بودلير يقول كوني جميلة، وكوني غبية، باعتبار أن الجمال يكفي وزيادة. والمرأة هذه الأيام تصدقه، بدليل أنها تهتم بطلي وجهها بالأحمر والأبيض ولا تأبه بتنمية ذكائها، وتهتم بالتسريحة أكثر من اهتمامها بما تحت التسريحة. أما توفيق الحكيم فإنه يقول كوني جميلة، وكوني ذكية، فالجمال من دون ذكاء يقتل صاحبته - أحيانا يقتلها من الداخل - عندما يزرع في نفسها الغرور، ويجعلها تشعر بأنها مميزة، وأنها ليست بحاجة إلى مؤهلات أخرى، بما فيها الذكاء، وأحياناً يقتلها فعلياً، كما حدث لمارلين مونرو، التي قضى عليها جمالها. وقمة الجمال هي أن تكون المرأة جميلة، ولا تعرف أنها جميلة أو كما تقول فيروز «حلوة والخصر بيلوي، وما بتعرف انها حلوة، لا توعيها عاحالها»، لأنها اذا وعت وعرفت أنها حلوة ضاع نصف جمالها. وكل النساء اللواتي قتلهن شهريار كن جميلات، بل في منتهى الجمال. ولكنه ذلك الجمال الغبي الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه بالذكاء، ولا يستطيع أن يحمي صاحبته، وذكاء شهرزاد هو الذي أنقذها، ولو كانت مثل الآخريات اللواتي قابلهن شهريار لكان مصيرها كمصيرهن، ولسقطت رقبتها الجميلة على النطع، ولكن ذكاءها أنقذها، بل أضفى عليها سحراً خاصاً جعل شهريار يجلس أمامها كل ليلة، لألف ليلة وليلة، كما يجلس الطفل الصغير أمام جدته، تروي له الحكاية تلو الأخرى وهو شبه مبهور بتلك المتعة الذهنية التي تستثيرها الحكايات، وبعد ألف ليلة وليلة، اكتشف أن المتعة الذهنية التي وفرتها له شهرزاد أفضل من المتع الجسدية التي وفرتها له الآخريات، فأبقى شهرزاد، ولم يندم لأنه قتل اللواتي سبقنها.