هبطت أسواق المال في العالم خلال الأسبوع الأخير في وقت تصاعدت فيه الدلائل على استفحال الأزمة الاقتصادية في كل الدول. وتعاني اليابان أسوأ ركود منذ 35 عاما, بينما يواجه الاقتصاد البريطاني تدنيا في أدائه هو الأشد حدة له منذ 30 سنة تقريبا, وتتجه ألمانيا نحو الانحدار بخطى هي الأسوأ منذ 20 عاما تقريبا. أما الولاياتالمتحدة _التي هي في قلب عاصفة التراجع الاقتصادي العالمي- فإن سوق الوظائف فيها يسجل أردأ أداء له في عقود من الزمن. وتشهد الاقتصاديات الناشئة انكماشا بوتيرة لم يتكهن بها إلا قلة، وحتى الصين التي لا يزال اقتصادها ينمو بنسبة 6,8% في السنة, تواجه هي الأخرى أعدادا هائلة من العاطلين عن العمل مما يثير المخاوف من وقوع اضطرابات. ونبّهت حدة الركود الاقتصادي العالمي الاقتصاديين, الذين لا يرون ثمة محركا واضحا يدفع نحو الانتعاش. وفي هذا السياق يقول جوناثان لوينيس _كبير الاقتصاديين الأوروبيين بمؤسسة كابيتال إيكونوميكس للاستشارات الاقتصادية- إن معظم اقتصاديات الدول الغربية المتقدمة تتجه نحو أكثر التراجعات تعقيدا التي لم يُر لها مثيل منذ عدة عقود, وربما منذ الحرب العالمية الثانية في بعض الحالات. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي نحو 300 نقطة أمس ليغلق عند أدنى مستوى له منذ بروز الأزمة المالية. وتدافع المستثمرون المذعورون إلى الاستثمار في الملاذات الآمنة كالسندات المالية للحكومة الأميركية والذهب. وانهارت أسهم البنوك في العالم مما يعكس ضعف الثقة في قدرتها على البقاء في مشهد اقتصادي دولي متراجع وتزايد القلق من الافتقار إلى خطة منسقة تهدف إلى التحرر من النظام المالي الخاص برهن الأصول الفاسدة. وطوت الأزمة المالية تحت جناحيها دولا كان أداؤها الاقتصادي إلى عهد قريب يتسم بالقوة. فاقتصاد اليابان _ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة- انكمش بمعدل 12,7% في السنة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2008, وهو أكبر انكماش له منذ الأزمة النفطية في أواسط سبعينيات القرن الماضي. وسيشهد الاقتصاد البريطاني انكماشا هو الآخر بواقع 3,3% متأثرا بتداعيات الأزمة الائتمانية, أي ضعف ما كان متوقعا له في الأشهر الثلاثة الماضية.