منحت دولة الإمارات العربية المتحدة، دعما ماليا لمصر التي تعتزم اتخاذ حزمة من إجراءات التقشف لإنقاذ اقتصادها، وذلك من خلال وديعة جديدة بمليار دولار، وافقت أبوظبي على إيداعها في البنك المركزي المصري. ويأتي هذا الإعلان في وقت تواجه فيه مصر نقصا بالدولار مع تراجع الاحتياطي الأجنبي، وتزامنا مع تحضير الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الرأي العام للقيام بإصلاحات اقتصادية تتضمن المزيد من خفض الدعم. وقالت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية إن هذا الدعم يأتي في "إطار التعاون والتنسيق الاستراتيجي بين البلدين، ومن منطلق موقف دولة الإمارات الثابت في دعم مصر وشعبها الشقيق، لتعزيز مسيرة البناء والتنمية، وتقديرا لدورها المحوري في المنطقة". وأكد عمرو الجارحي وزير المالية المصري أن الوديعة الإماراتية "سترفع من الاحتياطي النقدي للدولار في البنك المركزي، و ستساعد على سد الفجوة التي يعاني منها الاقتصاد المصري بسبب نقص الاحتياطي من العملة الصعبة". وقال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي إن وديعة الإمارات ستدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه الحكومة، لافتا إلى أن الوديعة الإماراتية "ستساهم في إحداث حالة من التراجع في سعر الدولار بالسوق السوداء، وستساعد مع اقتراب استلام أول دفعة من قرض صندوق النقد الدولي في انتعاش الحالة الاقتصادية العامة". ويتعرض البنك المركزي المصري لانتقادات متزايدة وسط أزمة الدولار الحادة ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بما في ذلك الدواء، مع عدم توفر المئات من المنتجات. كما تراجعت أعمال البعض من الشركات المصرية بسبب صعوبة الحصول على الدولار لاستيراد المواد الخام. وخفض البنك المركزي في مارس الماضي قيمة الجنيه المصري بنسبة 14.3 في المئة إلى 8.95 مقابل الدولار وسط نقص ازداد سوء في الأشهر القليلة الماضية، بوجود السوق السوداء التي تعرض الدولار بمعدلات أعلى من ذلك بكثير. وكان صندوق النقد الدولي أعلن الشهر الحالي عن التوصل إلى اتفاق مبدئي لإقراض مصر 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى ست سنوات كمدة للوديعة الإماراتيةالجديدة. وفي أبريل الماضي، خصصت أبوظبي 4 مليارات دولار لدعم مصر، بينها ملياران للاستثمار وملياران تودع في البنك المركزي لدعم احتياطي النقد الأجنبي. وستسمح هذه الوديعة للرئيس المصري بتنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي قال إنها "لا تقبل التأجيل". وقال السيسي في مقابلة مع رؤساء تحرير الصحف الحكومية الثلاث، "الأهرام" و"الأخبار" و"الجمهورية"، إن "إجراءات الإصلاح كان يجب اتخاذها من سنين لكن تم التعامل معها بحلول جزئية. والآن لا وقت لدينا للتأجيل والظروف لا تسمح إذا كنا لا نريدها أن تكون أكثر صعوبة".وصرح الرئيس المصري مواطنيه قبل أسابيع بأن "إجراءات قاسية" ستتخذ لإخراج الاقتصاد من تعثره من دون أن يفصح عنها. وتترقب مصر وصول وديعة سعودية بقيمة ملياري دولار لمساعدتها على تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية. وكشفت وزيرة التعاون الدولي المصرية سحر نصر الخميس أن بلادها وقعت على اتفاقية مع السعودية منذ شهرين للحصول على وديعة بقيمة ملياري دولار.ومنذ ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الرئيس الإخواني محمد مرسي، تلقت مصر أكثر من 20 مليار دولار كمساعدات من دول الخليج التي تعمل على دعم خروج القاهرة من أزمتها الاقتصادية والأمنية. وقال مراقبون إن دول الخليج تراهن على تعافي مصر اقتصاديا وأمنيا حتى تعود إلى لعب دورها التقليدي كقوة مركزية في حماية الأمن الإقليمي العربي، خاصة في ظل تنادي قوى إقليمية مثل تركيا وإيران للتدخل في الشأن العربي من بوابة أزمات المنطقة.