فجر وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، قنبلة من الوزن الثقيل خلال استجوابه، يوم الإثنين المنصرم، أمام مجلس النواب عندما كشف النقاب عن تعرضه لما وصفه بعمليات ابتزاز ومساومات من قبل رئيس البرلمان سليم الجبوري وعدد من النواب للحصول على عمولات من عقود التسليح الضخمة لوزارته "على حساب الدم العراقي". ومن المتوقّع أن تأخذ هذه الفضيحة بعدا استثنائيا حيث أنّ مدارها الأساسي وزارة الدفاع، وتأتي في فترة بالغة الحساسية يستعد فيها العراق للدخول في المعركة الأخيرة والفاصلة ضدّ تنظيم داعش؛ معركة الموصل مركز محافظة نينوى. وتكتسي الفضيحة من هذه الزاوية بعدا أخلاقيا مضاعفا يتعلّق بمحاولة استثمار عدد من قادة العراق في الحرب رغم ما يترتب عليها من مآس للعراقيين. ومن جهة مقابلة تعمّق هذه الفضيحة متاعب سليم الجبوري رئيس البرلمان المنتمي للحزب الإسلامي واجهة جماعة الإخوان المسلمين في العراق، والذي أصبح طوال الأشهر الماضية موضع اتهامات كثيرة بالضلوع في الفساد وباستخدام منصبه لممانعة الإصلاح والتصدي له. وكان تعرض في وقت سابق لمحاولة الإطاحة به من رئاسة مجلس النواب من قبل مجموعة من النواب شكلت كتلة برلمانية تحت مسمى "جبهة الإصلاح". وقال العبيدي الذي أصر على استجوابه بعد أن سعى رئيس البرلمان وعدد من النواب إلى تأجيل الاستجواب إلى موعد قادم بعد أن شعروا بأنه مصمم على كشف ابتزازهم ومساوماتهم له، أنه واثق من صحة اتهاماته للجبوري والنواب الآخرين، ويحتفظ بوثائق ورسائل وتسجيلات تدينهم، مبديا استعداده للمثول أمام لجان النزاهة والتحقيق. وفاجأ العبيدي وهو ضابط سابق في الجيش العراقي ومتخصص بهندسة الطيران، النواب وسط صدمة حديثه الخطير، بأن رئيسهم سليم الجبوري ساومه على منع استجوابه مقابل أن يحيل إلى أشقائه جزءا من عقد قيمته ترليون و300 مليار دينار، يتضمن شراء أسلحة وذخائر ومعدات ومركبات عسكرية للجيش العراقي. كما كشف عن محاولات ابتزاز مارسها عليه النواب محمد الكربولي وعالية نصيف وحنان الفتلاوي، وقال إن الأخيرة وهي نائبة شكلت في العام السابق كتلة أسمتها "إرادة" أوفدت إليه النائب السابق حيدر الملا الذي طلب منه دفع مليوني دولار مقابل أن تسحب طلبا تقدمت به في وقت سابق لاستجوابه. ويرتبط الملا الذي فشل في الاحتفاظ بمقعده النيابي في انتخابات 2014 بعلاقات مناطقية مع النائبة الفتلاوي، لانحدار الاثنين من مدينة الحلة مركز محافظة بابل. وذكر مراسل وكالة "العباسية نيوز" في بغداد، نقلا عن مصادر نيابية، أن العبيدي اصطحب معه إلى جلسة استجوابه، عددا من القادة العسكريين وكبار المسؤولين في وزارة الدفاع اعترضت النائبة عالية نصيف على حضورهم معه، على أساس أن الاستجواب يخصه وحده، مما دعا الوزير إلى زجرها بصوت عال وخاطبها ساخرا "استعدي.. فيوم الحساب مقبل". وخلال السنوات الماضية تحوّلت النائبة عالية نصيف التابعة لكتلة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي "دولة القانون" إلى ظاهرة بخطاباتها النارية في الإعلام وتحت قبّة البرلمان وباتهاماتها لأطراف كثيرة بالفساد، محاولة الظهور في مظهر المدافعة عن الإصلاح. لكن اسم النائبة سرعان ما بدأ يظهر في قضايا وفساد ومحسوبية واستغلال نفوذ.