصحف الوطنية الموضوعاتية الحزبية منها أو المستقلة فحتى تلك التي تعودت على أن تفرد للرياضة صفحة أو صفحتين تسيدت عنواينها بعباراة فضفاضة أخبار فريقنا الوطنية موظفة كافة التعابير الحربية اللازمة لمثل هاته المناسبات ، فاجأني أنه بقدرة قادر أصبح الجميع مفتيا مصلحا وقادرا على أن يضع يده على مكامن الخلل في منظومتنا الكروية على تحليل وضع منتخبنا الوطني ، للاسف فقد جانبت العديد من منابرنا الإعلامية الصواب وابتعدت عن جادة الموضوعية في كثير من طروحاتها وانساقت وراء تفريغ مكبوتات ساخطة على الوضع العام لتسقطها على واقع منتخب وطني أجمع الجميع على أنه مريض ولا يحتاج لجرعات قاتلة إضافية من الغريب أن أقرأ مقالات لإعلاميين كبار خانتهم التعابير وربما ثقافتهم الرياضية المحدودة وهم يحاولون تشريح واقع ممارسة كروية ورياضية متردية فابتعدوا كثيرا عن المهنية وحتى اللياقة فليست الجرءة استعمال مصطلحات شعبوية لا أرى طائلا من ورائها سوى رفع قيمة المبيعات ، ولأنني لا أريد أن أسير في نفس الخط فإنني أقتبس جملة قال فيها أوسكار فيلوني " من السهل أن تحصي الموتى بعد أن تضع الحرب أوزارها " أي أنه اصبح من السهل جدا على كل من ارتأى أن يكتب عن المنتخب الوطني بلغة ساخرة كوميدية تقتل ملل القارىء وتحيي فيه روح الدعابة المفقودة الما لما آل إليه مستوى منتخبنا الوطني ، بعيدا عن المنطق والتحليل العقلاني الممنهج و المبني على اسس علمية و تحليلات لأهل الاختصاص فإن بعضا من اساتذتنا في الميدان الإعلامي ولكامل الأسف وظفوا أنفسهم محللين ومدربين ومسؤولين ومتتبعين وتقمصوا كل هاته الأدوار في قالب يخدم أجنداتهم الخاصة أجد انه من المخجل جدا أن يصبح منتخبنا الوطني مادة لبعض الأقلام المناسباتية التي تتخذه مطية خدمة لأغراضها وزيادة في رقمها الشهري فذلك تحدث في افتتاحيته عن مرض السكري وذلك تحدث عن غابة الحيوانات وذلك يتساءل مستهزئا إن كان مومن مؤمنا حقا ؟ ;وآخر يحاكم المحذوفي ،وسؤالي هنا بريىء كل البراءة محترم كل الاحترام أين هي كرة القدم في كل هذا ؟ أين هي الرياضة في هاته الأطروحات الجميلة والمتقنة ؟ ...... ،غير انني لم أجد لسؤالي جوابا مقنعا يشفي غليل علامات الاستفهام التي طرحتها المثير في الأمر أنها نفس المنابر من تكرر نفس النبرة الحزينة ذات كل مرة من تلفق حوارا صحفيا أو من تبني خبرا مصطنعا على بروبغندا من وحي الخيال ألم يكن حريا بأساتذنا في مدرسة الوطنية والحرية أن يرفعوا شعار التضامن مع صحفنا التي تتعرض للاغتيال يوميا ألم تكن تلك القضية الاهم أم أن إخفاق المنتخب الوطني الجديد جاء لينقذ ماء الوجه فالقصة مثيرة جدا لتكتب في عدد أو اثنين لذلك فالصفحات محجوزة للسخرية والتنكيت حتى الرابع عشر من نونبر وهكذا لا زلت أقرأ نفس الكلام منذ عهدي بالإعلام الرياضي المغربي مصطلحات رنانة تشبه الوضع الكارثي لهزيمة منتخبنا في مباراة لكرة القدم على أنه النهاية نفس المسببات والاسباب تتكرر على ذات الألسن غذاة كل هزيمة نفس الطروحات والآراء وما يحز في نفسي أن يسقط الكثير من أطرنا وإعلاميينا في فخ الرداءة وتكرار نفس الاسطوانات المشروخة التي لم يفدنا ترديدها في شيء ، مازلت اسمع عن اللاعب الأجنبي وعن اللاعب المحلي مازلت أسمع ولسوء حظي عن اللاعب المغربي واللاعب القادم من أوروبا مازال البعض يتحدث عن هذا وذاك ويبيع صكوك الوطنية على هواه ينقد من يشاء ويبجل من يشاء لم يملك أحد الشجاعة الأدبية المطلوبة ليصرخ بأعلى صوت : كلنا مذنبون كلنا مسؤولون عن ما نتج من هزالة منتخبنا الوطني اعلاميين ومسؤولين ولاعبين وجمهور ، أليس معيبا أن نزيد والوضع لا يحتمل أي زيادة من فجوة الهوة بين مغاربة الداخل ومغاربة الخارج نحن كلنا مسؤولون عن التباعد الفكري بينهم فاللاعب كائن يحس ، لكننا كثيرا ما نقوم بالشحن الكهربائي لمن نسميه اللاعب المحلي نهيئه ليكون قنبلة موقوتة نصوره على أنه المظلوم وأن القادم من الضفة الأخرى هو الظالم هو المسؤول عن سنوات عذابه أوليس مخجلا أن ينحدر إعلامنا إلى درجة الابتذال وينصرف عن وظيفته الحقيقية ويتفرغ لتصفية الحسابات ، لست هنا في موطن الدفاع عن أحد فلطالما رميت بسهام النقد المخطئين باختلاف أماكنهم ووظائفهم، لكني متفاجأ للمد والجزر اللذي أطالعه كل صباح فكل يغني على ليلاه ويضع أسبابا على حسب أهوائه الخاصة والنتيجة دائما ما تكون بعيدة عن الصواب لقد أصبح بعض من هذا الكلام مستهلكا ولا يسمن ولا يغني من جوع سوى روي عطش قارىء في قالب كوميدي يوهمه أن كاتب المقال سيد العارفين وبدل اقتراح حلول موضوعية يستشار فيها أهل الميدان نصب البعض نفسه مسؤولا وطالب بهذا وذاك ، للأسف لم أقرأ شيئا قريبا إلى المنطقية والموضوعية إلا من ندر فقليلة هي الأقلام التي تمتعت بحيادها المعتاد ورباطة جأشها واحترافيتها في الطرح فالعمل الصحفي ليس مبنيا على التهكم بقدر ماهو نقد بناء وتشريح متأني لكل جوانب أي مشكل أو طارىء عوض توظيف أسلحة القاموس الشعبي و استخدام عناوين مجلات الإثارة والفضائح الهوليودية لجلب أكبر عدد ممكن من المتعاطين مع زمن الكلام المستهلك بقلم : عماد استيتو