توجهت هيئات حزب الاستقلال في خشوع إلى مقبرة سيدي بنعاشر يوم الخميس الماضي بحضور مفتش الحزب بسلا أنس بنغموش لإقامة مراسم الترحم على الشهداء الأبرار الذين سقطوا في ساحة الشرف يوم 29 يناير 1944 مسترخصين أرواحهم في سبيل الحق والدفاع عن كرامة الوطن. وتلا الحاضرون الفاتحة والدعاء بالرحمة والمغفرة لرموز العمل البطولي، الذين قادوا معركة التحرير تخليدا للنضال المغربي ضد الاستعمار الفرنسي. وتذكر الاستقلاليون في هذه الذكرى الروح النضالية العالية التي ميزت أبناء مدينة سلا المجاهدة، ففي هذا اليوم خرج أبناء سلا قاطبة في مظاهرات موحدة قل نظيرها ضد الاستعمار الفرنسي الذي طالما حاول خلخلة الوحدة المغربية وتلاحم العرش بالشعب. ففي مساء يوم الجمعة 28 يناير 1944 عقد التنظيم السري لحزب الاستقلال «مجموعة الفتح» بسلا اجتماعا استثنائيا برئاسة المجاهد أبوبكر القادري حيث نظم العمل لمواجهة تحديات الإدارة الفرنسية، وفي اليوم الموالي، وفور علم مدينة سلا باعتقال أحمد بلا فريج واليزيدي، انطلقت المظاهرات من المسجد الأعظم، رغم وجود كتيبة من الشرطة مدججة بالسلاح، لكن عزم وإصرار المتظاهرين بحقهم في الاحتجاج على حملات القمع التي قادتها السلطات الاستعمارية في حق قادة حزب الاستقلال وأعضاء الحركة الوطنية الذين كانوا تقدموا بوثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944. ولم يكن تهديد جيش الاحتلال ليحول دون تنظيم مسيرة كبرى توجهت نحو مدينة الرباط، لكن سلطات الاحتلال استدعت كتيبة أخرى مدججة بالسلاح لمحاصرة المتظاهرين، وحين اشتبك المتظاهرون مع جنود الاحتلال قامت الأخيرة برميهم بالرصاص فأصيب عدد منهم بجروح. وفي الوقت الذي كان فيه المراقب المدني الفرنسي يستعد لكبح زحف المسيرة عند باب الجباز، كان عزم المتظاهرين يزداد لمواصلة التقدم نحو الرباط، لكن الجيش الفرنسي قام بإطلاق النار عليهم، فسقط عدد كبير منهم بين شهيد وجريح. وكان في مقدمة الشهداء خناثة الروندة، وبوعزة بن العربي والجيلالي الفيلالي وبلال بن فاتح الدكالي والشهيدة رحمة زوجة الدكالي، واخلافة الزمراني. وحينما رأى الشهيد أحمد بن عبود تزايد تساقط شهداء مدينة سلا في معركة الشرف تقدم من شرطي فرنسي وطعنه بخنجره، فتم إلقاء القبض عليه في الصباح الموالي وحوكم بالإعدام الذي نفذه المحتل في صباح عيد المولد النبوي وسنه رحمه الله لا تتجاوز السابعة عشرة سنة.