أشارت صحيفة «غارديان» البريطانية إلى بوادر الانقسام الدولي، مع تزايد الأنباء عن قرار وشيك للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، على خلفية اتهامه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. ولفتت الصحيفة إلى أن تعبئة المواقف بين معارض ومؤيد للقرار المتوقع إصداره في وقت لاحق من الشهر، خرجت إلى العلن بشكل بات ينذر بانقسامات حادة تضع أي قرار للمحكمة أمام خيارين، الاتهام بالانحياز أو فقدان المصداقية. وفي هذا الإطار ، نقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية قولها إن لجنة من ثلاثة قضاة ستجتمع في مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بعد أيام ، لتصادق على طلب المدعي العام للمحكمة، لويس مورينو أوكامبو، استصدار مذكرة الاعتقال. ولم تستبعد هذه المصادر أن يواجه القرار بعض المصاعب السياسية التي تستدعي الاستعداد لكافة الاحتمالات، شريطة أن لا تعرقل هذه الحسابات تطبيق المبدأ الأساسي المتمثل بالبحث عن السلام وتطبيق العدل. عدالة الرجل الأبيض وفي تلخيص لمواقف الطرفين، تدعم المجموعة المعارضة، المؤلفة من الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجموعة الدول النامية ال77 ب، الإضافة إلى روسيا والصين، مطالب السودان لإسقاط التهم الموجهة إلى البشير أو تعليقها. وتقول الصحيفة إن الموقف لا يقف في كثير من التصريحات المعلنة عند هذا المطلب فحسب، بل يتجاوز ذلك لوصف القرار بأنه يندرج في إطار "عدالة الرجل الأبيض"، وهي عبارة طالما استخدمت للدلالة على تطبيق القانون بتفسير غير عادل. ويعتبر المعارضون أن أي محاولة لاعتقال البشير ستقوض السلم والأمن في دافور ، وتهدد فرق الإغاثة والقوات الدولية في الإقليم ، بما فيها جنود الأممالمتحدة البالغ عددهم 20 ألفا، يضاف إليهم مئات المنظمات غير الحكومية الدولية. وتستشهد الصحيفة في الإشارة إلى هذا الموقف بالتصريحات السودانية الرسمية التي دأبت على القول بأن الخرطوم لن تتحمل مسؤولية ما قد تفرضه تداعيات القرار من غضب شعبي محتمل ضد المنظمات الأجنبية أو فرق الأممالمتحدة في دارفور. الموقف المؤيد في المقابل، يرى المعكسر الثاني أن يحظى على تأييد دولي في دعم قرار المحكمة الجنائية الدولية، مثل اليابان، ودول الاتحاد الأوروبي قاطبة، وعدد من دول أميركا اللاتينية. وتنقل الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن أي تجميد أو إلغاء لقرار المحكمة سيعمل على تدمير مصداقيتها، وستدفع المدعي العام للاستقالة من منصبه، مع الاعتراف بأن المضي قدما في هذا الموقف سيعزل الدول الأفريقية وغيرها من الدول الموقعة على ميثاق المحكمة. يشار إلى أن قمة الاتحاد الأفريقي، التي عقدت مؤخرا في العاصمة الإثيوبية، أصدرت بيانا واضحا أجمعت فيه الدول المنضوية في إطار هذا الاتحاد، على أن أي قرار باعتقال البشير من شأنه أن يقوض الجهود المبذولة لتحقيق الأمن والسلام في درافور. ولم يكتف البيان بذلك، بل ذكر بأن الأمر قد يطال منطقة القرن الأفريقي بأكملها بسبب المساحة الجغرافية الكبيرة للسودان، وتداخلاته مع المحيط الإقليمي وبشكل لم يمنع أي طرف إقليمي من التأثر من التداعيات المحتملة. بيد أن الصحيفة أعادت التنويه بمواقف فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة بإصرارها على رفض أي محاولة لتفعيل المادة السادسة عشر من ميثاق المحكمة الدولية التي تخول مجلس الأمن الدولي حق تعليق أو تأجيل قرارات المحكمة. وتشير الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة -غير الموقعة على اتفاقية تأسيس المحكمة الجنائية الدولية- تبدو أكثر تشددا تجاه السودان بعد قدوم إدارة الرئيس باراك أوباما. وبدا لافتا -حسب الصحيفة البريطانية- ما قالته المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة ، سوزان رايس، بأن واشنطن ستواصل النظر في كل ما يلزم للتعامل مع أي محاولة لعرقلة أو تعطيل القرار، أو مع العنف المستمر في دارفور، بما في ذلك الأفعال الانتقامية التي قد تنجم عن قرار المحكمة الدولية.