قال السيد مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إن تخليد الذكرى 79 لانتفاضة ماء بوفكران يروم بالأساس استخلاص العبر والدروس من هذا الحدث التاريخي الهام، بما يفيد حاضر البلاد ومستقبل أبنائها مع إبراز التلاحم المتين الذي يربط العرش بالشعب والذي يعتبر سر نجاح الأمة المغربية وانتصاراتها . وذكر السيد الكثيري خلال تجمع خطابي نظم يوم الجمعة الماضي بمكناس بمناسبة تخليد الذكرى 79 لمعركة بوفكران، بالتضحيات الجسام التي قدمها سكان مدينة مكناس والمناطق المجاورة يومي 1 و 2 شتنبر 1937 في مواجهة الاستعمار، الذي كان يهدف إلى بسط نفوذه على المنطقة واستنزاف خيراتها من خلال إصداره لقرار يقضي بتحويل مياه واد بوفكران لتستأثر بها ضيعات المعمرين، وحرمان بقية السكان من سقي أرضهم مشيرا إلى أن الانتفاضة العارمة والثورة الحاشدة التي خاض غمارها أبناء هذه الأرض أربكت حسابات المستعمر وأكدت مدى قوة وتمسك المغاربة بأرضهم وحماية ثرواتها وخيراتها مهما كلف ذلك من ثمن . وأضاف أن سكان مدينة مكناس وضواحيها جسدوا خلال هذا الحدث التاريخي أروع صور الكفاح والصمود ضد قوى البطش والطغيان، ولقنوا المستعمر أبلغ دروس النضال من أجل حماية المكتسبات الوطنية وصيانة كرامة البلاد وعزتها. وأوضح المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن معركة وادي بوفكران اقترنت مع تنامي مرحلة النضال السياسي لنشر الوعي الوطني وترسيخ إشعاعه وتجلياته في صفوف شرائح وفئات المجتمع وحشد الطاقات والعزائم لنهج أساليب جديدة في مواجهة الاستعمار بفضل نشاط الحركة الوطنية التي شكلت صفوة من أبناء مدينة مكناس إحدى دعاماتها القوية ورافدا مهما في تعزيزها وإغنائها . وأضاف أن ثورة وانتفاضة الجموع الغاضبة على سلطات الاستعمار وصلت حد الاصطدام الدموي مع هذه القوات التي لم تتوقع ردود فعل بتلك القوة والانتشار وكانت تستبعد قدرة الفلاحين العزل والبسطاء على مواجهتها باعتبار مكناس منطقة عسكرية معززة بحشود من الجنود وتتوفر على ثكنات ومخازن السلاح والتجهيزات المتطورة مشيرا إلى ان المفاجأة كانت كبيرة لما تصدت الساكنة بجرأة وشجاعة ضد قرار تحويل المياه إلى ضيعات المعمرين وآثرت التضحية بأرواحها على الاستسلام لإرادة الاستعمار وعملائه . وأشاد السيد الكثيري بالدور الطلائعي الذي لعبته مكناس وأحوازها بشهامة خلال مسلسل الكفاح الوطني من اجل الحرية والاستقلال مؤكدا ان هذه المنطقة كانت ريادية وسباقة للدفاع عن الوطن في عدد من المحطات التاريخية كما شاركت بفعالية ونجاعة في ملحمة الاستقلال والوحدة حيث أدى ابناؤها واجبهم الوطني بكل وعي والتزام كما جسدوا حضورهم في كل اطوارها .ودعا الأجيال الجديدة إلى استلهام ما تطفح به مثل هذه الملاحم الوطنية من دلالات رمزية وأبعاد عميقة من أجل تحصينها وتجذير الروح الوطنية الصادقة ومشاعر المواطنة الإيجابية في وجدانها وذلك تمشيا مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي ما فتئ يحث في كل المناسبات على استنهاض عزائم الشعب من اجل العمل على مواكبة تطورات العصر واستيعاب متطلبات الألفية الثالثة والانخراط الفعال والإيجابي والملتزم بكل وطنية ومواطنة في ملاحم البناء وإعلاء صرح المغرب الجديد . كما ذكر السيد الكثيري بالمجهودات التي تبذلها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من اجل التعريف بأمجاد المغرب التاريخية وتسليط الأضواء على ملاحم الاستقلال وتوثيق مضامينها وإبراز دلالاتها وتكريم رموزها وإشاعة رسائل الوطنية الحقة والمواطنة الإيجابية في صفوف الناشئة والأجيال الحاضرة والمتعاقبة لتتمسك بقبس هذه الملحمة الخالدة وللدفاع عن ثوابت الأمة ومقدساتها . وتميز هذا التجمع الخطابي الذي نظم بشراكة وتعاون مع عمالة مكناس بتوشيح صدور بعض المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأوسمة ملكية مع تقديم إعانات مادية وعينية لبعض المقاومين وأسرهم وذوي الحقوق .